تتردد عبارة «الإطار القانوني» في العملية الانتخابية بكثرة، وقد تصبح مصاحبة للانتخابات بشدة خصوصاً في الأيام المقبلة، وقد يحتار بعض الناخبين في فهم ماهية الإطار القانوني ودوره في الانتخابات، لذا يعرف المتخصصون «الإطار القانوني» بكونه مجموعة الأنظمة القانونية المتعلقة بحقوق الانتخاب التي يستخدمها المواطنون لانتخاب ممثليهم، وقد يشتمل أيضاً على اللوائح الانتخابية التي تخول المواطنين استخدام السلطات العامة بشكل مباشر من خلال استخدام الوسائل القانونية لتحقيق الأغراض التشريعية، وتحديد السياسات العامة.
وفي الوقت الذي يعتبر فيه «الإطار القانوني» أنه مجموعة من القواعد الدستورية، والتشريعية، والتنظيمية، والقضائية، والإدارية، فهو يعد أيضاً وسيلة إجرائية تهدف لتعزيز الديمقراطية التمثيلية المباشرة أو غير المباشرة.
والمتمعن، ولو من بعيد، في قانون مباشرة الحقوق السياسية في مملكة البحرين، سيجد أن دستور المملكة قد أكد في المادة رقم (1) على حق المواطنين رجالاً ونساءً في المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما في ذلك حقا الانتخاب والترشيح، وذلك وفقاً للدستور وللشروط والأوضاع التي يبينها القانون، حيث أكد أنه لا يجوز أن يحرم أحد من حق الانتخاب والترشح إلا وفقاً للقانون.
كما إن من أهم المبادئ التي نص عليها ميثاق العمل الوطني هو أن الشعب مصدر السلطات جميعاً، وله الحق في المشاركة في الشؤون العامة، وللناخب حق في الاختيار سواءً كان هذا الاختيار يتم من خلال وسيط بين الشخص الذي يتم اختياره وبين الناخب، أو قيام الناخب وحده باختيار ذلك الشخص مباشرة، ليكون ممثلاً له في البرلمان.
ولم يوقف القانون حرية الناخب في الاختيار عند هذا الحد فقط، بل تضمنت هذه الحرية أيضاً حق الناخب في اختيار الدائرة الانتخابية، وفي الاطلاع على جداول الناخبين، ومعرفة كيفية إعداد هذه الجداول، متطرقاً إلى نماذج الطعن في جدول الناخبين والمحكمة المختصة بذلك، والاطلاع أيضاً على عمل لجنة الإشراف على سلامة الاستفتاء والانتخاب، والتحقق من توفر الضوابط التي يجب أن تحكمها ومنها الالتزام بأحكام الدستور والقانون، واحترام حرية الرأي والفكر لدي الغير.
وهنا تكمن أهمية السرية في الاختيار التي تعد أساس حرية الانتخاب، إذ إن القانون يعتبر الناخب الذي فقد سرية انتخابه فاقداً لحريته أيضاً إلا في حالات استثنائية، حددها القانون كأن يكون الناخب لا يجيد القراءة أو الكتابة، أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث يستطيع الاختيار شفاهة أمام رئيس اللجنة وبحضور أحد عضويها، إذ إن من شروط الانتخاب كمال الأهلية للناخب التي تسمح له بالانتخاب، والأهلية تتضمن أهلية الوجوب وهي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات، وأهلية الأداء وهي صلاحية الشخص للتعبير عن إرادته تعبيراً تترتب عليه آثار قانونية.
إذاً، فالإطار القانوني للعملية الانتخابية يعد أحد الأطر الهامة التي لا تكتمل العملية الانتخابية إلا بوجودها، كما يعد أهم الوسائل الإجرائية التي تحمي حقوق الناخبين خلال العملية الانتخابية، وتمنحهم فرصة ممارسة حقوقهم الانتخابية دون ضغط من قبل المترشحين، كما يمنح الإطار القانوني للعملية الانتخابية الناخب حق التأكد من السير القانوني للعملية الانتخابية، وعدم تلاعب المترشحين من أجل الحصول على المزيد من الأصوات للفوز في الانتخابات.
إذاً، نستطيع أن نطلق على الإطار القانوني للعملية الانتخابية «البوصلة» التي توجه الانتخابات التوجيه الصائب، كما يعد أيضاً «الدفة» التي تحافظ على اتزان العملية الانتخابية، وتحمي الناخبين من اختيار مترشحين يعملون على إغراق سفينة حقوق الشعب!
معهد البحرين للتنمية السياسية
970x90
970x90