شكلت الزيارة التاريخية التي قام بها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى إلى روسيا الاتحادية في عام 2008 نقطة تحول كبيرة في مسار العلاقات لتدخل مرحلة جديدة في مختلف المجالات كالسياسي والاقتصادي والثقافي.
وشهدت الزيارة الملكية والتي أعطت دافعاً كبيراً للعلاقات بين البلدين ومثلت انطلاقة واعدة لآفاق جديدة في العلاقات بين المنامة وموسكو توقيع العديد من الاتفاقات في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية والتعاون في مجالات الطاقة والثـقـافة والقطاع المصرفي.
وتمتد العلاقات البحرينية الروسية الرسمية منذ سبعينات القرن الماضي، حيث شكل إعلان الاتحاد السوفيتي في عام 1971 الاعتراف بالبحرين كدولة مستقلة ذات سيادة والاستعداد لإقامة العلاقات الدبلوماسية معها وتبادل السفراء النواة والانطلاقة الأولى لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وفي 28 سبتمبر من العام 1990، أعلنت المنامة وموسكو إقامة علاقات دبلوماسية بينهما وتبادل التمثيل الدبلوماسي على مستوى السفراء. وقد تم الإعلان عن ذلك في البـيـان البحريني الروسي المشترك الذي صدر في أعقاب الاجتماع الذي عقد في نيويورك بين وزير الخارجية البحريني آنذاك الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة ووزير خارجية الاتحاد السوفيتي آنذاك السيد أدوارد شيفارنادزه.
وفي أبريل من العام 1991 تم افتتاح السفارة الروسية في المنامة، وفي نوفمبر عام 1991 افتتحت السفارة البحرينية في موسكو.
وتأتي زيارة سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة إلى روسيا بناء على دعوه مقدمة من موسكو في إطار علاقات التعاون بين البلدين الصديقين التي ترتكز على ما يجمعهما من تاريخ طويل من التعاون وما يربطهما من مصالح مشتركة في مختلف المجالات والتي يتفق البلدان على تحقيقها على أسس الود والتنسيق والاحترام المتبادل. فيما تشكل الزيارة بحد ذاتها انطلاقة جديدة لهذه العلاقات المتجذرة.
وتتصف العلاقات السياسية بين مملكة البحرين وروسيا الاتحادية بأنها ممتازة. وقد تبلورت هذه العلاقات على امتداد السنوات الماضية عبر الحرص المتبادل لدى البلدين على مواصلة الحوار السياسي المكثف والتفاعل حول القضايا الدولية والإقليمية الرئيسية، والتي تعكس تقارب مواقف البلدين من معظم المسائل المطروحة، خاصة على المستوى الإقليمي.
العلاقات الاقتصادية الوثيقة والمتميزة بين البلدين وما تلاها من تبادل للزيارات الرسمية والوفود التجارية لعل أهمها اتفاقية تعاون بين غرفة تجارة وصناعة البحرين واتحاد غرف التجارة والصناعة الروسية الموقعة في البحرين بتاريخ 30 مايو 1994م واتفاقيـة النقل الجوي بين مملكة البحرين وروسيا الاتحادية والموقعة في موسكو بتاريخ 17يونيو 1994م.
ولتطوير تلك العلاقات بين البلدين الصديقين وقعت العديد من مذكرات التفاهم بينهما منها مذكرة تفاهم بين إذاعة وتلفزيون البحرين ووكالة أنباء ايتار تاس الروسية والموقعة في البحرين بتاريخ 18فبراير 1996م واتفاقية التعاون الاقتصادي والتجاري والتقني والموقعة في المنامة بتاريخ 12أبريل 1999م كما أبرم البلدان اتفاقية إنشاء مجلس الأعمال البحريني الروسي المشترك الموقعة في مدينة بطرسبورغ بتاريخ 4 سبتمبر 2006م إضافةً إلى توقيع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار / وقعت بالأحرف الأولى في موسكو بتاريخ 21 فبراير 2001م / واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي وقعت بالأحرف الأولى في موسكو بتاريخ 27 أبريل 2005 فضلاً عن توقيع مذكرة تفاهم بين وكالة أنباء البحرين ووكالة أنباء ايتار تاس الروسية والموقعة في موسكو بتاريخ 18فبراير 1996م إلى جانب مذكرة تفاهم بين وزارة خارجية مملكة البحرين ووزارة خارجية روسيا الاتحادية الموقعة في موسكو في 9 نوفمبر 2006م.
وعلى الصعيد الثقافي، فإن العلاقات بين المنامة وموسكو متميزة وتكللت مؤخراً بإقامة العديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية في روسيا، ومنها افتتاح قرينة عاهل البلاد المفدى صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة واحداً من أهم المتاحف بمدينة سانت بتراسبورغ الروسية، وعدداً من الأنشطة الثقافية البحرينية التي أقيمت مؤخراً في موسكو تتويجاً للعلاقات المتميزة والاتفاقات المبرمة بين البلدين.
ويعمل في مملكة البحرين نحو مائتي روسي في مهن متعددة ومتنوعة كالهندسة والطب والفيزياء إضافةً إلى العديد من الأنشطة الأخرى، وهناك أيضاً جمعية بحرينية للمتحدثين باللغة الروسية تأسست مؤخراً من قبل خريجي الجامعات بالاتحاد السوفيتي سابقاً.
إن ما يربط مملكة البحرين وروسيا الاتحادية من روابط تاريخية متميزة من شأنها أن ترتقي بأجواء العلاقات الثنائية وتعزيز سبل التعاون المشترك بين البلدين لاسيما في ظل المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى والذي من شأنه إتاحة فرصة طيبة للنمو بعلاقة مملكة البحرين مع الدول الصديقة من دول العالم وخاصة فيما يتعلق بالمزايا الاقتصادية والتي من شأنها تشجيع وتقوية الروابط الاقتصادية بحكم ما يميزها من موقع استراتيجي بين دول المنطقة لاسيما مع الدول الكبرى والمؤثرة على الساحة الدولية.