قال الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الديانات والثقافات فيصل بن معمر، إن أسباب اختلال الأمن في هذه الأيام؛ لم يأتِ نتاجاً لصراع محاور دولية كما حدث في الحربين العالميتين، وإنما كان نتيجة صراع مع أعداء تخفوا خلف ستار الدين أو خلف آراء سياسية متطرفة تنتهج قتل الأبرياء.
وأكد بن معمر -في كلمته أمس خلال مؤتمر حوار الحضارات- أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الديانات والثقافات -التي أطلقها من مكة العام 2005- كان لها الأثر العظيم في مكافحة التطرف في العلاقات بين المسلمين وغيرهم، إذ تشكلت حملة عالمية لهذا المشروع قادها خادم الحرمين الشريفين بنفسه انطلاقاً من القمة الإسلامية الاستثنائية ولقاء جميع كثير من علماء المسلمين، وانبثق منها مؤتمرات روما ومدريد وجنيف ونيويورك وفيينا.
ولفت بن معمر إلى أن العالم تهيأت له خلال الحقبة الحالية فرص من التواصل لم تكن موجودة من قبل، مشيراً إلى أن الفضاء الجديد يعد أكبر مثال على التعارف بين البشر الذي دعا إليه القرآن الكريم، مؤكداً أن مبدأ التعارف لا يكتمل إلا بعلاقة سوية وحاكمة للتفاهم بين شعوب العالم أجمع عبر الحوار، الذي يعمل على حفظ التجانس بين أبناء المجتمع الواحد.
وقال الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الديانات والثقافات إن اختلال أمن العالم على نحو غير مسبوق منذ بداية الألفية الثالثة بسبب أحداث الإرهاب وما صاحبها من عنف وعنف مضاد وما أدت إليه من حروب وتغيرات استراتيجية وأمنية لمواجهة آثاره، يمثل خطورة في التحكم بمسار أمن العالم خصوصاً مع بروز جماعات دينية وسياسية متطرفة ترى في صدام الحضارات واقعاً لا مفر منه تارة باسم الدين وتارة أخرى باسم الأيديولوجيات المتطرفة وتارة باسم المدنية العالمية أو الديمقراطية.
وأوضح بن معمر أن العالم الحديث في الغرب تأسس على إنجازات عصر التنوير الأوروبي الذي جعل من العلمانية رؤية حاكمة لعلاقاته وتصوراته، وأسس من خلالها العديد من المواثيق الأممية حتى أصبح التصور الغربي للعالم في بعض مساراته بمثابة رؤية أحادية ملزمة لجميع سكان هذا الكوكب، مستدركاً: ندرك تماماً أن هناك نظريات جديدة في العالم لم تعد تقبل بالخيارات الأحادية وتعميمها على كل البشر الذين هم مختلفون بطبيعتهم، وهناك نظرية تجعل من الحوار لا الصراع بين البشر الشرط الوحيد للوصول إلى مشتركات عقلانية ومعرفية تسمح لهم بالتعايش ضمن الاختلاف. ولفت بن معمر إلى فشل حل الصراعات بالسبل العسكرية في السنوات الخمس لبداية الألفية الثالثة، والتي كانت أهم الأسباب التفكير في مكافحة ما يجري اليوم من قتل وعنف بناء على تأويلات متطرفة، ومحاولة إيقاظ الضمائر بين أطراف الحضارات وتغليب الحوار لحل تلك الصراعات.