كتبت - مروة العسيري:
أوصت لجنة التحقيق في تصريف مياه الأمطار بتشكيل لجنة وزارية للطوارئ في مجال تصريف مياه الأمطار، مع إجراء تحقيق إداري مع المسؤولين والموظفين في الجهات المعنية بمحور عمل اللجنة، لعدم ضبط المخالفات في دوائر اختصاصهم، فيما أكد رئيس اللجنة الشيخ د.جاسم السعيدي ضرورة رد الحكومة على اللجنة في غضون أسبوعين من رفع التقرير لها، إضافة إلى حث النواب على إيجاد تشريعات وتعديلات لقوانين نافذة بشأن الأمطار وشبكة تصريفها، واستخدام الأدوات الرقابية للتأكد من مدى كفاءة شبكة تصريف الأمطار الحالية.
وأشار جاسم السعيدي -خلال مؤتمر صحافي عقدته لجنة التحقيق في تصريف مياه الأمطار أمس- إلى مشكلة عدم وجود جهاز حكومي يختص بحصر بلاغات الأفراد والمؤسسات عن الخسائر والأضرار التي لحقت بالأملاك الخاصة والعامة، مبيناً أن وزارة الصناعة والتجارة أكدت عدم وصول أي شكوى إليها من التجار على مختلف فئاتهم سواءً كانوا صغاراً أو متوسطين أو كباراً أو حتى من مدنيين ومواطنين بوجود شكاوى تضرر بسبب الأمطار.
وطالب بتفعيل الخطة الوطنية الشاملة لتصريف المياه السطحية الصادرة منذ عام 2010، وإلزام وزارة الأشغال بوضع الاشتراطات التنفيذية اللازمة لتطبيق هذه الخطة على أرض الواقع، بالتنسيق الكامل مع الجهات ذات الاختصاص الأخرى، وإنشاء إدارة عامة بوزارة الأشغال تختص بتصريف مياه الأمطار والمياه السطحية بشكل عام، والاستفادة منها كمورد مائي طبيعي.
وأرجع أعضاء اللجنة سبب الأضرار الناتجة عن هطول الأمطار الهائلة على البحرين إلى غياب التنسيق والتخطيط بين الوزارات والجهات المعنية، منوهين إلى وجود أكثر من جهة معنية بالأمر، على رأسهم وزارتا الأشغال والبلديات.
وبينوا خلال ملاحظتهم أن وزارة الأشغال تتحمل مسؤولية تعويض الأضرار طبقاً لقانون رقم (33) لسنة 2006 بشأن الصرف الصحي وفتوى هيئة التشريع والإفتاء، وذلك عن المناطق التي توجد بها شبكة صرف صحي دون غيرها، والمناطق الأخرى الداخلية تتحمل مسؤوليتها وزارة البلديات وفقاً لفتوى ديوان الخدمة المدنية.
«الثقافة» و«الصحة» لم تتعاونا مع اللجنة
وكمنت معوقات اللجنة بحسب تقريرها في عدم تعاون الجهات المعنية بموضوع التحقيق، تعذر الجهات التي خاطبتها اللجنة بعدم الاختصاص، وأشار جاسم السعيدي إلى أن اللجنة اضطرت إلى استفتاء الجهات المعنية لإقناع وزارة البلديات بأنها جهة ذات اختصاص، مؤكداً أن اللجنة عانت كذلك من التأخر في استلام ردود الجهات المختصة، بل وإنها لم تستلم ردود بعض الجهات المعنية إلى حين صدور تقريرها بالرغم من تذكيرها، كوزارة البلديات والتخطيط العمراني فيما يتعلق بالدراسة المعنية بحقن فوائض المياه المعالجة ومياه الأمطار في الآبار الطبيعية بحيث تستفيد البحرين منها في المستقبل.
وأضاف أن وزارة الثقافة لم تعطِ اللجنة المعلومات المفصلة عن مدى إمكانية استخدام القنوات المائية الطبيعية القديمة وإمكانية تخزين الفائض من المياه المعالجة ومياه الأمطار، ووزارة الصحة كذلك التي لم تعطِ اللجنة إحصائية بحجم الأضرار التي عانت منها مع الأمطار، ووزارة الدولة لشؤون الكهرباء لم تأتِ بنفس الإحصائية، إضافة إلى وزارة المواصلات متمثلة بإدارة الأرصاد الجوية التي لم تزود اللجنة بتقرير عن كمية الأمطار من سنة 2007 حتى السنة الجارية، لافتاً إلى أن أكثر الوزارات كانت تتعاون مع اللجنة هي وزارة الداخلية متمثلة بإدارة المرور وكذلك الدفاع المدني.
وشرح السعيدي أن عمل اللجنة جاء ليتحقق من مدى كفاءة شبكة تصريف الأمطار الحالية وقدرتها على استيعاب الكميات الهاطلة على البحرين ومدى ترابطها وشمولها الجغرافي لجميع المناطق، وماهية إجراءات صيانتها وكيفية الاستفادة من تلك الأمطار وتدويرها لدعم الموارد المالية للبحرين، محملاً المسؤولية وزارة الأشغال لتعويض المتضررين عن المناطق التي يوجد بها صرف صحي تطبيقاً لقانون رقم (33) لسنة 2006 بشأن الصرف الصحي، أما البلديات فحملها مسؤولية المناطق الداخلية و»النقع» الكبيرة وفقاً لفتوى ديوان الخدمة المدنية.
ولفت السعيدي إلى أن الأشغال أضافت 150 مولد كهرباء على نفس العدد أي 100% من المصاريف، معتبراً ذلك هدراً للمال العام، مؤكداً أن هناك جهات حكومية تناحرت فيما بينها على أساس أن يتم شفط المياه لديها، دليلاً على غياب التنسيق.
شاكراً الإسكان على تسلمها زمام الأمور وشفط مياه وادي السيل بعد أن دخلت المياه للمشروع الإسكاني الجديد مع العلم أن هذا ليس عملها وتحملها لتكاليف الأضرار من ميزانيتها التي من الأولى أن تذهب للمشاريع الإسكانية.
وفي المؤتمر الذي كان يدين جميع وزارات الدولة الخدمية حول أضرار الأمطار التي تسببت بها في الآونة الأخيرة، حمل أعضاء اللجنة وزارة الأشغال المسؤولية الرئيسة، ووزعوا باقي المسؤوليات والتقصير على الوزارات المعنية بالأمر كوزارة التربية ووزارة الصحة وحتى المجالس البلدية.
وأثناء مناقشة الصحافة للسعيدي حول المعوقات التي واجهت اللجنة، بين السعيدي أن المثال الأقرب لعدم التعاون هو وجود خطة وطنية شاملة لتصريف المطار موجودة لدى الأشغال منذ العام 2010م، إلا أن الوزارة لم تزود اللجنة بها ووصلت هذه الخطة المخبأة بالأدراج للجنة عن طريق مصادر معلومات أخرى وليست الوزارة نفسها، بالرغم من التخاطب معها بذلك الشأن وتذكيرها مراراً.
مأزق المحاسبة
ومن جهته، قال عضو اللجنة النائب سمير الخادم «أنا آخر من دخل المجلس النيابي ولا تقارن خبرتي بخبرة من معي في اللجنة، ولكن الذي لاحظت من خلال العمل هو عدم وجود تنسيق بين الوزارات وبالأخص فيما يتعلق بالمشاكل المتكررة والموسمية كالأمطار»، منوهاً إلى أن «غياب التخطيط المشترك وعدم وجود برنامج يقدم للنواب قبل إقرار الميزانيات للوزارات يضع النواب في مأزق المحاسبة، فهنا النائب لا يستطيع محاسبة الوزراء المقصرين لأنه أساساً لا يملك بيده ما يلزم الوزير لتنفيذ البرنامج الذي عرضه منذ الأساس».
وواصل السعيدي بنفس السياق «إن الجميع يتنصل من مسؤولياته ولا يوجد أحد يستطيع القول بأنه مقصر، مؤكداً أن وزارة التربية عندما سألت عن الأضرار التي عانت منها بسبب الأمطار، بناءً على ما نشر عنها من صور وأفلام تثبت نسب التضررات الكبيرة، نفت أن يكون هناك تضرر كبير، بل وإنها استطاعت تغطية التضررات عن طريق ميزانيتها، وأن المبلغ ونسبة الأضرار الخفيفة لا تستحق الذكر».
واستغرب السعيدي من أحد أعضاء المجالس البلدية الذي استمات في الدفاع عن وزارة الأشغال، مؤكداً أن اللجنة لا تريد أن تظهر بلا فائدة، لذلك كانت ملاحظاتها وتوصياتها عامة وتخاطب الحكومة كونها الجهة المسؤولة عن إرشاد ومتابعة وتحريك وزرائها.
ولحظ تقرير اللجنة سوء تقدير وزارة الأشغال في تصميم شبكة تصريف الأمطار، وإخفاقها في اتخاذ إجراءات احتياطية في حال تعرض البحرين لعاصفة مطرية كالتي حدثت مؤخراً، مع العلم أن وزارة الداخلية متمثلة بالدفاع المدني والمرور بينت أن هناك مناطق في البحرين منذ أن تنزل الأمطار عليها يتجهون مباشرة إليها كونها تتكرر بها الكوارث عند هطول المطر.
ونبه السعيدي إلى أن هناك تضارباً بالمعلومات لدى وزارتي البلديات والأشغال عن تحديد منسوب المياه المتجمعة في المناطق التي ينخفض فيها مستوى الشوارع والتي تتجمع بها المياه، بالإضافة إلى وجود تنازع في الاختصاص بين الوزارتين بشأن تحديد منسوب الشارع والمنازل رغم أن المادة (12) من مرسوم قانون رقم (13) لسنة 1977 بإصدار قانون تنظيم المباني أسند هذا الأمر إلى وزارة البلديات والتخطيط العمراني عند تسليم ترخيص المباني للأفراد.
ولاحظت اللجنة كذلك بحسب تقريرها «أن تصميم خزانات تجميع مياه الأمطار صممت بشكل لا تستطيع أن تستوعب كمية المياه المتدفقة لأكثر من 24 ساعة.
إهمال التدابير الاحترازية
من جانبها، أكدت عضو اللجنة د.سمية الجودر أن هناك إهمالاً ملاحظاً من قبل الجهات المعنية في اتخاذ التدابير الاحترازية، وذلك من خلال توفير العدد اللازم من الصهاريج والمضخات والمولدات الكهربائية لشفط المياه، مضيفة «لاحظنا كذلك غياب التخطيط والتنسيق بين الجهات ذات العلاقة بتصريف مياه الأمطار مما أدى إلى عدم تحديد أدوار كل جهة على حدة وبشكل واضح».
وأكد السعيدي كذلك أنه تعذر الوصول إلى داخل المناطق القديمة لشفط مياه الأمطار وهي الأماكن الأكثر تضرراً والأشد حاجة للإنقاذ، مما استدعى الاستعانة بالقوارب المطاطية من خلال الإدارة العامة للدفاع المدني لإنقاذ الأهالي، بل وإن الأشغال تحملت مبالغ تعويض تقارب 156.300 دينار لأعمال الشفط والصيانة والإصلاح إضافة إلى التعويضات التي ذكرتها وزارة التربية والتعليم أثناء اجتماعها باللجنة والتي بلغت ما يقارب 50 ألف دينار مقابل صيانة المدارس الحكومية.
وأبدت الجودر تعجبها من ما تبين للجنة عن اجتماع لجنة الكوارث التي أكدت قبل هطول الأمطار عن استعدادها، وما تبين بعد هطول الأمطار كشف المغاير والمعاكس تماماً لهذا «الاستعداد المزعوم».
وبين السعيدي إهمال موظفي وزارتي الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني في عملية الرقابة، إضافة إلى تأخر وزارة الأشغال في رفع المخلفات والقمامة من شبكة الصرف وقنوات الصرف الطبيعي، إضافة إلى إهدار المال العام في عمليات شفط ونقل وتصريف مياه الأمطار منذ العام 2008م وحتى الآن دون حل للمشكلة بما يحقق النفع العام.