كتب - مازن النسور:
دعا سمو الأمير الحسن بن طلال إلى تشكيل مجلس اقتصادي اجتماعي عربي يقرر محطات الإنجاز ويضع الأولويات بالاستفادة من مخرجات المؤتمرات والحوارات العالمية، رابطاً -بطريقة غير مباشرة- أهمية المجلس بـ»الحاجة لمزج المشروعات في دولنا العربية بالاجتماع الإنساني، في ظل قصور الجامعة العربية عن القيام بمثل هذه المهمة على مر تاريخها».
وقال الأمير الحسن، خلال لقائه رؤساء تحرير صحف محلية وكتاباً على هامش مشاركته في مؤتمر حوار الحضارات والثقافات، إن «الكتلة العربية في الأمم المتحدة مقصرة في تبني الموضوعات التي تهم الشعوب وغير قادرة على إيصال صوتنا وتسجيل قضايانا الرئيسة عالمياً»، مؤكداً في الوقت ذاته عدم ثقته بـ»الأمم المتحدة ومنظماتها بشكل مطلق تجاه القضايا العربية»، لكنه عاد ليحمل العرب المسؤولية «فهم لم يحضروا درسهم جيداً»، على حد قوله.
وتساءل الأمير الحسن «لماذا يخلو عالمنا العربي من مركز واحد يعنى بالتجهيز والاستعداد لعدم وقوع الأزمات»، مشيراً إلى أن «مجلس الأمن، مثلاً، يستند إلى مجلس أركان (لجنة عسكرية) لم تلتقِ منذ الحرب العالمية الثانية (..) وهناك وسائل تمارس عالمياً للنيل من ثقتنا بأنفسنا كعرب».
وذكر سموه بالقضية الفلسطينية إذ أكد أنها «يجب أن لا تكون معزولة، (..) أين المبادرة العربية مما جرى مؤخراً خصوصاً قضية المستعمرات».
ووجه الأمير الحسن الشكر لجلالة الملك المفدى على مبادرة البحرين في استضافة حوار الحضارات والثقافات في هذا التوقيت المهم، إذ تحدث الجميع عن أخلاقيات التضامن الإنساني الذي يفضي بالنهاية إلى خدمة الإنسانية.
وعدد الأمير المشكلات التي يعاني منها العرب، وبينها «هجرة العقول والطائفية والتفتت والعصبية واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء»، مشيراً إلى أن «الخلاف العرقي والطائفية سوسة تنخر بنا، فضلاً عن أنها تؤدي إلى التجزئة والعودة إلى العصبية الضيقة».
وقال إن «منطقتنا مازالت تفتقد لمضمون الهوية والمواطنة»، مؤكداً أنه شخصياً يفضل استخدام لفظة «المواطنة العالمية».
وكان الأمير الحسن ومجموعة شخصيات بارزة من قادة ودعاة العدالة والتنمية وجهوا نداءً إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لإدراج العدالة ضمن أهداف جدول الأعمال الإنمائي لما بعد العام 2015.
وأوضح أن «منتدى الفكر العربي (الذي يترأسه الأمير الحسن) تبنى قبل نحو 3 سنوات مبادرة تزامنت مع ما سمي بالربيع العربي تضمنت إطلاق الميثاق الاجتماعي والذي أسهم فيه العديد من الشباب، حيث ركز على فهم مقومات المجتمع والوطن»، متسائلاً «كيف نسمي سكان الوطن؟ هل يمكن القول بأنهم تابعية أو أرقام؟ (..) يجب الإدراك أن المواطن هو مكون للوطن، كما يجب علينا عند الحديث عن الهوية أن نكون دعاة هوية عربية، فنحن من دعاة لغة الضاد أمام العالم وأمام الأمم والمتحدة».
وعبر عن سعادته لـ»اعتماد اللغة العربية لغة سادسة قبل فترة من قبل الأمم المتحدة»، لكنه اعتبر ذلك «غير كافٍ، فهناك الكثير من الأولويات التي يجب أن تنظر لها الأمم المتحدة والعالم تجاه المنطقة».
وأشار إلى أن «معظم قضايانا الرئيسة مهمشة، (..) فلا يوجد ممثل لنا أمام العالم سوى المجلس الاقتصادي والاجتماعي لغرب آسيا، في ظل وجود 20 مليون مقتلع في الإقليم قبل مأساة سوريا، ما يعني أن الرقم ارتفع كثيراً الآن». وتساءل ماذا تعلمنا في هذا القرن وماذا صنعنا وماذا عملنا منذ تأسيس الجامعة العربية، (..) ما هي حجتنا هل هي فقط استخدام اللغة بل التفاعل الكامل مع الموضوعات والقضايا.
وتطرق الأمير الحسن لإحدى دراسات وإصدارات منتدى الفكر العربي: هل تكسب الإنسانية معركتها خصوصاً مع التحديات التي تحيط بنا، اللاجؤون، المهجرون، العمالة، انفصال واتساع الهوة بين الأغنياء عن الفقراء والوصول إلى الصراع العنيف وانتشار التعذيب الذي أصبح مؤسسياً؟
ودعا إلى إيجاد موقف أخلاقي تجاه العداء للإسلام، (..) من يتصدى لهذا العداء، أين موقفنا الأخلاقي تجاهه، ماذا بشأن الترهيب واستخدام أسلحة الدمار الشامل؟
وقال: «هل الدول العربية الذاهبة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر المقبل (6 دول) ستقدم هذه الموضوعات». وأضاف «أين أهل الرأي المسلمون من القضايا الحياتية؟». وأوضح الأمير الحسن أن «التوافق بين المعتقدات الدينية أصبح أمراً واقعاً، يجب وضع خطة طريق له»، مؤكداً «أهمية المشروع باستراتيجية معرفية تستخدم الكتب والنشرات والمراكز الفكرية، (..) يجب وضع تصور لاستشراف المستقبل»، لكنه عاد ليؤكد أن «الصوت المقنع، للأسف، يأتي من الخارج». وتطرق الأمير الحسن للتعددية الفكرية مؤكداً أنها وجدت لخدمة الكون الذي نعيش فيه، وموضحاً أنه يجب العيش باحترام لبعضنا البعض أو لا نعيش.
وأكد أن «المشكلة ليست مع الدين وإنما مع التسييس»، مشيراً إلى «الرؤية الواضحة بين الإشراق والتنوير (..) الأفكار العظيمة جاءت من الشرق والتقت مع التنوير من الغرب». وأشار إلى أن «الغرب يركز على قضية سني وشيعي ولكنه يتجاهل قضية الكاثوليك والبروستانت وهناك أمثلة كثيرة حول العالم لهذا الخلاف وأقربها أوكرانيا».
وبين الأمير الحسن أن «كل شيء في هذه الحياة يمكن ربطه بالاجتماع، فلا يمكننا الحديث عن المحور الاقتصادي منفرداً حيث يجب القول الاقتصاد الاجتماعي حتى يتمكن الإنسان من الحياة بكرامة».
وتابع أن «الله قال إن الإنسان مستخلف ونحن نختلف على من هو المواطن أو موضوع الجنسية.. هل هي مشتقة من «سايسبيكو»؟»، مشيراً إلى أنه «لا يوجد أمل من تبعية المواطن إلا بالمشاركة الثلاثية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، (..) ولا يوجد أهداف جامعة لهذه المحاور».
وخلص الأمير الحسن إلى أن «جميعنا يريد التغيير نحو الأفضل لكن القمة عادة تدعو بتحفظ والقاعدة تدعو بانفعال»، مشيراً إلى أن «هناك توجهاً لمراجعة فشل العمل العربي».
وأكد أهمية إنشاء صندوق زكاة عالمي لدعم المحرومين، متسائلاً عن أسباب تأخره رغم طرح الفكرة منذ 30 عاماً.