أكد علماء ودعاة أن «الإيمان صرح من الأعمال الصالحة شيد على أساس من الإيمان واليقين، وكلما زاد عمل المرء زاد إيمانه، وكلما زاد إيمان المرء أثمر عملاً صالحاً، وهذا ما أدركه السلف الصالح رحمهم الله فكانوا يتواصون بينهم بما يزيد إيمانهم، ويقوي يقينهم، فكان أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لأصحابه: « تعالوا بنا نزدد إيماناً»، وكان معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول لأصحابه: «اجلسوا بنا نؤمن ساعة».
وشدد العلماء على «ضرورة المحافظة على منسوب الإيمان عالياً لا تؤثر فيه الشبهات ولا تزلزله الشهوات، وأن يكون العبد محافظاً على أوامر الله، مجتنبا نواهيه، فالمجاهدة للنفس في القيام بالطاعة والبعد عن المعصية هي التي تمد القلب بحياته، يقول الله تعالى «والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم».
وفي هذا الصدد، قال الداعية الشيخ محمد حسان إن «أول الخطوات لعلاج ضعف الإيمان وزيادته التضرع إلى الله عز وجل، وطلب المدد منه سبحانه، أن يجدد الإيمان في قلب العبد، وأن يتذوق العبد حلاوة الإيمان»، مضيفاً أن «البعد عن معصية الله هي فضل من عند الله سبحانه». وشدد الشيخ حسان على ضرورة أن «يجتهد المرء في الانتقال من بيئة المعصية إلى بيئة الإيمان، وأن يتخذ خطوات صادقة نحو طاعة الله والبعد عن معصيته».
وتابع «شاء الله عز وجل ألا تخلو الأرض من عباده الصالحين القائمين له سبحانه، يقول الرسول الكريم «لاتزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك».
ولذلك يرى العلماء أن «الإيمان صرح من الأعمال الصالحة شيد على أساس من الإيمان واليقين، وكلما زاد عمل المرء زاد إيمانه، وكلما زاد إيمان المرء أثمر عملاً صالحاً».
وقد أرشدنا الله إلى كثير من الأعمال الصالحة التي لها أثر عظيم في زيادة الإيمان، كتعلم العلم الشرعي، وقراءة القرآن مع التدبر والتفكر، والنظر في سير الأنبياء والصالحين، والتفكر في آيات الله الكونية التي تدل على عظمة الخالق وبديع صنعه، والاجتهاد في العبادة من صلاة، وزكاة، وصدقة، وصيام، وحج، وعمرة، وذكر، واستغفار، ودعاء، وصلة رحم، وكذلك الاهتمام بأعمال القلوب من خوف، وخشية، ومحبة، ورجاء، وتوكل، وغيرها، فكل ذلك مما يزيد إيمان العبد ويقربه إلى ربه، فإذا شعر المسلم بفتور ونقص في إيمانه فليسارع إلى عمل الصالحات ففيها دواؤه وصلاحه.
من جانبه، قال الشيخ نبيل العوضي إن «ضعف الإيمان يؤدي إلى أن الإنسان المؤمن لا يشعر بلذة العبادات التي يؤديها إلى ربه»، مشيراً إلى أن «العلاج الناجع لتلك المعضلة هو عبادة الله في السر، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «خير صلاة المرء في بيته حيث لا يراه الناس»، وفي هذا الصدد، قال أحد العباد «دخلت على سفيان الثوري، في بيته، فوجدته ينظر إلى السماء ويبكي وهو يقرأ قول الله تعالى: «أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ولا نجواهم، بلى ورسلنا لديهم يكتبون»، كما إن صيام التطوع يزيد من الإيمان لأنه سر بين العبد وربه»».
ومن أسباب زيادة الإيمان البعد عن المعاصي صغيرها وكبيرها، فللمعاصي أثر سيء على الإنسان في نفسه وبدنه وإيمانه وقلبه، حيث تورث العبد ضيقاً في قلبه، وظلمة في وجهه، وقلةً في رزقه، وفساداً في عقله، ونقصا في دينه.
ومن أسباب نقصان الإيمان تعلق القلب بالشبهات وتمكنها منه، فالشبهات كالنار تحرق قلب من تعلق بها، ولا يطفئها إلا ماء العلم، ونور الفهم عن الله، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.
من ناحيته، قال الشيخ صالح المغامسي إن «الإيمان يزيد وينقص، ومن العوامل التي تؤدي إلى زيادة الإيمان، رؤية الصالحين، وهذا الأمر يتبين من إقدام الإنسان المؤمن على الطاعات، حينما يرى الصالحين والعابدين خاصة في أماكن العبادة وهو يقيمون شعائر الله». وأشار أيضاً إلى أن «من العوامل التي تؤدي إلى زيادة الإيمان ما يذكر بالآخرة فيزيد من إقدام المؤمن على الطاعات».
وفي ذات السياق، قال أحد الصالحين: «إنه لتمر على القلب ساعات إن كان أهل الجنة في مثلها إنهم لفي عيش طيب»، إنها ساعات صفاء القلب وإشراقه وسعادته بقربه من ربه، عند قيامه بطاعته، ومثوله بين يديه، وبعده عن المعاصي والسيئات، تلك الساعات التي من مر بها وتأملها، علم حقيقة الإيمان، وأنه يزيد بالطاعات حتى لا تتسع الدنيا بأكملها لصاحبه، ويضعف بالمعاصي والسيئات حتى تضيق على العاصي دنياه، وتنقلب حياته تعاسة وشقاءً».
وقد شبه العلماء الإيمان بالشجرة التي كلما رويتها بالماء الطيب، وتعاهدتها بأنواع السماد الصالح، نمت وترعرعت وآتت ثمارها طيبة يانعة، وكلما منعتها ماء حياتها، وغذيتها بكل ضار خبيث يبست وهلكت، قال الإمام علي بن إبي طالب كرم الله وجهه: «إن الإيمان ليبدو لمعة بيضاء، فإذا عمل العبد الصالحات نمت فزادت حتى يبيض القلب كله، وإن النفاق ليبدو نقطة سوداء فإذا انتهك الحرمات نمت وزادت حتى يسود القلب كله، ثم تلا قوله تعالى: «كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون».
وفي كتاب الله ما يؤكد هذا المعنى بوضوح، كقوله تعالى: «إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً»، وقوله سبحانه: «وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون»، وقوله سبحانه: «ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيماناً»، وقوله عز وجل: «الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً»، وجاء في السنة عدد من الأحاديث التي تبين زيادة الإيمان بالعمل الصالح، ونقصانه بالمعاصي كقوله عليه الصلاة والسلام: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً»، وفي بيان أثر المعاصي على الإيمان يقول صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن».