كتبت - ريناتا عزمي:
«تسمعني؟ آلو.. حول .. خلي اللقطة لليمين شوي .. مشهد المدرسة لازم يطلع .. لا لا أرجع خطوتين ..أوك ستـــــــوب.. الحيــــن لقطة دورانية وهي قاعدة تمشي السيكل..»، من خيمتها وفي إحدى النواحي المنزوية بالعاصمة الرياض وبمعية الشاشة الصغيرة والهاتف اللاسلكي تدير وتتابع المخرجة السعودية هيفاء المنصور إخراج فيلم «وجدة»، وتنقل عن بعد التوجيهات الإخراجية لطاقم الفيلم. قطع التصوير مراراً أمر اعتيادي لأجل التعامل مع الأهالي المحتجين الذين يريدون لعملية التصوير أن تتوقف فوراً. تلك محاولة جهيدة لإخراج فيلم سينمائي في مجتمع يجهل أو لربما يخاف السينما!.
قد يستغرب البعض تلك المحاولة لصناعة فيلم في ظروف غير مناسبة، «ولو أن المخرجة اختارت بلداً غير السعودية لكان ذلك أوفر للوقت والجهد» البعض يقول. لكن هيفاء ترد موضحة: «إخراج القصة من بيئتها يضعف خصوصيتها، وقربنا من البيئة يحفظ للقصة جوهرها». ورغم الصعاب التي واجهت صناعة الفيلم فقد نال جوائز عدة ورشح للأوسكار، وعن سر هذا النجاح السعودي تقول المنصـور: «نجـاح «وجــدة» يكمن في كونها قصة إنسانية بحتة».
الفيلم بروايته لقصة فتاة تدعى «وجدة»، الحالمة باقتناء دراجة هوائية أسوة بأولاد الحي في ظل رفض مجتمعي لتلك الفكرة، إنما يذهب لأبعد من ذلك بكونه يمثل إسقاطات على واقع المرأة السعودية وعن ذلك تقول المنصور: «وجدة هي البداية، والمرأة السعودية أمامها الكثير لتقطعه، وبقدر ما للظروف من تحكم فإن إصرار السعوديات على إثبات وجودهن يمثل الحلقة الأهم».
وتناولت المخرجة هيفاء حيثيات واقع السينما الخليجية والسعودية بالتحديد، في أمسية ثقافية نظمها الإثنين مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والفنون ضمن مهرجان ربيع الثقافة، حيث تقول: «المشكلة في أن المجتمع السعودي مجتمع شفهي يحسن نظم الشعر لكنه لا يعرف الصورة فهي عليه غريبة». وأمام ما يكتنف ذلك الواقع من صعوبات فإنه في الوقت نفسه «ثمة محاولات جادة لاحتواء الفن السابع».