كتب - جعفر الديري:
لن يبلغ الأمل بالكاتب والقاري البحريني؛ أن ينظر للكتاب باعتباره صناعة قومية، كما هو شأنه في العالم المتقدم!، ولن يطمحوا لرؤية ساسة يضعون الكتاب ضمن أولى اهتماماتهم السياسية والاستراتيجية!. لكنهم أيضاً؛ لا يستطيعون التخلي عن قناعاتهم بأن صناعة الكتاب أمر خطير، لا يسهم في الحركية الثقافية والاقتصادية، أو في تطوير المعارف ونموها وحسب، بل في توجيه المعارف والمعلومات. وبحسب الروائي عبدالعزيز الموسوي، فإن الكتاب العربي يتخلف مقارنة بالغربي بسبب السياسات والسياسة التي لا تضع الكتاب في المقدمة بطبيعة الحال تتراجع، لكن الأمل هذا الكائن الذي لولاه لم نشهد هذا العام طقساً معتدلاً مثمراً بالكتاب ولأن ما بين دفتين يبقى، فلطالما سمعنا عن نظرية موت الكتاب ولم نشهد إلا جنازات البشر.
رقم معزز للكتاب
يقول الموسوي: لا أدري تماماً، أشعر أحياناً أن توجه مجتمع نحو اقتناء الكتاب أشبه بطقس غير مستقر ولا يمكن أن تتنبأ به، حدث في معرض البحرين للكتاب السادس عشر أن أصحاب دور النشر تفاجؤوا بالإقبال الجيد وشخصياً لاحظت دخول فئات مجتمعية على الخط فئة الطلبة والشباب وحتى العامة، وأستطيع أن أضع دور التقنية الحديثة سبباً مهماً في الترويج للكتاب معتمداً على تعاطي الفرد لا المؤسسات ويؤكد ذلك أن الفرد يستطيع أن يكون رقماً في تعزيز مكانة الكتاب.
انحسار الحراك الثقافي
من جانبها، ترى الأكاديمية د.أنيسة السعدون أن أحد أبرز أسباب عزوف قطاع واسع من الجمهور العربي عن قراءة الكتاب هو قلة أو انحسار مثل هذا الحراك الثقافي الذي يعتني بالكتاب، ويعمل على تمكين مكانته من النفوس، وإغراء القارئ به ليكون له عزاً وكنزاً. إلى جانب الكثير من الأسباب والعوامل التي أفضت إلى هجرة الكتاب، وخلقت مسافة شاسعة بين العرب والغرب بالنظر إلى درجة حرص كل منهما على الكتاب، ويمكن حصر هذه العوامل في عوامل ذاتية ترتبط بالفرد وبيئته باختلاف مجالاتها، وأخرى مؤسسية ترتبط بالجهات الإدارية التنظيمية ومدى كفاءتها في تعزيز قيمة الكتاب، وإشاعة أهميته بين العامة والخاصة.
وتعود السعدون لتؤكد: ينبغي الإشارة إلى أن ثمة أملاً واعداً بمستقبل مشرق للكتاب في الوطن العربي، لاسيما أن الشبكة المعلوماتية اليوم تستوعب أعداداً جبارة من الكتب والدراسات والمجلات والمواقع والمكتبات الإلكترونية التي سهلت أمر تداول الكتاب، وجعلته بين يدي القارئ كيفما شاء، وأينما حل وذهب.
وتضيف: إن العالم يحتفل بتاريخ 23/ أبريل باليوم العالمي للكتاب، وحق للكتاب أن يحتفى به، ويفرد له يوم مخصوص؛ للتنبيه إلى مكانته، والتوعية بأهمية مصادقته، وتأكيد نجاعة الاعتماد عليه في شؤون الحياة؛ كونه السلاح الوحيد الذي يمكن أن يقضي على الفقر والعوز والبطالة والتخلف والتبعية والتطرف والتعصب، ويكفل للبشرية عيشها السعيد وكرامتها وعزتها ومنعتها، ويحافظ على وجودها وهويتها، ويضمن لها نجاحها وتفوقها وسيادتها.
ولعله يمكننا اتخاذ مثل هذه المظاهر دليلاً دامغاً على مدى إقبال الشعوب على الكتاب، ودرجة اهتمامها به؛ إذ كلما كان الفرد واعياً بأهمية الكتاب ومدركاً فاعلية أدواره على الذات والمجتمع وناهضاً بها، كلما كانت المظاهر السابقة مؤثرة فيه وفي مجتمعه. ومن هنا تتجلى خطورة الدور الذي تلعبه الجهات المعنية بالثقافة، وجسامة المهام الموكولة إليها في سبيل التوعية بأهمية الكتاب ومردوداته.
تفاؤل بوضع الكتاب
وتعبر السعدون عن تفاؤلها بوضع الكتاب البحريني، والمكانة المرموقة التي يتبوأها بفضل ما تقوم به وزارة الثقافة في سبيل تشجيع الكاتب البحريني ودعمه، وتقدير منجزِه الكتابي بتحمل كافة تكاليف إصداره، وذلك بالتعاقد مع دار نشر مرموقة هي المؤسسة العربية للدراسات والنشر والتوزيع بعمان، للقيام بطبعه ونشره، والترويج له، وتسويقه بمعارض الكتاب الدولية في أكثر من دولة عربية، وإهداء الكاتب نفسه أعداداً كثيرة من النسخ، والسعي إلى تدشين كتابه بغية إشهاره للجمهور. وهو ما لمسناه في معرض الكتاب المقام مؤخراً بالبحرين، حيث شهدنا الكثير من حفلات التدشين لكتب ساهمت وزارة الثقافة في إصدارها. غير أنه من الضروري أن تتوج مثل هذه الإسهامات النيرة بندوات ومحاضرات ومؤتمرات مستمرة لا تقترن بمناسبة؛ للتعريف بمحتويات هذه المنجزات الكتابية، ومناقشتها، وكذا لإثارة قضايا ثقافية وإنسانية وأدبية وفنية متنوعة كفيلة بجذب الجمهور إلى الكتاب، والتحامه به.