حذر البيان الختامي لمؤتمر حوار الحضارات والثقافات، من أن خطابات الكراهية تنافي حقوق الإنسان وتشجع على التطرف والتعصب والإرهاب، داعياً إلى إشاعة ثقافة العيش المشترك في نطاق احترام سلامة الأوطان.
وعدّ البيان المعنون بـ«إعلان البحرين»، تكريس العقليات الفئوية والعنيفة مدخلاً للتشويش على الحوار الحضاري، لافتاً إلى أن حقوق الإنسان لا تكتسب فاعليتها إلا بتوحيد معايير التطبيق العملي على مستوى الحضارات.
واعتبر «إعلان البحرين»، الحوار الأداة الرافعة لترسيخ وحدة الإنسانية بتنوعها واختلافها وتعددها، داعياً إلى تعزيز علاقة الإنسان بالآخر في إطار التكريم الإلهي للبشر جميعاً.
وأكد الإعلان أن الإنسانية هي أصل مشترك يجمع البشر جميعاً على اختلاف ألوانهم وأعراقهم ولغاتهم وتوجهاتهم الفكرية والثقافية والدينية والروحية، مشيراً إلى أن الحوار هو قاعدة وأداة ورافعة تحمل مسؤولية ترسيخ وحدة الإنسانية في إطار تنوعها واختلافها وتعددها، تحقيقاً للسلم والأمن والعدالة والتنمية والمساواة والحرية والديمقراطية.
وشجع بجميع الوسائل المتاحة ثقافة الحوار والمعرفة المتبادلة، باعتبارها من صميم التحالف الحضاري المنشود، لافتاً إلى أن جميع أشكال خطابات الكراهية هي ممارسات منافية لحقوق الإنسان، وتتعارض مع المدنية وتجافي الحضارة، وتصدر عن علاقة بالآخر يحولها الجهل به إلى كراهية، وتؤدي إلى الإقصاء والتمييز، والتشجيع على التعصب والتطرف والإرهاب، والدعوة للانغلاق بدل الحوار، والعنف بدل السلام، والتباغض عوضاً عن التعاون والتحالف.
واعتبر الاستغلال السياسي للأديان والحضارات بالتشجيع على تكريس العقليات الفئوية والعنيفة وغير المتسامحة، مدخلاً للتشويش على الحوار الحضاري ولكل مجهودات التضامن الحضاري تحت راية القيم المشتركة، وطريق للتدخل في الشؤون الداخلية للمجتمعات والدول ذات السيادة، وتعطيل التنمية، وغلق أبواب التطور السياسي الطبيعي للمجتمعات بتكريس منطق التصلب والمغالبة وأشكال المحاصصات السياسية، بدل منطق التسامح والتعاون والولاء المشترك للوطن.
ودعا الإعلان إلى أن تعمل السياسات الثقافية والتعليمية والإعلامية بكافة صيغها المشروعة، على تذكية روح الاعتدال والوسطية في مجال المعتقد، وإشاعة ثقافة العيش المشترك في نطاق احترام سلامة الأوطان، والعمل على تعزيز علاقة الإنسان بالإنسان في إطار التكريم الإلهي للبشر جميعاً. وقال إن حقوق الإنسان باعتبارها الإطار القانوني والأخلاقي للعلاقات بين الأمم والشعوب، لا يمكنها أن تكتسب نجاعتها وفاعليتها إلا في حدود معايير موحدة في التطبيق العملي بين الحضارات كافة.
واعتباراً لهذه الأهداف السامية، وضماناً لتحقيقها، دعا الإعلان إلى أن تعمل السياسات الوطنية والمحلية في كل أنحاء العالم، ومن خلال برامج التربية والثقافة والمقاربات الإنمائية المرتكزة على حقوق الإنسان في ضوء الاحترام المتبادل بين الأمم والشعوب، ومن خلال المنظومات التشريعية، والسياسات التنموية عامة، على التلاؤم مع غايات الحوار الحضاري خدمةً للإنسانية، وخاصة مبادئ قيمة الإنسان وكرامته مهما كان لونه أو عرقه أو لغته أو معتقده أو جنسه.
وحث على احترام الأديان ومنع تشويهها أو الاستهانة بها أو ازدرائها، ومع مبدأ حرية الفرد في معتقده وكفالة ممارسة شعائره طبقاً للحريات المدنية، وكذلك مبادئ التعارف الإنساني، وقبول الآخر، والعيش المشترك، والاحترام المتبادل، والمساواة في نطاق روح المواطنة وسيادة القوانين.ودعا إلى إسناد جهود الأمم المتحدة ومختلف المنظمات الإقليمية من أجل تكريس قيمة الحوار الحضاري خدمة للإنسانية، وسبيلاً لا بديل عنه للعيش المشترك في العالم.
وحث الدول ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجالات التنمية بمفهومها الشامل، على الاستعانة في عملها بالعقد الدولي للتقارب بين الثقافات (2013 ـ 2022)، وخطة العمل المتعلقة به والمعدة في إطار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، والخطط والبرامج ذات الصلة المقرة في إطار المنتدى الدولي لتحالف الحضارات، والمنظمات الإقليمية ذات الصلة.
وتطلع المشاركون في المؤتمر إلى أن يأخذ المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية والإقليمية، ومؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة، التوصيات سالفة الذكر بعين الاعتبار لتفعيل مبدأ الحضارات في خدمة الإنسانية.
وكانت الجلسة الختامية للمؤتمر انعقدت مساء أمس بمركز الخليج للمؤتمرات، إيذاناً بإسدال الستار على المؤتمر الذي جاء برعاية صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى.
ونوه المشاركون في المؤتمر من منظمات دولية وشخصيات سياسية وقيادات دينية ومراجع فكرية ممثلين للعديد من الأديان والمعتقدات والمذاهب والجماعات في العالم، بمبادرة جلالة الملك المفدى.وقالوا إنها تسهم «في بناء تحالف حضاري تتلاقى فيه الإنسانية في منظومة القيم المشتركة، وتواجه به آفات التعصب والكراهية والتطرف والإرهاب»، آملين أن «يستمر العالم في بناء علاقات إنسانية متوازنة ترتكز في جوهرها على الإنسان ذاتٍ وقيمةً لا في فرديته فحسب، وإنما في انتمائه إلى الوطن والأمة والعالم».
وأشاد المشاركون بما تضمنته أوراق العمل والمقترحات المقدمة في المؤتمر لدعم ثقافة الحوار من أجل تحالف حضاري يحقق العيش المشترك بين بني البشر على تنوعهم وتعدد ثقافاتهم وخياراتهم الفكرية والدينية والروحية.
واستحضروا في «إعلان البحرين» كامل رصيد الجهود السابقة، والمبادرات التي أطلقتها الشخصيات والمؤسسات العديدة من أجل نشر ثقافة العيش المشترك والاحترام المتبادل، والتسامح القائم على التفاهم والتعارف بين الأفراد والثقافات والأديان والحضارات، إشاعةً لقيم العدل والسلام في نطاق سيادة القانون ومرجعية مواثيق الأمم المتحدة إطاراً شاملاً للعلاقات الدولية.
وثمن المشاركون جهود الأمم المتحدة من خلال مختلف هياكلها ومنتدياتها من أجل تحالف الحضارات في خدمة الإنسانية بجميع المجالات المعززة لثقافة الحوار والتواصل والتفاهم والانفتاح بين المنتمين إلى الأديان والثقافات والحضارات المتعددة.