أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس الوزراء، ضرورة الانتقال إلى مرحلة أكثر فاعلية والفوائد المتبادلة بين البحرين وإسبانيا، فيما أعرب جلالة ملك إسبانيا خوان كارلوس عن رغبة بلاده بتسخير خبرات شركاتها العريقة للتبادل الفعال في مجالات الطاقة والمياه وتقنية المعلومات والبنى التحتية.
ولفت سمو ولي العهد في كلمته خلال المنتدى الإسباني البحريني أمس، إلى ما تشكله العلاقات الثنائية الوطيدة الممتدة بين البحرين وإسبانيا من أرضية خصبة لتفعيل مزيد من فرص وإمكانات النماء والفوائد المتبادلة، ما لا يرتكز فقط على البعد السياسي، بل يمده كذلك بالدعم والإسناد والتواصل على الصعيدين الثقافي والإنساني، وترفده العلاقات الاقتصادية بشريان حيوي من التنسيق والتعاون المشترك البناء.
ورحب سموه مجدداً بمقدم جلالة الملك خوان كارلوس إلى البحرين، معتبراً القطاع الخاص في البلدين الصديقين عنصراً محورياً في تدعيم أسس هذه العلاقات، والإسهام بشكل ملموس في تلبية الطموح لرفع مستويات العلاقات الثنائية، في إطار ما تدركه قيادتي البلدين من جدوى بناء جسور العمل المشترك والتنسيق.
وتطرق سموه إلى مسار العلاقات الثنائية منذ تأسيسها قبل أكثر من 40 عاماً بين البحرين وإسبانيا، وما شهدته من النماء، مستمداً من أسس الصداقة العزيزة ومسار التعاون والتنسيق المشترك، عوامل تعزز تواصل تطوره منذ ذلك الحين في عدد من المحطات، وصولاً إلى عام 2008 بتوقيع اتفاقية لحماية التعاون الاقتصادي والتجاري، ونتج عن أمثلة كثيرة للشراكة البحرينية الإسبانية مصحوبة بتجاوز التبادل التجاري 200 مليون دولار أمريكي، ولكن مع كل ما تحقق تبقى هناك أفق واسعة تحمل فرصاً وحوافز أكبر.
وقال سموه إن انعقاد المنتدى كإحدى جوانب زيارة جلالة الملك خوان كارلوس، يؤكد الدور المهم للاقتصاد والعلاقات التجارية للانتقال إلى مرحلة أكثر فاعلية وأوسع نطاقاً من تحقيق المصالح المشتركة للبلدين على مستويات أعلى أثراً وتأثيراً، ما يضفي مزيداً من الحيوية والديناميكية لمردود تعزيز جسور التواصل معها.
واعتبر سموه الاهتمام المتبادل المتمثل في هذا الجمع بين البلدين الصديقين يحفزه إدراك مشترك للإمكانات والفرص التي تحملها أفق العلاقات الثنائية من احترام وتقدير للمكانة الحضارية والتاريخية والثقافية للبلدين، وما يجمعهما من إقبال على الانفتاح والتواصل البناء في جميع المجالات.
وأكد سموه أن البحرين تثمن قيمة الشراكات مع الأصدقاء مثل إسبانيا، التي برهنت أن قوة الأوطان لا تكمن في تفادي الصعوبات وحسب، بل في كيفية التعامل الفعال معها حال حدوثها.
وأضاف سموه أن البلدين على اطلاع بما يمكن أن يؤدي إليه حضور التطرف في المجتمعات من آثار مؤسفة تعجز حتماً عن تحقيق أي مردود يفيد الأوطان، مستدركاً «لكن البلدين بتجربتهما الحضارية الراسخة ملمين أيضاً بالمردود المثمر لمد جسور التوافق والتواصل والتفاهم، لتدعيم الوحدة والأطر الوطنية وسيادة القانون، مع الأخذ بعين الاعتبار أن احترام الاختلاف والفروقات يثري الأمم».
وقال سموه إن المملكة مستمرة في خطاها نحو مزيد من تحقيق الرؤى ينشدها الوطن بقيادة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الرامية لمستويات أكثر تقدماً من الازدهار والتنمية في مختلف المجالات.
واعتبر سموه أن هذا يتحقق بعزم جاد من القيادة، يقوي إقدامه ما يتحلى به البحرينيون من مسؤولية وطنية تشجعهم على مزيد من الإنتاجية وإثبات قدراتهم في مختلف المواقع العامة والخاصة، مشيراً إلى أن مسيرة التطور في البحرين باعتبارها أول دولة خليجية يكتشف فيها النفط، استوعبت أهمية التركيز على قوة الموارد البشرية إلى جانب استثمار الموارد الطبيعية.
وتناول سموه في كلمته الدور المؤثر الذي اضطلع به الراحل رئيس الوزراء الإسباني الأسبق أدولفو سواريز غونزالز، إسهاماً في بناء إسبانيا الحديثة بمقوماتها المتينة المشهود لها، معرباً عن تطلعه إلى تبادل الزيارات بين الجانبين بزخم أكبر ينسجم مع المستوى المتقدم للعلاقات بين البلدين.
من جانبه اعتبر الملك الإسباني خوان كارلوس، زيارته الحالية إلى البحرين تلبية لدعوة جلالة الملك المفدى، تأسيساً مهماً لمزيد من لبنات التنسيق والتعاون الفاعل في مختلف المجالات الحيوية التي تهم البلدين الصديقين.
وأعرب جلالته عن سعادته بالزيارة المهمة، برفقة وفد رسمي رفيع المستوى ونخبة من ممثلي قطاع الأعمال في إسبانيا، مشيداً بما تم عقده من اجتماعات وتوقيع اتفاقات مهمة تمهد الطريق وتفتحه واسعاً لتحقيق الطموحات المقترنة بالمسار المميز للعلاقات البحرينية الإسبانية الوثيقة والوطيدة.
وأكد جلالته اهتمام وحرص بلاده على تعزيز العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي، لافتاً إلى ما تحوزه البحرين من أهمية في هذا الإطار، نظراً لما تملكه من موقع في قطاعات الأعمال والأنشطة المصرفية والمالية والخدماتية.
وأضاف جلالته أنه مع تنامي مستويات التبادل التجاري بين البلدين بشكل ملحوظ، إلا أن هناك تطلعاً للوصول إلى مستويات أعلى من العلاقات والتنسيق.
وأعرب جلالته عن الرغبة في تشجيع الشركات والمؤسسات الإسبانية لتعزيز حضورها في البحرين، وتسخير خبرتها العريقة للتبادل الفعال في مختلف المجالات ومنها الطاقة والمياه وتقنية المعلومات والبنى التحتية.
وقال جلالته إن إسبانيا أدت بجهودها الدؤوبة إلى التعامل الفعال مع مختلف المتغيرات والتحديات، ما أدى لتعزيز موقعها الاقتصادي وما تستطيع تقديمه في مختلف القطاعات الحيوية.
وأكد جلالته قرب إسبانيا من العالم العربي وإدراكها لقضاياه وشؤونه وتشجيعها لنجاحه ونمائه، مشيراً إلى أن الشراكة بين إسبانيا كعضو في الاتحاد الأوروبي والبحرين كعضو في مجلس التعاون الخليجي، يستوجب أن يستمر البلدان في العمل معاً إلى جانب المجتمع الدولي، في التعامل الجاد مع قضايا تهم العالم العربي.
ونوه بالدور الذي يضطلع به جلالة الملك المفدى وثقته برؤيته القيادية في هذا المجال.
وشهد المنتدى كلمات وزير شؤون الدفاع الفريق طبيب الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة، ووزير الدفاع الإسباني بيدرو مورينيس أيولات، ووزير الصناعة والطاقة والاقتصاد خوزيه مانويل سوريا لوبيز، ووزير الصناعة والتجارة حسن فخرو، ووزيرة الأشغال العامة والمواصلات آنا ماريا باستور جوليان، ووزير الأشغال عصام خلف، ومحافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج، تناولوا فيها معطيات وآفاق التعاون والتنسيق في القطاعات الواقعة ضمن مسؤولياتهم.
ثم جرت جلسة نقاش في مجال الأعمال والاستثمار، ضمت نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين جواد الحواج، ود.عصام فخرو رئيس مجلس إدارة عبدالله يوسف فخرو وأولاده، ورئيس شركة البحرين للبتروكيماويات عبدالرحمن جواهري، والرئيس التنفيذي لممتلكات محمود الكوهجي، والمدير التنفيذي لشركة بي إف جي إنترناشيونال د.سامر الجشي، ومن الجانب الإسباني رئيس شركة أندرا خافيير مونزون، ورئيس شركة «إنيكو» بابلو فزكويز فيغا، والرئيس التنفيذي لشركة «إف سي سي» خوان بيجار.
واختتم المنتدى بمداولات بين ممثلي قطاعات الأعمال في البلدين.