كتب - أحمد عبدالعزيز:
احتارت في بداياتها أي تخصص تختار، فاقترح عليها البعض دراسة اللغة الإنجليزيه وآخرون اقترحوا علوماً لا علاقة لها باهتمامها، فأبت ألا أن تختار شيئاً يقربها من قلوب الناس. فتارةً تأسر قلوبهم بمواضيع صحافية قد يشعرون أنها تكتبها لهم خصيصاً، وتارةً تبحر بك في تحليل لشخصيتك قد تجهله أنت نفسك. إنها الدكتورة عائشة الشيخ، شخصية أكاديمية متخصصة في العلوم النفسية وعلم الإنسان الطبي والاجتماعي، سمحت لنا هذه المرة في الدخول إلى شخصيتها والكشف على أسرارها. وفيما يلي حوار خاص معها تطلعنا فيه على رحلتها التي قضتها في اكتشاف ذاتها والتي مكنتها بدورها من تحليل شخصيات الناس عن طريق المقابلات الشخصية أو عن طريق أسلوبها الجديد في تحليل الشخصيات من خلال حسابات الانستغرام.
وقالت د.عائشة الشيخ إن تخصص علم النفس في البحرين زيادة في العرض على الطلب نسبة لضيق السوق البحريني، الأمر الذي دفع لتحويل الطلبة إلى تخصصات مطلوبة لا تعاني من الاكتفاء، مضيفة «أعتقد أن خطوة الجامعة تقنين الطلبة وتجميد البرنامج حالياً خطوة موفقة تمنع البطالة المستقبلية للخريجين».
- ما السر وراء اختيار هذا التخصص من بين الخيارات الكثيرة المتاحة؟
عندما كنت في مرحلة الطفولة كنت هادئة بطبعي وأكتفي بمراقبة الآخرين والإنصات إليهم عندما يتحدثون وكنت أعشق البحث في ما وراء الحديث وأن أتبحر فيه أكثر، واستمر هذا الشغف لدي في التعمق في النفس البشرية وفهم نفسي أولاً، ومن ثم فهم الآخرين من حولي إلى أن تخرجت من المرحلة الثانوية وكنت عند مفترق طرق بين دراسة اللغة الإنجليزية وعلم النفس، فحصلت على الرغبة الثانية وهي علم النفس، فأيقنت حينها أن الله قد اختار ويسر لي الأفضل.
- ما هي الجامعات التي واصلت بها دراستك وماذا أضافت لك الغربة؟
بدايتي الدراسية كانت البكالوريوس بدولة الكويت الشقيقة، والتي لم أشعر خلالها بالاغتراب الحقيقي لتماثل الخلفية الثقافية والبيئة الاجتماعية المحيطة، حتى اختلف الحال تماماً في مرحلة الدراسات العليا حيث غادرت إلى بريطانيا لدراسة الماجستير في جامعة «كيل» بمنطقة ستفورد شاير بريطانيا.وبطبيعة الحال واجهت كما يواجه غيري من المغتربين تنوعاً شاسعاً بين ما عهدت وبين ما صادفته في بلد الدراسة من حيث اللغة والقيم المجتمعية والعادات والتقاليد والخلفية الثقافية بصورة عامة والتي تجبر المغترب في التعاطي والتعايش معها ولكن الجميل في مثل تلك التجارب هو تعلم الاعتماد الكلي على النفس والذي ساهم بشكل كبير في صقل شخصيتي. فالاحتكاك بجنسيات عديدة وشخصيات مختلفة قد يغير منظورك الضيق عن ثقافات المجتمعات الأجنبية. ومن الأشياء التي اكتسبتها حقيقة من تجربتي في بريطانيا جدية وإتقان العلم والعمل فالدراسة في المملكة المتحدة محفزة على الدراسة والاجتهاد من خلال التعليم الذاتي والبحوث الميدانية.
- حصولك على شهادة الدكتوراه هل كان ضرورة أم شغف؟
دعني أوضح أولاً الفرق بين طلب العلم لدينا في العالم العربي وبين طلب العلم في المجتمع الغربي وكذلك الأمر بالنسبة لأنماط التعلم والتدريس. ومع كل الاحترام لنظمنا الأكاديمية إلا أننا نفتقد تلك الروح الغربية التي لا تتذمر من كم المعرفة والاستزادة منها بل هي ذاتها تبحث بشغف. فكطالبة للدراسات العليا كنت ألاحظ كيف يستعرض زملائي الأجانب مواضيعهم وقراءاتهم العلمية بروح عالية وهمة لا تنقطع. كنت أشاهد الطلبة في مكتبة الجامعة وكأنهم خلية نحل لا تكل ولا تمل، يبحثون بتركيز كبير وبقدر من الجدية التي احترمتها فيهم واكتسبتها منهم لاحقاً حتى وصلت لدي درجة الشغف في الاستزادة من العلم والبحث العلمي إلى أعلى مستوياتها، هذا الشيء الذي دفعني فعلاً إلى الاستمرار في الدراسة.
- من بعد حصولك على شهادة الدكتوراه ما هي المناصب التي شغلتها؟
بداية كنت برتبة أستاذ مساعد للعلوم النفسية والاجتماعية كأي خريج حديث بدرجة الدكتوراه وتدرجت إلى أستاذ مشارك وبعد تقييم شهاداتي وبحوثي ومؤلفاتي العلمية تم منحي درجة الأستذة من جامعة نيويورك بأمريكا. أما ما يخص المناصب، فقد شغلت منصب رئيس قسم العلوم النفسية والاجتماعية بكلية العلوم الصحية وبعدها إلى رئيس دائرة العلوم الطبية والمترابطة. ومن ثم إلى أستاذ للعلوم الإنسانية بجامعة نيويورك.
- هل لدى مجتمعاتنا اهتمام بتخصص علم النفس وعلم الإنسان؟
بالنسبة لعلم النفس أستطيع القول إن لدينا أعداداً هائلة من المختصين النفسيين والمؤهلين تأهيلاً عالياً جداً وكذلك الأمر بالنسبة لرغبة الطلبة حيث وعى المجتمع لأهمية هذا العلم في مختلف مجالات الحياة. ولكن بالنسبة لعلم الإنسان فأعتقد أنه علم شاسع وتخصصاته الفرعية متشعبة ومتعددة ولم يصل الوعي المجتمعي حتى الآن للدرجة التي وصل إليها علم النفس.
- تحليل الشخصية عن طريق حسابات الانستغرام طريقة مبتكرة وتكاد تكون غريبة كيف خطرت لك تلك الفكرة؟ وما هي آلية التحليل؟
نعم أنها فكرة مستحدثة وربما أستطيع القول إنها فكرة غير مسبوقة وقد أثارت فضول الكثيرين بمن فيهم بعض دكاترة الجامعة وخصوصاً قسم الإعلام كونها تربط بين علم النفس ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وقد يرى البعض أنها تميل إلى الدجل وما إلى ذلك لكن تحليل الشخصية عن طريق الانستغرام ليس تنجيماً فقد كتبت في هذا الموضوع مقالتين وضحت من خلالهما الفكرة وآلية التحليل وبعض النتائج المبدئية. فظاهرة التعبير عن المشاعر بالصورة والكلمة وأحياناً كثيرة بالطعام أثارت فضولي البحثي والذي دفعني بقوة لاستثمارها كمادة لعمل بحث علمي موثق. ربما سيكون من أوائل البحوث في هذا الجانب.
- برز في الفترة الأخيرة الإعلان عن دورات لتغيير الذات ومعرفة النفس البشرية ربما ليست ضمن علوم النفس كل NLP فما رأيك في هذا الشيء؟
نعم وبكل أسف الـNLP ليس علماً، أتوا بفكرته زوجان كانا يعملان في القطاع البنكي غير متخصصين في علم النفس وكان الغرض من كتابة ملاحظاتهما في كتاب هو معرفة الطريقة المثلى لتغيير التفكير إلى صورة أكثر إيجابية عندما تصاب بالإحباط من العمل. ولكن وبكل أسف سوقوا هذه الملاحظات على أنها علم يمكن إتقانه في جلستين أو أكثر وتحصل بعد أسبوع من ورش العمل على شهادة مدرب معتمد تمارس بها الدجل على الآخرين دون شهادة علمية أو تخصص. وحتى أن هذه الظاهرة أسقطت وتم محاربتها في أمريكا منشأ NLP إلا أنه وبكل أسف مازال الكثيرون يحضرون هذه الدورات غير العلمية والمبنية على قشور علم النفس دون الجذور.
- ما هي أسباب عزوف الطلاب عن اختيار تخصص علم النفس؟
من الطبيعي في تسويق أي سلعة هو العرض والطلب وأعتقد أنه لضيق سوق البحرين ومحدوديته واجه تخصص علم النفس زيادة العرض على الطلب وعليه فقد تم تحويل الطلبة إلى تخصصات مطلوبة لا تعاني من الاكتفاء. وأعتقد أن خطوة الجامعة تقنين الطلبة وتجميد البرنامج حالياً خطوة موفقة تمنع البطالة المستقبلية للخريجين.
- كلمة أخيره لمتابعينك الذين ينتظرون تحليل شخصياتهم
كلمة شكر لجميع الذين يتابعونني ووثقوا بي وفتحوا حساباتهم الخاصة وسمحوا لي بالولوج إلى حياتهم وأسرارهم، وكلمة عتب لكل من تذمر من طول قائمة الانتظار، وأحب أن أوضح أن تحليل الشخصية هي مبادرة ذاتية تتطلب الكثير من الوقت والمجهود، لذا أستسمح الجميع عذراً على تأخري في الرد على طلباتهم. وأرجوا الله أن يحتسبها عنده صدقة للعلم.