قامت الدبلوماسية الكازاخستانية بعمل تمهيدي كبير للانتقال بالعلاقات مع بلدان منطقة الشرق الأوسط إلى مستوى الحوار السياسي حول القضايا العالمية الهامة.
إن الخمول والتباطؤ الذي تميزت به المرحلة الأولى بدأ يحل محله تدريجياً مناقشة أولويات التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري مع الدول العربية، وعلى الأخص دول مجلس التعاون الخليجي.
في السنوات الأخيرة أخذ التعاون بين جمهورية كازاخستان والدول العربية يكتسب نزعة هادفة إلى تنشيطه، وهذا ما قدمته مجموعة العوامل الجديدة في العلاقات الثنائية والسعي المشترك إلى توسيع التفاعل في كثير من الاتجاهات.
إن العلاقات والشراكات ولاسيما الاقتصادية والتجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول آسيا الوسطى، وتحديداً كازاخستان، قائمة فعلياً سواء من حيث حجم الاستثمارات الخليجية في كازاخستان أو حركة التجارة بين الطرفين، التي شهدت نمواً خلال السنوات الأخيرة، وأن اشتراك دول المجلس وكازاخستان في إنتاج الغاز والبترول فتح آفاقاً كبيرة وواسعة، ساهمت في تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجانبين، معرباً عن تطلعه في هذا المجال للتعاون مع دول هذا المنتدى، لما من شأنه تعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية بينها وبين دول المجلس، ولاسيما في مجال الطاقة.
لو استعرضنا نبذة سريعة لكافة أوجه التعاون بين دول الخليج العربي وكازاخستان خلال العقدين الأخيرين، لوجدنا أن العلاقات ارتفعت بوتيرة كبيرة للغاية، وهنا سنستعرض بعض أوجه تلك العلاقات الخليجية الكازاخستانية.
قامت العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية كازاخستان ومملكة البحرين في 28 مايو عام 1992.
وأصبحت الزيارة الرسمية للرئيس نور سلطان نازاربايف إلى البحرين في سبتمبر عام 1997 حدثاً ملموساً في العلاقات الثنائية.
وأعربت قيادة مملكة البحرين حينها عن استعدادها لتشجيع القطاع الخاص في بلادهم وكذلك البنوك المحلية والأجنبية العاملة في الجزيرة بكافة السبل على القيام بأنشطتها في كازاخستان.
ولقي اقتراح الرئيس نور سلطان نازارباييف بافتتاح مكتب تمثيل لبنوك البلدين في المنامة والماطى اهتماماً كبيراً وترحيباً كاملاً لدى دوائر الأعمال في البحرين، وارتأى الجانبان أن مثل هذه الخطوة تسمح برفع فاعلية العمل على جذب رؤوس الأموال البحرينية لتمويل المشاريع الكبرى في كازاخستان.
لقد بدأت العلاقات بين كازاخستان ودولة قطر كذلك عبر حزمة من الاتصالات الدبلوماسية النشطة، ورفع تبادل الزيارات بين وزيري الخارجية لكلا البلدين في عامي 1997 و1998 العلاقات الثنائية على مستوى جديد نوعياً.
إن الزيارة الرسمية للرئيس نور سلطان نازاربايف إلى دولة قطر في مايو عام 1998 كانت لها أهمية رئيسة في تطوير التعاون الثنائي.
أما بالنسبة لسلطنة عمان، فقد كانت الدولة العربية الأولى التي اعترفت باستقلال كازاخستان في يناير عام 1992 وبدأت قبل الدول العربية الأخرى تنفيذ المشروعات الاقتصادية المشتركة على مستوى الحكومتين، وذلك بالمشاركة في إنشاء اتحاد شركات «consortium» خط أنابيب قزوين.
وأصبحت الزيارة الرسمية الأولى للرئيس نور سلطان نازاربايف إلى سلطنة عمان في سبتمبر عام 1997 حدثاً ملموساً في العلاقات الثنائية والتي تم من خلالها مفاوضات بين رئيس كازاخستان والسلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان.
كما سعت كازاخستان إلى تنشيط التعاون مع دولة الكويت.
وتمت زيارة رسمية لوزير الخارجية لجمهورية كازاخستان إلى الكويت في مايو عام 1997، فكانت اختراقاً دبلوماسياً في العلاقات بين الدولتين الصديقتين، وخلال المفاوضات في الكويت ناقش الجانبان مسائل إقامة الاتصالات على أعلى مستوى وآفاق التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، وكذلك الإعداد لزيارة أولى للرئيس نور سلطان نازاربايف إلى الكويت.
وتمت زيارة رسمية أولى للرئيس نور سلطان نازاربايف إلى دولة الكويت في سبتمبر عام 1997، فكانت مرحلة هامة للعلاقات الكازاخستانية الكويتية.
بدأت العلاقات بين جمهورية كازاخستان والمملكة العربية السعودية عندما أعلنت كازاخستان استقلالها عن الاتحاد السوفيتي في السادس عشر من شهر ديسمبر عام 1991.
وكانت هناك اتصالات دبلوماسية مكثفة، كما كانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي بادرت إلى الاعتراف باستقلال جمهورية كازاخستان.
وقد تم التوقيع على بروتوكول إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في تاريخ 20 أبريل 1994 خلال زيارة وزير خارجية كازاخستان إلى المملكة.
ووضعت زيارة الرئيس نور سلطان نازارباييف للمملكة العربية السعودية في 25-28 سبتمبر من عام 1994 بداية مرحلة جديدة تماماً في علاقات كازاخستان ليس مع السعودية فحسب بل مع الدول العربية الأخرى وخصوصاً دول الخليج العربي.
كان لزيارة سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز إلى كازاخستان تأثير جوهري بالغ على طبيعة العلاقات الكازاخستانية السعودية ونوعيتها، وقد أرست الزيارة أساس بدء مرحلة بناء علاقات المشاركة الاستراتيجية بين كلا البلدين ودفعت كازاخستان في الواقع إلى مرتبة الشريك السياسي والاقتصادي الأول للسعودية في حوض بحر قزوين ورابطة الدول المستقلة، ولاتزال كازاخستان حتى اليوم البلد الوحيد في الرابطة الذي زاره مسؤول سعودي على هذا المستوى.
كما أعطت زيارة سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز لكازاخستان دفعة قوية لدعم علاقات جمهورية كازاخستان مع دول مجلس التعاون الخليجي التي تمثل علاقات جيدة مع الجمهورية.
إلى جانب أن هذه الزيارة أدت إلى تقوية علاقات الجمهورية مع العالم الإسلامي وترسيخ مكانة كازاخستان مع منظمة المؤتمر الإسلامي وسياستها واستقلالها.
وأخيراً تتوجه الدبلوماسية الكازاخستانية إلى تطوير تنشيط العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة، كما يخلق تطابق مواقف الدولتين في كثير من القضايا الدولية والإقليمية أساساً لتعميق التفاعل في الساحة الدولية. لقد نقلت زيارتان رسميتان للرئيس نور سلطان نازاربايف إلى الإمارات في عام 1998 وفي عام 2000، العلاقات الثنائية إلى مستوى جديد ونوعي، كما أتاحت إقامة الاتصالات الودية المتينة مع قيادة الإمارات والتعاون الاقتصادي والتجاري.
بهذه الرؤية الواضحة خلال العقدين الأخيرين وطبيعة العلاقات المتينة بين دول مجلس التعاون الخليجي وكازاخستان، يتضح للمتتبع أن المستقبل لهذه العلاقات، يجب أن يصل إلى مرحلة متقدمة من الازدهار والنماء، وهذا ما ستشهده الأيام القادمة بإذن الله.