كتب - وليد صبري:
يثير غزو فيروس «كورونا» المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية للمنطقة العربية، الذعر بين سكانها، خاصة بعد انتشاره في المملكة العربية السعودية، واكتشافه لأول مرة في دول مجاورة مثل مصر واليمن ولبنان والإمارات، وبينما تتركز الغالبية العظمى للحالات في السعودية ظهرت حالات في الأردن والكويت وسلطنة عمان وقطر وتونس، وفي أوروبا وشمال أفريقيا وآسيا وأمريكا. ويعكف الباحثون في أنحاء العالم على فحص ملابسات الإصابة بالفيروس.
وينتمي الفيروس لعائلة متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد «سارس» الفتاك التي تسببت بوفاة 800 شخص في العالم بعدما ظهر في الصين عام 2002.
ومنذ اكتشف الفيروس في 2012 وحتى بدايات شهر مايو الجاري سجلت 551 إصابة مؤكدة و157 حالة وفاة، على مستوى العالم.
وتم اكتشاف الفيروس في 24 سبتمبر 2012 عن طريق الطبيب المصري المتخصص في علم الفيروسات في جدة بالسعودية محمد زكريا. ويعتبر الفيروس السادس من فصيلة الفيروسات التاجية، وأطلق عليه في البداية عدداً من الأسماء المختلفة مثل «شبيه سارس» أو «سارس السعودي» في بعض الصحف الأجنبية. واتفق مؤخراً على تسميته «فيروس كورونا» المسبب لمتلازمة الجهاز التنفسي الشرق أوسطي.
وأعلنت وزارة الصحة السعودية مؤخراً إصابة 32 حالة جديدة ليصل إجمالي عدد الإصابات في البلاد 463 حالة. وتسبب الفيروس في وفاة 126 شخصاً منذ اكتشافه قبل عامين. وقررت الوزارة تخصيص 3 مراكز طبية في الرياض وغرب وشرق البلاد، لمعالجة المصابين.
وأقال وزير الصحة السعودي عادل فقيه مدير مستشفى الملك فهد، ذلك المكان الذي شكل بؤرة للفيروس في جدة، ما أسفر عن وفيات عدة في صفوف الأطباء والممرضات.
وقبل أسابيع، أغلق قسم الطوارئ في المستشفى بهدف تعقيمه، بعدما استقبل العديد من المرضى الحاملين للفيروس، بينهم 3 من الطاقم الطبي.
5 شركات أمصال
وأعلنت السلطات السعودية أنها دعت 5 شركات بارزة لصناعة الأمصال للتعاون معها من أجل تطوير مصل لـ «كورونا». وأوضحت أن الشركات من أمريكا الشمالية وأوروبا وأن بعضها سيزور المملكة قريباً لمناقشة كيفية إنتاج اللقاح. وعين فقيه وزيراً للصحة بالوكالة بعد أن أعفى خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وزير الصحة السابق د.عبدالله الربيعة من منصبه بالتزامن مع تسارع انتشار الفيروس، وفقاً لتقارير.
وقال متحدث باسم منظمة الصحة العالمية في جنيف إن «المنظمة تشعر بقلق من زيادة أعداد المصابين بالفيروس في السعودية».
وفي وقت لاحق، أكدت المنظمة أن «الدلائل الحالية لا ترجِح أن الزيادة الأخيرة في الأعداد تعكس تغيراً في نمط انتقال الفيروس».
وأعلنت المنظمة إثر انتهاء مهمة لفريق من خبرائها في السعودية أنها «لا ترى موجباً للتوصية بمنع موسم الحج». ونفت المنظمة أن يكون الفيروس قد وصل إلى «مرحلة الوباء»، مشددة على أن «تلك المرحلة تتطلب انتقال العدوى من إنسان إلى آخر بسهولة وبوتيرة متسارعة، وهذا ما لم يحصل، لأن الفيروس لا يطير لأكثر من متر».
بدوره، أطلق وزير الصحة السعودي حملة لتوعية الجمهور بالتعاون مع المنظمة هدفها تزويد المجتمع بالمعلومات والإرشادات اللازمة للقيام بدوره في مكافحة الفيروس.
وتحض الحملة على اتباع العادات الصحية السليمة كغسل اليدين بالماء والصابون دائماً واستخدام معقم اليدين، وتجنب ملامسة العينين والأنف والفم باليد قبل غسلها. وكذلك اتخاذ «الاحتياطات القصوى أثناء التعامل مع لحم الإبل النيئ، وبناء على نصائح الخبراء يجب تجنب لحم الإبل النيئ وكبدها وحليبها غير المغلي، كما يجب الابتعاد عن الإبل المريضة». وتشدد الحملة على إمكانية تناول لحم الإبل المطهو، وحليبها المغلي.
ويقول علماء إن المخزون الحيواني المرجح الذي ينقل العدوى إلى حالات جديدة هو الإبل التي توجد بأعداد كبيرة في السعودية.
انتقال بطيء
ويعد لبنان أحدث بلد حتى الآن، سجل أول حالة إصابة بالفيروس.
وفي مصر، أعلنت السلطات أنها تتحقق من أول حالة وفاة مشتبه بها بالفيروس لمواطنة توفيت في مدينة بورسعيد عادت مؤخراً من السعودية بعد أداء العمرة.
وأعلنت السلطات قبل أسبوعين عن أول حالة إصابة مؤكدة بالفيروس لرجل عاد مؤخراً من السعودية ويخضع للعلاج في أحد مستشفيات القاهرة.
وقالت وزارة الصحة المصرية إن هناك احتمالاً لإصابة حالات بشرية في مصر بالفيروس بعد اكتشافه في 4 عينات من الإبل نظراً لارتفاع حجم تردد المسافرين من وإلى دول شبه الجزيرة العربية.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الصحة الأردنية تسجيل ثاني حالة وفاة هذا العام بالفيروس، هي الرابعة منذ عام 2012.
وفي الإمارات، أعلنت السلطات الإماراتية وفاة مسعف فلبيني مصاب بالفيروس، لافتة إلى تسجيل 5 إصابات أخرى لدى مسعفين فلبينيين أيضاً داخل قسم للإسعاف في إمارة أبو ظبي. في موازاة ذلك، أعلن اليمن أول حالة إصابة بالفيروس. ونقلت صحيفة الثورة شبه الرسمية في اليمن عن وزير الصحة العامة والسكان أحمد العنسي قوله «الأجهزة الطبية سجلت حالة واحدة مصابة بفيروس كورونا في صنعاء وكان ضحيتها شاب يمني يعمل مهندس طيران».
كما أعلنت ماليزيا إصابة رجل ماليزي بالفيروس بعد قدومه من جدة عقب أدائه العمرة.
وقالت اليونان إنه تم اكتشاف أول إصابة بالفيروس لرجل يوناني مسن مقيم في السعودية.
وأكدت السلطات الصحية الأمريكية تسجيل إول إصابة بالفيروس، موضحة أن الشخص المصاب يعمل في الرعاية الصحية وقد سافر مؤخراً إلى السعودية.
وفي سبتمبر الماضي، أعلن المجلس الأعلى للصحة في قطر وفاة سيدة قطرية بالفيروس.
وفي نوفمبر 2013، سجلت الجهات الحكومية في سلطنة عمان أول وفاة لمصاب بالفيروس.
وفي البحرين، أكدت وزارة الصحة عدم تسجيل أي حالة إصابة، مؤكدة كامل استعدادها لمواجهة المرض. وصرحت مدير إدارة الصحة العامة د. مريم الهاجري، أن وزارة الصحة على جهوزية تامة للتصدي للفيروس من حيث الاشتباه بالإصابة به، وتشخيصه والاستجابة في حال التأكيد المخبري لأي حالة.
وأعدت وزارة الصحة خطة شاملة للعاملين الصحيين في القطاعين الحكومي والخاص للتعاطي مع الحالات التي يشتبه بها أو يثبت إصابتها بفيروس كورونا، كما تم التدريب العملي على تنفيذ بنود الخطة.
ومنذ اكتشاف أول حالة للمرض في السعودية عام 2012، تم فحص أكثر من 400 عينة في المختبر المرجعي بإدارة الصحة العامة وجاءت جميعها سلبية.
من جانبها، أكدت رئيسة قسم برامج تعزيز الصحة بالمنطقة الصحية الثالثة والرابعة بوزارة الصحة د. كوثر العيد أنه «لم تسجل أية إصابة بفيروس كورونا حتى الآن في البحرين»، مشيرة إلى أنه «تم رفع مستوى الترصد للمرض، حيث تنسق وزارة الصحة مع منظمة الصحة العالمية وعدد من الخبراء الدوليين لمعرفة المزيد حوله». وأضافت د. كوثر أن «الإجراءات المتخذة في مملكة البحرين تتضمن التأكيد على جميع العاملين الصحيين الالتزام بقواعد مكافحة العدوى كغسل اليدين، ولبس الكمامات عند معاينة المرضى وغيرها، ويتم رفع الدرجة القصوى لترصد المرض، وتوفير أحدث العلاجات المتوافرة في الصيدليات والمستشفيات».
الفيروس والجمال
في سياق متصل، قال خبراء الفيروسات إن «المعرفة المتاحة في مجال الكيمياء الحيوية تتيح إنتاج لقاح ضد الفيروس». وفي البداية ربط العلماء الفيروس بالخفافيش وكشفت الأبحاث أن حالات العدوى بالفيروس أو الدلائل على وجوده منتشرة بين الجمال العربية في الشرق الأوسط. وجاء في دراسة صدرت في الولايات المتحدة أن فيروس كورونا ينتقل عبر الإبل ويمكن أن ينتقل مباشرة من الحيوانات إلى البشر.
وقال خبير الفيروسات في مركز إراسموس الطبي في روتردام بهولندا بارت هاجمانز إن «جميع الأدلة تشير حالياً إلى الجمال» كمصدر محتمل لانتقال العدوى للإنسان. وهو يتفق مع مدير مركز العدوى والمناعة بجامعة كولومبيا بالولايات المتحدة إيان ليبكين على أن «تطوير لقاح للحيوانات ربما يكون أكثر فعالية على المدى الطويل في احتواء الإصابات بين البشر».
وقد حدد باحثون أمريكيون أجساماً مضادة فعالة ضد الفيروس ما يفتح الباب أمام علاجات محتملة ضد المرض المعدي.
وعززت دراسة لكلية الطب البيطري في جامعة فيينا نظرية انتقال «كورونا» إلى الإنسان عن طريق الإبل.
وتؤكد الدراسة الجديدة أن الفيروس موجود لدى بعض أنواع الإبل التي تعيش في الخليج وأنه قريب من الذي يصيب الإنسان.
وأظهرت عينات أخذت من مخاط أنوف وإفرازات عيون 76 بعيراً من الخليج وجود فيروس كورونا في 5 منها.
وأظهر التحليل الجيني لهذه الفيروسات تقارباً كبيراً من فيروسات كورونا أخرى اكتشفت لدى إبل في قطر ومصر وأيضاً مع فيروسات أصابت البشر.
ويمكن أن يتسبب المرض في السعال وارتفاع درجة الحرارة والالتهاب الرئوي وصعوبات في التنفس ويؤدي أيضاً إلى توقف عمل الكليتين وقد يفضي إلى الوفاة.
وينصح خبراء الصحة بالمداومة على غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون أو المواد المطهرة التي تستخدم لتعقيم اليدين، خاصة بعد السعال أو العطس واستخدام دورات المياه، وقبل وبعد التعامل مع الأطعمة وإعدادها، كما يؤكدون على ضرورة استخدام «المحارم الورقية» المناديل عند السعال أو العطس وتغطية الفم والأنف به، ثم التخلص منه في سلة النفايات، كما ينصح الخبراء بتجنب ملامسة العينين والأنف والفم باليد، وتجنب الاحتكاك بالمصابين.