جدد مجلس النواب أمس تمسكه بقراره حيال منع الأجانب من حيازة رخصة السياقة إلا بشروط، بعد إعادة المداولة على المادة العالقة في قانون المرور بعد إسقاطها من قبل مجلس الشورى قبلاً «بسبب تعارضها مع اتفاقيات حقوق الإنسان واحتوائها على شبهة دستورية»، فيما أكدت وزارة الداخلية أن «منع الأجانب من رخص السياقة سيشكل كارثة في ظل حقيقة عدم وجود نقل متطور وأن أكثر من نصف سكان المملكة هم من المقيمين».
ورأت إدارة المرور من خلال ممثلها بجلسة النواب «مشكلة استخدام الأجانب للنقل الخاطئ كالنقل بالأجرة ونقل الطلبة، لا تحل بحرمان جميع الأجانب من الرخصة»، مشيراً إلى أن «المشكلة بسيطة أن العقوبة لا تتعدى غرامة 10 دنانير، وإذا كانت هذه مشكلتكم، فشددوا العقوبة». وقرر النواب التمسك بقرارهم السابق بشأن المادة (20) المستحدثة في مشروع قانون بإصدار قانون المرور، والتي تمنع الأجانب المقيمين غير الخليجيين من الحصول على رخصة قيادة ما لم تكن طبيعة عمله تقتضي ذلك.
وكان النواب صوتوا بجلسة الأسبوع الماضي على التمسك بقرارهم السابق، بعد أن رأى مجلس الشورى حذفها لوجود شبهة عدم الدستورية ولمنافاتها لحقوق الإنسان، إلا أنه بجلسة الأمس، طلب وزير شؤون مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل إعادة المداولة في هذه المادة ومادتين أخريين.
وقبيل طلب الفاضل، أعاد النواب التصويت على مادتين لم يحظيا بالأغلبية بالجلسة الماضية، فتكرر الأمر ذاته، فبين المستشار القانوني ضرورة ترحيلهما للدور المقبل، فطلب الوزير الفاضل إعادة المداولة فيهما، ولكن طلبه لم يحظ بالأغلبية.
وأصر النواب على ضرورة وجود مادة منع الأجانب من رخص السياقة باعتبارها جوهرية، وبهدف تخفيف الازدحام بالشارع مع ضمان عدم تسرب العمال ومنافسة سائقي التاكسي وذلك عبر التتكس العشوائي الذي يمارسه الأجانب، وطلب النواب وضع ضوابط لمنح الرخصة أسوة بالكويت، إذ قال النائب عبدالحليم مراد إن «الكويت مساحتها أكبر من مساحة البحرين وعملت على وضع الضوابط، ونفذت عدم منح الرخصة للأجانب إلا وفق ضوابط تتعلق بالمؤهل العلمي وبطبيعة العمل وبضمان الإقامة لمدة أكثر من سنتين».
الوزير الفاضل أكد أن «القانون مضى عليه 8 سنوات بالسلطة التشريعية ولا يختلف اثنان عليه، وتأجيله للفصل القادم غير ممكن، وأنا أطالب بإعادة التصويت».
من جهته، أوضح الوكيل المساعد للشؤون القانونية بوزارة الداخلية العميد محمد بوحمود أن «القانون مرتبط بعدة حلقات، وأن مادة منع الأجانب تتعارض مع باقي المواد والاتفاقيات المتعلقة بإجازة النقل الدولية، وتوجد شبهة عدم دستورية، لا أحد ينكر حق الدولة في تنظيم القانون فيما يخصها، ولكننا نواجه مشكلة أن أكثر من نصف سكان البحرين أجانب، إذا منعوا ستحصل كارثة لعدم وجود نقل نظام متطور، نرجو الوضع بالحسبان أن تطبيق القانون غير ممكن ولا تكليف بالمستحيل، ممكن أن يوضع باللائحة التنفيذية تدريجياً، أما حالياً فأنتم تحكمون عليها بالفشل إذا أعيدت لمجلس الشورى وتمسك الشورى بقراره».
وسانده الوزير عبدالعزيز الفاضل «نتفهم الازدحام المروري ونتمنى أن يحل بنص، ولكن الموضوع أكبر، لا يمكن أن نعالج شيئاً جزئياً ونترك الجزء الآخر، قد تخلق مشاكل لسنا مستعدين لها، الوقت لا يسمح بذلك، واللائحة التنفيذية تتيح لوزير الداخلية تنظيم الأمر».
واتفق معه مدير عام المرور الشيخ ناصر بن عبدالرحمن آل خليفة «تتحدثون عن مشكلة استخدام الأجانب للنقل الخاطئ كالنقل بالأجرة ونقل الطلبة، هناك حملات يومياً ونمسكهم، ونسأل عن أسبقياتهم، وتظهر لائحة أسبقيات بالعشرات، ولكن المشكلة أن العقوبة بسيطة لا تتعدى غرامة 10 دنانير، إذا كانت هذه مشكلتكم، فشددوا العقوبة لحل المشكلة التي نعاني يومياً منها، المخالف يرمي العشرة دنانير ويكررها».
النائب الأول لرئيس المجلس عبدالله الدوسري ترك منصة الرئاسة ونزل لمقعده بالجلسة ليدلي بمداخلة دافع بها عن وجود المادة، وقال «لو قرأتها وزارة الداخلية، هي لم تمنع الأجنبي بصورة مطلقة وإنما نصت صراحة على حقه إذا كان عمله يتطلب ذلك، ومنحت الجهات المختصة تحديد تلك الجهات، فالحكومة لم تمنع جميع الأجانب، ثم كيف يرد بأن ذلك يحط من كرامته الإنسانية، والحط لا يكون بمنع رخصة القيادة، الدستور لم يساو بين المواطن والأجنبي، فأين المساس بالدستور، جميع مواد الدستور لا تساوي بين المواطن والأجنبي، أما الدفع بأن هذه المادة تنافي العهد الدولي التي تتيح للمواطن والأجنبي حرية التنقل، فنحن لا نقيد حقه، بإمكانه الذهاب لأي مكان».
وأضاف انظروا إلى الزحمة ثم اعرفوا لما نحن متمسكون بالمادة (..) الأجنبي في بلده لا يركب دابة، وبالبحرين يشتري له سيارة بـ150 ديناراً ويلوث البيئة، انظروا الأجانب الموجودين، هذا الأمر يحتم علينا كمشرعين أن نضع قانوناً».
وعارضه النائب عبدالحكيم الشمري بقوله «دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، القانون قديم، تحدثتم عن التلوث ومزاحمة الأجانب، المصانع والمعدات الثقيلة أيضاً تلوث، والبحرينيون هم الأكثر حوادث، نحن دول جالبة للعمالة، و%50 أجانب و%100 منها عاملة لخدمة الفئة الأخرى، تطبيق القانون يعني حرمان البحريني من التمتع بخدمات الأجانب».
وأيده النائب علي الدرازي، وذكر أن «القانون مهم وليس بسبب مادة يوقف القانون بشكل كلي، وتساءل ما هي نتائج تطبيق المادة على السوق المحلي، لا يوجد تكاسي بالبحرين عندنا، الأجانب يخدمون بالبلد، لا أن يخدمهم المواطنون».
من جهتها بينت النائبة إبتسام هجرس «أن هناك عاملين لديها في مهنة الخياطة يطلبون رخص سواقة من أجل فتح عمل خاص بهم، وهذا ما يحدث مع الكثير من أصحاب العمل، ووافقها في ذلك النائب علي زايد الذي أكد ضاحكاً أن هناك عاملاً آسيوياً يأتي لغسل سيارات الحي وهو يقود سيارته الخاصة من بعدما كان غاسلو السيارات يأتون فوق درجات هوائية فيما مضى.
وطالب النواب الآخرون بإعادة تأهيل الطرق وإيجاد بدائل للتنقل قبل إصدار مادة تمنع الأجانب من حق سياقة المركبة، وأشار النائب عبدالحكيم الشمري إلى أن البحرين هي دولة تجذب الاستثمار والعمالة، ولا يجب التضييق عليهم بمثل هذه المواد من دون إيجاد البدائل، منوهاً إلى أن %100 من العمال الأجانب يخدمون بطريقة مباشرة وغير مباشرة المواطنين، ولذلك وجب إعادة النظر بشأن هذه المادة.
من جهته قال ممثل الداخلية العميد محمد بوحمود «إن اختلافنا مع النواب في صياغة المادة ووقت تنفيذها وليس في حكم المادة»، مشيراً إلى أن المادة مهمة ولابد أن تترك الضوابط لوضعها في اللائحة الداخلية عن طريق الوزير المختص، وأن لا يتم تقيدها في مادة تصعب تنفيذها حالياً.
من جهته، قال وزير شؤون مجلسي النواب والشورى عبدالعزيز الفاضل «في جميع الدول هناك مشكلة في مسالة المرور ولكن الفرق أن الدول المتقدمة عملت جاهدة على شبكات النقل العام وصرفت المبالغ الطائلة، واستغنى الشعب عن امتلاك السيارات في سبيل وجود البدائل، ولكن البحرين يوجد بها مشكلة بالفعل في شبكات النقل العام، ولا نستطيع إيقاف الرخص من دون وجود بديل».
وطالب الفاضل من النواب التعاون لإنجاز المشروع الذي استغرق مدة 8 سنوات في عمل مشترك بين الحكومة والسلطة التشريعية، من أجل إعادة النظر في العقوبات التي وضعت في عام 79 ولا تتواءم اليوم مع التطور، مشيراً إلى أن غرامة 10 دنانير لتعدي الإشارة الحمراء هل تردع اليوم الاستهتار في الأرواح الذي نشهده».