كتب ـ حذيفة إبراهيم:
ادعى مرجع جمعية الوفاق والحركات الراديكالية في البحرين، في خطبة الجمعة أمس، أن سحب الجنسية من حسين نجاتي وإبعاده عن البلاد، محاربة لمذهب التشيع في البحرين.
ولم يكن عيسى قاسم وحده من ذهب لهذه «الفذلكة»، إذ شاركه عبدالله الغريفي، فيما عد الاثنان سحب الجنسية البحرينية من نجاتي «منزلقاً خطيراً»، ما يؤشر لاحتمالية تصاعد حدة العنف والإرهاب في شوارع البحرين، وتفجيرات تستهدف رجال الأمن والمواطنين، على غرار ما حصل عقب خطبة «اسحقوهم».
ادعاءات عيسى قاسم بحرب تشنها الدولة ضد المذهب الشيعي مردود عليها بالأرقام والإحصاءات، التي تشير إلى وجود أكثر من 595 مأتماً نسائياً ورجالياً في البحرين، وأكثر من 728 حسينية ومسجد مسجلة في المملكة، ما ينفي مزاعم وجود أي تمييز ضد طائفة معينة، أو حرب من الدولة عليها، بعد أن أعادت الدولة تصحيح أوضاع الكثير من المساجد والحسينيات، وشرعت ببناء أخرى جديدة.
من جانب آخر أنحى قاسم باللائمة على الدولة في مقتل إرهابيين وإصابة ثالث أثناء قيادتهم سيارة فخخوها هم أنفسهم، وراح بكل جرأة يعزي أهالي الضحايا ويمجد مرتكبي الجريمة.
وواصل قاسم تحريضه على العنف من على المنبر الديني «الحراك الشعبي يجب ألا تخفّ اندفاعاته، وأن يزداد زخمه وكثافته، ويشتد إصراره وصلابته، وأن يبقى على ـ سلميته ـ من غير شائبة عنف على الإطلاق»، وهو ما يشير إلى مزيد من التصعيد خلال الأيام المقبلة.
وراح قاسم يمجد من قتلوا في السيارة المفخخة «تحية لهؤلاء الآباء والأحبة الذي يُفجعون في أبنائهم وأعزائهم وهم ينادون بالسلمية، غريبٌ هذا الشعب، وطيبٌ هذا الشعب، ومشكورٌ هذا الشعب».
وفي سياق التحريض أيضاً، طالب قاسم بالاستعانة بدول أخرى وبالأمم المتحدة لإنقاذ الشيعة، وهو تكرار لخطب ألقاها إبان عام 2011 وكان هدفها الاستعانة بالنظام الإيراني للتدخل في الشأن الداخلي البحريني.
وتزامناً مع تصريحات عيسى قاسم حول إبعاد النجاتي عن البحرين، اعتبر مساعد وزير الخارجية الإيراني عبداللهيان طرد النجاتي جريمة، في استمرار للتدخل السافر منه في الشؤون البحرينية.
فيما توافقت خطبة قاسم مع خطبة وكيل السيستاني صدر الدين القبنجي بالنجف، واتهم فيها أيضاً الحكومة البحرينية بالإمعان في حربها ضد الشيعة، ما يعني توحيد الخطاب الديني لجميع المنتمين إلى مرجعية «قم».
وبالعودة إلى خطبة عيسى قاسم التحريضية، قال إن وجود وكيل للسيستاني في البحرين وجمع الأموال وغيرها لا يحتاج لترخيص من الدولة أو علمها، واضعاً نفسه والمرجعيات حتى في خارج المملكة فوق القانون، ما يرفضه الشارع البحريني جملة وتفصيلاً.
ورغم أن تحريضه طوال الوقت أدى إلى القتل والتخريب والدمار، قال قاسم إنه يخشى من أن تصبح البحرين مثل العراق وغيرها من الدول تسفك فيها الدماء، في تناقض صريح وواضح لما يمارسه ويفعله وينادي به.
المواطنون البحرينيون من جانبهم استاءوا من استمرار خطب عيسى قاسم التحريضية، دون وجود أي رادع من قبل الجهات المعنية، حيث أكدوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن خطب التحريض جرت البحرين لويلات الإرهاب والتخريب. وأطلق المواطنون وسم «طرد المجنس عيسى قاسم» في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، في إشارة منهم إلى أن عيسى قاسم حصل على شرف الجنسية البحرينية، بينما يحاول زعزعة الأمن والاستقرار وتسليم البلد إلى الجهات الأجنبية.
وأكدوا أن التحريض الجاري يجر إلى مزيد من الإرهاب، متنبئين بازدياد العمليات الإرهابية خلال الأيام المقبلة، بعد شحن طائفي مارسه عدد ممن يرتدون العباءة الدينية بينهم قاسم والغريفي.
واستغربوا من استمرار صمت الجهات المعنية في وزارة العدل والأوقاف على تلك الخطب، فبينما تصدر تصريحات وبيانات تدعو فيها إلى ترشيد الخطاب الديني، يوجد من يحرض ويأمر أتباعه بتخريب الوطن.
وطالبوا باستدعاء عيسى قاسم والغريفي وكل من تسول له نفسه استخدام المنبر الديني للتحريض على العنف والإرهاب وتسليم الوطن للأجنبي.
من جانبها، أكدت عضو مجلس الشورى جميلة سلمان، أن هناك رؤوساً ارتدت عباءة الدين لتحقق مكاسب شخصية وسياسية وتنفيذ أجندات تسعى لضرب العرب بالعرب خدمة لإيران، بينما يعمل من يدعون أنهم رجال دين، على تشتيت شمل المجتمع وإيقاف عجلة التنمية والارتقاء.
وقالت سلمان إن هؤلاء مسؤولون عن سفك الدماء الذي يجري في البحرين، من خلال تحريضهم الأطفال والشباب بالقتل، بمقدمتهم عيسى قاسم بخطبته «اسحقوهم» وأتبعها بفتاوى أخرى.
وأضافت أن قاسم «متناقض» فهو من جهة لا يريد أن تتحول البحرين إلى عراق أخرى، ومن جانب آخر، يسعى للقتل والدمار وسفك الدماء من خلال التحريض على العنف والإرهاب.
واستنكرت مطالبات قاسم والغريفي بتشكيل لجان تحقيق دولية في طلب تدخل خارجي صريح يعاقب عليه القانون، ما يعني عدم اعترافه بالدولة أو السلطة أو شرعيتها، متسائلة «هل يقصد إيران بالجهات المحايدة في خطبته؟».
وقالت «بينما يحرض قاسم على الشباب على العنف، يعزي أولياء أمورهم بمقتلهم، وينسب تهمة موتهم إلى الدولة، متناسياً تحريضه السابق لهؤلاء وما نتج عنه من نتائج».
واستنكرت استخدام عيسى قاسم واستغلاله لأهل البيت كأداة لتحقيق أهداف سياسية وشخصية بعيدة عن الدين والمذهب، مؤكدة أن ادعاءه إبعاد نجاتي هو اعتداء على أهل البيت، أمر مرفوض والجميع في البحرين يعلمون لماذا تم إبعاده. وتساءلت «هل نجاتي من أهل البيت ليكون إبعاده عن البحرين استهدافاً لهم؟ لا تجوز تلك الإسقاطات»، مشيرة إلى أن خطبة الجمعة يقصد بها إثارة النعرات المذهبية وتحشيد أتباعه ضد السلطة والمذهب الآخر في البحرين من خلال ادعاء المظلومية، متعمداً تجاهل ما تنعم به الطائفة الشيعية منذ سنين من حرية ممارسة الشعائر الدينية وتنظيم مسيراتها، ما لا يتوفر في غيرها من الدول حتى في إيران والعراق.
وأكدت أن الهدف من الكلام بات واضحاً للجميع، حيث التحشيد ضد السلطة وزيادة الشرخ الطائفي بين أبناء المجتمع البحريني، مطالبة بتطبيق القانون عليهم لحماية المجتمع من الإرهاب والفوضى وتخزين أسلحة وإخراج دور العبادة عن أهدافها الدينية لتصبح وكراً للإرهاب.
ودعت إلى اتخاذ الخطوات اللازمة من قبل وزارة العدل والأوقاف الجعفرية وغيرها من الجهات، لإيقاف هؤلاء عن التحريض الواضح والصريح.