طهران - (وكالات): مني الرئيس الإيراني حسن روحاني بأول هزيمة سياسية الأسبوع الماضي بعد 8 أشهر على توليه السلطة وذلك بعد رفض الطبقات الأكثر ثراء التخلي عن المساعدات التي يحصلون عليها من الدولة لصالح الأكثر فقراً.
وبرنامج المساعدات «14 دولاراً شهرياً لكل فرد» الذي أطلقه في ديسمبر 2010 محمود أحمدي نجاد سلف روحاني، جزء من إصلاحات اقتصادية أوسع ترمي إلى مراجعة شاملة لنظام الإعانات.
وهذا الإصلاح مدرج في موازنة العام الجاري لتوفير مبلغ 18 مليار دولار.
وهذا البرنامج الذي شجعه خبراء الاقتصاد، يعتبر طريقة لتنظيم الاقتصاد الإيراني الذي يواجه صعوبات جراء العقوبات الدولية وسوء الإدارة، وبدأت مرحلته الثانية أمس مع زيادة أسعار النفط بنسبة 75%.
ويبدو أن محاولة خفض النفقات قد باءت بالفشل.
وأطلقت إدارة روحاني لأسابيع حملة إعلامية واسعة لإقناع القسم الأكبر من سكان إيران التي تعد 77 مليون نسمة، وجزء من الطبقة المتوسطة، بالتنازل عن المساعدات.
وحاولت الإدارة الإقناع من خلال حشد المشاهير والرياضيين والشخصيات السياسية وحتى الروحية، بأنه يجب استخدام هذه الأموال لتحسين البنى التحتية والتصنيع والنقل العام والرعاية الصحية.
لكن منذ يومين تم الإعلان أن 73 مليون شخص أي 95% من سكان البلاد طلبوا الحصول على المساعدات ووصلت قيمتها إلى مليار دولار شهرياً.
والنسبة الضئيلة للمؤيدين لهذا الإجراء كانت مصدر سخرية في الأوساط المحافظة وانتقدتها حتى الأوساط الإصلاحية والمعتدلة.
وانتخب الرئيس المعتدل حسن روحاني الصيف الماضي وهزم خصومه المحافظين بقطع وعود بتصحيح الأوضاع الاقتصادية وتحسين العلاقات مع الغرب والترويج للحريات. وأطلق القسم الأكبر من حملته الانتخابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي رغم جهود السلطات فرض قيود عليها، بحيث يحظى بدعم كبير من الطبقات المتوسطة والغنية. لكن يبدو أن محاولات الحكومة إقناع الشعب بالتنازل عن المساعدة المباشرة، تغاضت عن هذه الطبقات واستخدمت فقط الإعلام الحكومي الذي عادة ما يستهدف الطبقات الفقيرة التي هي بأمس الحاجة إلى المساعدات المالية. وقالت صحيفة «فرهيتيغان» في مقال إن «الحملة غير الفعالة أتت بنتائج مضادة وكان لها آثار عكسية»، محملة التلفزيون الإيراني الذي يتولى بث الإعلانات مسؤولية ذلك.
ويهيمن على التلفزيون الإيراني المتشددون والمحافظون.
أما صحيفة «ماردومسلاري» المؤيدة للإصلاحيين فوصفت الحملة بأنها «فشل ذريع واضح» للحكومة.
وقالت الصحيفة في مقال إن «الضغط على الناس بتكثيف الحملات الدعائية كان مرهقاً أكثر مما كان مقنعاً. وأدى ذلك اليوم إلى فشل ذريع». وقدر دخل الفرد في إيران في 2013 بـ 12800 دولار لكن الدخل الشهري الأدنى محدد رسمياً بـ 185 دولاراً مما يجعل العديد من أصحاب الدخل المحدود يعتمدون على المساعدة المباشرة.
وصرح ناشط مؤيد لروحاني «بدلاً من التركيز على مواقع التواصل الاجتماعي حيث يمكنها حشد التأييد، عمدت الحكومة إلى استخدام التلفزيون وتوجهت إلى الجمهور الخطأ». وأضاف «ما نجحوا في تحقيقه في الواقع هو إبعاد أنصار روحاني»، مذكراً بأنه في منتصف أبريل الجاري أكد وزير الاقتصاد للنواب أنه «رصد 10 ملايين من الإيرانيين الأثرياء» الذين سيشطبون من لوائح الأفراد الذين سيحصلون على المساعدات المباشرة.
وأضاف أنه حتى لو سجلوا للحصول على هذه المساعدات، فهذا الأمر لن يحصل.
والأشهر المقبلة أساسية لروحاني لأنه سيطبق خلالها هذه السياسة. ويقول المحللون إن زيادة أسعار النفط أمس سيؤدي إلى تغذية التضخم أقله مؤقتاً.
وقفزت أسعار البنزين في إيران بما يصل إلى 75 % مع خفض الدعم الحكومي للوقود في خطوة محفوفة بمخاطر يأمل روحاني أن تساعد في تحسين اقتصاد أنهكته العقوبات الغربية. ولرفع العقوبات المفروضة على إيران كلياً، يبدأ المفاوضون الإيرانيون جولة جديدة من المفاوضات الصعبة للتوصل إلى الاتفاق النهائي حول النووي.
من جهة أخرى، رفضت إيران أمس انتقاد الولايات المتحدة لانتخابها في لجنة المنظمات غير الحكومية بالأمم المتحدة قائلة إن انتقاد واشنطن استند إلى»اتهامات لا أساس لها» وانتهك روح التعاون المطلوبة في المنظمة الدولية. وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سامانثا باور «ترشيح إيران الذي لم يلق معارضة نتيجة مثيرة للقلق بشكل خاص حيث اعتادت السلطات على احتجاز المدافعين عن حقوق الإنسان ويتعرض كثير منهم للتعذيب وإساءة المعاملة».
ورفض المتحدث باسم بعثة إيران في الأمم المتحدة حامد بابائي تصريحات باور بشدة.
وأصدرت منظمة مراقبة الأمم المتحدة ومقرها جنيف بياناً أبدى الغضب لقرار انتخاب إيران.