عواصم - (وكالات): يتوجه أكثر من 20 مليون عراقي اليوم إلى الصناديق الخاصة بالانتخابات البرلمانية الأولى منذ مغادرة القوات الأمريكية من البلاد نهاية عام 2011، تزامناً مع تصاعد موجة العنف التي تعصف بالبلاد منذ مطلع العام الماضي، وزيادة التوتر الطائفي، بينما يتنافس 9039 مرشحاً على 328 مقعداً برلمانياً. وتصاعدت وتيرة أعمال العنف في عدد كبير من المدن عشية الانتخابات التشريعية المرتقبة اليوم، حيث أدت سلسلة هجمات متفرقة إلى مقتل نحو 80 شخصاً خلال الـ 24 ساعة الماضية.
وقتل 15 شخصاً وأصيب 20 في انفجار مزدوج لعبوتين ناسفتين عند سوق في السعدية شمال شرق بغداد، بعد يوم على مقتل 64 شخصاً وإصابة نحو 100 في سلسلة هجمات استهدف أغلبها قوات الأمن.
وأدت أعمال العنف التي ضربت البلاد منذ بداية أبريل الجاري إلى مقتل أكثر من 750 شخصاً، فيما قتل أكثر من 3 آلاف شخص في عموم العراق منذ بداية العام الجاري.
ويقتل ما معدله نحو 20 عراقياً يومياً منذ بداية العام الجاري في هجمات متكررة غالباً ما تستهدف قوات الأمن التي تبدو غير قادرة على وضع حد لها.
ويلقى فشل قوات الأمن في حماية مراكز الاقتراع -من هجمات أغلبها انتحارية- بمزيد من الشكوك حول قدرة القوات على حماية الناخبين. وقال المتخصص في شؤون العراق في مجموعة «ايه كي اي» البريطانية الأمنية الاستشارية جون دريك إن «المسلحين لن يجلسوا بهدوء ويقولوا للحكومة «هيا نظموا انتخاباتكم»».
وأضاف «سيضربون بقوة لتشويه سمعة الحكومة وقوات الأمن ومنع العراقيين قدر ما يمكن من التوجه إلى مراكز الانتخاب بهدف جعل الانتخابات غير شرعية في نظر غالبية العراقيين». وفي بغداد، أكد عراقيون أن التفجيرات لن تحول بينهم وبين الانتخابات التي ينشدون فيها التغيير.
وعلى أمل الحد من خطورة الأوضاع، أعلنت السلطات العراقية عطلة رسمية تمتد لخمسة أيام من الأحد وحتى الخميس وفرضت حظراً على حركة المركبات في العاصمة بغداد يوم الانتخابات. وكان الوضع الأمني منذ بداية الحملة الانتخابية في الأول من أبريل الجاري، أحد المحاور الرئيسة التي طرحت في حملات المرشحين. وأكد رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يسعى للفوز بولاية ثالثة، طوال حملته خلال الأيام الماضية، على وحدة العراق ووقف إراقة الدماء.
وقال المالكي في مقابلة مع قناة «العراقية» الحكومية إن «كل من يؤمن بوحدة العراق ويرفض الطائفية والميليشيات ويرفض أن يكون امتداداً لمخابرات خارجية» هم شركاء له. وبينما ذكر أن «الأيام القليلة القادمة ستشهد تطورات مهمة على صعيد المعركة مع الإرهاب»، شدد على أنه قادر على تأليف حكومة «أغلبية سياسية على أساس وحدة العراق ونبذ الطائفية والعلاقات الطيبة مع الجميع ورفض التدخل بالشؤون الداخلية».
وتخوض القوات العراقية منذ نهاية العام الماضي اشتباكات عنيفة في محافظة الأنبار غرب البلاد ضد مسلحين أغلبهم من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش» يسيطرون على مدينة الفلوجة غرب بغداد ومناطق في مدينة الرمادي القريبة كبرى مدن محافظة الأنبار.
وذكرت «مجموعة الأزمات الدولية» في تقرير صادر عنها مؤخراً أن الأزمة الأمنية مثلت «الفرصة المناسبة للمالكي للتنافس في الانتخابات التشريعية».
وأشار التقرير إلى أن «ولايته الثانية كانت كارثية، خصوصاً العامين الأخيرين، من حيث تصاعد العنف وانتهاكات قوات الأمن والفيضانات والتعامل مع الاحتجاجات السنية، ما جعلها تفقد مصداقيتها لدى الشيعة والسنة». ورأى مراقبون أن سنة العراق يقترعون لوضع حد لتهميشهم، حيث يشعر السنة منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003، بالتهميش خاصة خلال حكم المالكي.
وتتزايد مظاهر التوتر الطائفي في العراق، وقد تحولت إلى محل جدل سياسي بين رئيس الوزراء الشيعي وخصومه وبينهم من يتمثلون في الحكومة. ورغم الحظوظ الكبيرة لدى المالكي في الحصول على ولاية ثالثة، إلا أنه يبدو من الصعب على السنة أن يصوتوا له.
في الوقت ذاته، انخرطت المراجع الشيعية الكبرى في العراق بحمى التنافس الانتخابي للبرلمان الجديد للمرة الأولى، بين داعم ومحايد ورافض، الأمر الذي أشعل الشارع الشيعي في البلاد قبل ساعات من انطلاق عملية الاقتراع. وبعد أن أعلن المرجع الشيخ بشير النجيفي تحريمه انتخاب رئيس الوزراء نوري المالكي، ودعوته لاختيار مرشحي قائمة المواطن الممثلة للمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، وأكد المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني عدم دعمه للحكيم ووقوفه على مسافة واحدة من جميع المرشحين.