بقلم - الشيخ زياد السعدون:
هناك ظواهر اجتماعية تعيشها بعض الأسر في بلادنا العربية والإسلامية تتمثل في إهمال الأطفال، وعدم الاهتمام بهم وبطفولتهم، وربما القسوة وعدم الرحمة عليهم في بعض الأحيان، والحقيقة أن كلا الأمرين يضيع الطفولة ويجعلها عبئاً على المجتمعات، ولهذا نجد بعض الآباء والأمهات شغلتهم الدنيا وتشعبت بهم الحياة، إلى درجة أنهم يعيشون مع أبنائهم، وقد تمر أيام دون أن يروا أطفالهم وأبناءهم، وربما دون أن يجلسوا معهم فيعيش الطفل كأنه يتيم، وكما قال الشاعر:
ليس اليتيم من انتهى أبواه
من هم الحياة وخلفاه ذليلاً
إن اليتيم هو الذي تلقى له
أما تخلت أو أباً مشغولاً
وإذا نصحت أحدهم، وقلت له «اهتم بأولادك كي لا يضيعوا»، رد عليك بالقول «أنا ما قصرت معهم، يلبسون أحسن لبس، ويأكلون أحسن أكل، والخدم تحت أمرهم «وشيبون بعد»».
أخي الكريم.. أختي الفاضلة، أطفالكم يحتاجون أن تكونوا بقربهم، تجلسون معهم، وتلعبون معهم، وتسمعون منهم، كي تكونوا قدوة لهم، ولنتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول»، وهناك من الآباء والأمهات عكس ذلك تماماً، فتراهم يحرصون على أبنائهم أشد الحرص، لكنهم يجانبون الصواب في طريقة تربيتهم لأبنائهم، فيتعاملون مع أبنائهم بقسوة، خوفاً عليهم من الانحراف أو الضياع، وفي حقيقة الأمر أن القسوة على الطفل بحجة تربيته وتعليمه غالباً ما تأتي بنتائج عكسية، ولهذا نجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يضرب امرأة ولا طفلاً ولا خادماً قط، وإنما أجاز ضرب الطفل في العاشرة من عمره، ضرب تأديب لا يترك أثراً ولا أذى، ولهذا قال بعض أهل العلم: «لا يجوز ضرب الطفل قبل العاشرة، لأن الصلاة وهي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، لا يضرب عليها إلا في العاشرة فمن باب أولى ألا يضرب دون هذا السن في أمور هي أقل أهميةً من الصلاة»، فالقسوة بالأقوال والأفعال، تربي الطفل على الفشل والخوف من المجتمع، ثم بعد ذلك تتحول إلى انتقام من المجتمع كله، لأن روح الكراهية وحب الانتقام تنشأ مع الطفل حين يضرب هو عاجز عن رد الأذى عن نفسه، فلما يكبر وتكون عنده القدرة على أذى الغير لن يتردد، لأنه ينتقم لطفولته التي قضاها تحت تعذيب أهله وقسوتهم عليه.