وصف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، دعوة الملك لعقد مؤتمر حوار الحضارات، بالخيار المميز، نظراً للأهداف التي يسعى لتحقيقها من أجل خدمة الإنسانية، مشيداً بمساهمات البحرين المتواصلة لضمان حاضر زاهر، ومستقبل مشرق لشعوب الأمتين الإسلامية والعربية.
وقال مفتي الجمهورية اللبنانية لـ«الوطن» على هامش مؤتمر «حوارات الحضارات» إن مؤتمر حوار الحضارات والثقافات الذي يقام على أرض المملكة، مؤتمر جامع يجمع المراجع الدينية والعلمية والفكرية من أنحاء العالم، على اختلاف تنوعها ليس فقط إسلامية ومسيحية بل من كل المعتقدات في العالم، مردفاً: علينا جميعاً ألا يكون بيننا اختلاف، بل علينا أن نتعاون ونتفاهم بدلاً من الانجراف في حروب تؤدي إلى دمار وخراب، وخيارنا يجب أن يكون دائماً مثل عنوان هذا المؤتمر الحضارات في خدمة الإنسانية.
وحول دعوة شيخ الأزهر لتجديد الدعوة للحوار في الداخل، علق مفتي الجمهورية اللبنانية: لاشك أن الإمام الأكبر عالم عاقل، ينظر بطرحه هذا إلى وضع أمته العربية والإسلامية ومستقبلها خاصة مصر، لأن مصر هي أم العرب وأم الإسلام، فمنها يخرج الدعاة والعلماء للعالم الإسلامي، ومصر يخشى عليها من مؤامرات خارجية كثيرة، ونتمنى أن تعود مصر لسابق عزها.
وعن الأوضاع في لبنان، بين قباني أن الأوضاع في بلاده مرتبطة كلياً وجزئياً بالأوضاع في المنطقة بأكملها، حيث إن التوترات تنعكس على الأوضاع في لبنان، مؤكداً أن بلاده تعيش حالياً حالة من الاستقرار المؤقت، مشيراً إلى إن القلق والخوف بث في نفوس العديد من المواطنين اللبنانيين بسبب إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية، ووفقاً لما يتوارد من أخبار فإنه ليس من الغالب أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية الجديد.
وتوقع مفتي الجمهورية اللبنانية ألا تستمر حالة الهدوء نظراً لارتباط لبنان بالوضع الإقليمي ككل وليس المسار السوري فحسب، محذراً من وجود مؤامرة خارجية لتفتيت العالم العربي لمصلحة إسرائيل، متسائلاً: لماذا استاءت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من المصالحة الفلسطينية الفلسطينية؟ هذا الاستياء فضيحة الفضائح العالمية.
وحذر قباني المسؤولين اللبنانيين من إشعال الفتن، مشيراً إلى أن عواقبها ستكون وخيمة، منبهاً المسؤولين لأن يختلفوا مهما شاؤوا، لكن دون فتن ولا يفتنهم أحد عن مصالحهم وعن أمنهم وسلامتهم.
وأضاف: علينا أن نعمل للوحدة وهذا ليس بالخطابات ولكن علينا بالوحدة العملية، لأنه إما أن نكون أو لا نكون، لافتاً إلى أن هذه الوحدة لا تقتضي زوال كيانات أو زوال حكام مطلقاً، بل تتطلب التعاون الحقيقي والعملي والصادق.
وطالـــب مفتـــي الجمهوريـــة اللبنــــانية المسؤولين في جميع الدول بتقرير مادة علم الأخلاق في التربية والتعليم في جميع مراحل التعليم، وتقديم الجوائز لأفضل الأبحاث في ذلك وشهادات حسن السلوك وتخريج أساتذة متخصصين في علم الأخلاق والسلوك.
وشدد قباني في كلمته «خطاب الكراهية وأثره على أتباع الحضارات» على عدم الخلط بين حظر خطاب الكراهية وبين الصدع بالحق والمطالبة به والعمل على استرجاعه واستعادته وردع الظالم عن ظلمه، مشيراً إلى أن الخطاب الخاص بالمحتل العدو الصهيوني ليس خطاب كراهية وليس موجهاً لليهود العرب أو غير العرب، فليس بيننا وبينهم خطاب كراهية، وإنما الخطاب موجه لليهود الذين يحتلون فلسطين وينبغي أن نعلم أبناءنا أن تحرير فلسطين واجب وطني وديني.
وقال قباني إن مصطلح الحوار أصبح متداولاً على نطاق واسع لكنه في أكثره إعلامي ودعائي لا يفيد ولا يؤدي لنتيجة عملية على الأخلاق الكريمة في البيوت والمدارس والجامعات والتنشئة على مشاعر الأخلاق والقيم السامية التي تبعث على المحبة والتعاون وخدمة الآخر، لافتاً إلى أن الكراهية لا تدخل مجتمعاً حتى تمزقه، خصوصاً تلك الحروب التي ترتكب باسم الدين، ولايزال الخبراء تتنازعهم حرية التعبير والحد من خطاب الكراهية لوضع المعايير التي تساعدهم على الحد من خطاب الكراهية دون المس بحرية التعبير.
وأكد قباني أن العلاج الناجع لإلغاء خطاب الكراهية ونشر ثقافة المحبة يتلخص في ما قاله أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه (كونوا دعاة للإسلام وأنتم صامتون ولما قالوا كيف ذلك رد بكلمة واحدة «بأخلاقكم»).