بغداد - (وكالات): يتوجه العراقيون إلى صناديق الاقتراع بعد غد للإدلاء بأصواتهم في أول انتخابات تشريعية في البلاد منذ الانسحاب الأمريكي نهاية 2011، وسط انقسامات طائفية متزايدة وأعمال عنف يومية متصاعدة. ويتنافس 9 آلاف و39 مرشحاً ينتمون إلى 277 كياناً سياسياً على 328 مقعداً في البرلمان الجديد.
وتلعب الروابط العشائرية والانقسامات الطائفية أدواراً رئيسية في الانتخابات التي من غير المتوقع أن يحصل أي طرف على الغالبية فيها ما ينذر بأن المفاوضات لتشكيل حكومة جديدة قد تطول لشهور.
ويحق لأكثر من 20 مليوناً عراقياً التصويت في الانتخابات التي تشمل 48 ألفاً و796 مركزاً انتخابياً.
وبدأ العراقيون في الخارج في التصويت بالانتخابات، حيث اقترع آلاف العراقيين المقيمين في الإمارات في دبي وأبوظبي. ومن المتوقع أن يفوز ائتلاف «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي بأكبر عدد من المقاعد، وأن يستمر على رأس الحكومة التي يقودها منذ 2006 رغم الاضطرابات الأمنية والمعاناة الاقتصادية والانتقادات الموجهة له بالتفرد بالحكم.
ويتنافس ائتلاف المالكي على أصوات الشيعة خصوصاً مع كتلة «الأحرار» المرتبطة بالزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وكتلة «المواطن» بزعامة رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم.
وتنظم الانتخابات التشريعية في العراق في ظل تصاعد في أعمال العنف التي حصدت أرواح نحو 3 آلاف شخص منذ بداية العام الجاري، وسط مخاوف من إمكانية انزلاق البلاد نحو نزاع طائفي مباشر جديد بعد نزاع مماثل بين عامي 2006 و2008.
وتحمل معظم الهجمات في البلاد طابعاً طائفياً. ويتهم السنة الذين حكموا البلاد لعقود قبل الإطاحة بصدام حسين في عام 2003، السلطات التي تسيطر عليها الأغلبية الشيعية بالقبض على الحكم واعتماد سياسة تهميش في حقهم.
كما إن سيطرة مسلحين ينتمون إلى جماعات متشددة أبرزها تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام «داعش» على مدينة الفلوجة غرب بغداد، أثارت مخاوف من احتمال سعي المسلحين إلى مهاجمة العاصمة.
ورغم أنه ليس مذكوراً في الدستور، إلا أن العرف السياسي المعتمد في العراق منذ 2006 يقضي بأن يكون الرئيس كرديا، ورئيس الوزراء شيعياً، ورئيس مجلس النواب سنياً.
وحاول السياسيون العراقيون في السابق العمل ضمن حكومة وحدة وطنية غير أن المالكي يدفع نحو حكومة أغلبية سياسية معتبراً أنها تمثل الحل الأفضل لتمرير المشاريع وتجنب عرقلتها.
ويملك العراق حدوداً مشتركة مع إيران وسوريا وتركيا والسعودية والأردن والكويت، وغالباً ما يتهم السياسيون العراقيون بعضهم البعض بالولاء لإحدى هذه الدول. من جهتها، تبدو الولايات المتحدة وكأنها خسرت نفوذها السياسي منذ انسحابها العسكري من العراق نهاية العام 2011، رغم أنها لاتزال الممول الرئيسي للعراق عندما يتعلق الأمر بالتسليح. في مقابل ذلك، تحتل إيران الشيعية التي تدعم أحزاباً سياسية عديدة موقعاً مهماً في عملية اختيار رئيس الوزراء المقبل للبلاد. وسبق للمالكي وأن تحدث في مناسبات عدة عن التدخل الإقليمي والدولي في بلاده. وقال الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى مايكل نايتس إن النفوذ الإيراني اليوم «بالتأكيد أكبر» من النفوذ الأمريكي كون الإيرانيين باتوا يملكون «سيطرة مباشرة على بعض الأحزاب». ورأى مراقبون أن هناك 5 لاعبين أساسيين في الانتخابات وهم، رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يسعى لولاية ثالثة في الوقت الذي تواجه حكومته تصاعداً في أعمال العنف، ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي وهو أبرز شخصية سياسية تمثل العرب السنة، والمرجع الشيعي آية الله علي السيستاني أبرز مرجع ديني في البلاد، وقد تجنب أي انخراط في السياسة لفترات طويلة، علماً بأن لديه الملايين من الأتباع ويتمتع بتأثير استثنائي، ورجل الدين الشيعي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي تزعم ميليشيا جيش المهدي وتخلى عن السياسة مؤخراً، لكنه لايزال يتمتع بالنفوذ، ومسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق الذي يحظى بحكم ذاتي، واحتكر حزبه الديمقراطي الكردستاني السلطة لفترة طويلة مع جلال طالباني رئيس البلاد وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني.