كتب - إبراهيم الزياني:
وافق مجلس الشورى على مشروع قانون الدين العام الناص على رفع سقف دين الدولة من 40% إلى 60% من إجمالي الناتج المحلي، في جلسته الاستثنائية الأولى أمس، وأحال المشروع إلى «النواب» للنظر في المواد المختلف حولها.
وأنقذ المستشار القانوني بالمجلس محمد الدليمي، المشروع بقانون من التأجيل واللجوء على هيئة التشريع والإفتاء القانوني، بعد اختلاف ممثلي الحكومة مع الشوريين حول ما نصت عليه المادة الثالثة من أن «للحكومة أن تقترض بقانون مبالغ» ما يعني اشتراط موافقة السلطة التشريعية على الاقتراض الحكومي، إذ رأى محافظ مصرف البحرين المركزي أن «النص غير عملي، إذ إن المصرف يصدر أذونات بشكل أسبوعي، هل يعني أن نأتيكم أسبوعياً للموافقة عليها؟»، فيما أشار أعضاء المجلس إلى أن عقد القروض دون قانون يخالف المادة (108) من الدستور، قبل إيضاح الدليمي أن «النص لن يؤثر على عمل الحكومة، إذ يجيز القانون لها الاقتراض إلى حد 5 مليارات، وإذا أرادت تجاوز ذلك يتم عبر قانون».
وسأل رئيس المجلس علي الصالح، عن «حالة اقتراض الحكومة مبلغ ما قيمته 60% من إجمالي الناتج المحلي، وانخفض بعدها الناتج بنسبة 50%، ماذا يحدث في هذه الحالة؟» من جهتها قالت عضو لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بالمجلس د.ندى حفاظ، إن «المشروع قانون يأتي ليسد فراغاً تشريعياً، إذ لا يوجد قانون يحدد سقف الدين العام».
وردت على تساؤل الصالح «من الأجدر أن نسأل ماذا لو لم يكن هناك سقف للدين العام، ووصلت نسبته إلى 80% أو 100% من إجمالي الناتج المحلي»، معتبرة أن «نسبة 60% هي الأنسب، بعد مقارنة اللجنة لأوضاع كثير من الدول».
وقال العضو الشوري الشيخ د.خالد آل خليفة «بلا شك أن القانون سينظم الوضع في البلد، ونتمنى من السلطة التنفيذية الالتزام في تنفيذ القانون بعد صدوره، من المهم ألا يكون حبراً على ورق».
وتداخل محافظ مصرف البحرين المركزي رشيد المعراج «أشارككم قلقكم بالنسبة لموضوع الدين العام، لأنه يهم كل مواطن بحريني بغض النظر عن موقعه، ونحن طوال السنوات الماضية سعينا أن يدار الدين العام بأقصى درجة من العناية، مراعاة للظروف التي يمر بها».
وأردف المعراج «لا شك أنكم تدركون أن السنوات الثلاث والأربع الماضية، مررنا بظروف استثنائية، إضافة للأوضاع المالية العالمية التي ساهمت بتراجع ملحوظ، في ظل هذه الظروف زاد الإنفاق الحكومي، بتوجيه المبالغ لمشاريع تنموية، إضافة إلى الإعانات التي وفرتها الحكومة، ما ترتب عليه زيادة في حجم الالتزامات المالية، وتسبب بارتفاع الدين في السنوات الأخيرة».
وعن سبب تحديد النسبة بـ60%، ذكر المعراج «لم نحدد النسبة جزافاً، هناك كثير من الأبحاث التي تمت، و60% أصبحت متوسط المؤشر للدول متوسطة الدخل، هناك بعض الدول فاقت هذه النسبة، وشاهدتم ما حدث خلال السنوات الماضية للدول التي توسعت في ذلك».
ورداً على المثال الذي طرحه رئيس المجلس، قال المعراج «لا اقتصاد يتراجع 50%، حتى الدول التي تشهد تراجعاً قد يكون بنسبة 1% أو 2%».
ورأى المعراج، أن «القيود التي وضعت في القانون، مع الضوابط الأخرى الموجودة، في محصلتها ستوفر عناصر جيدة للتحكم وضبط الإنفاق في المستقبل وللمضي إلى الأمام، وكثير من الأمور الواردة في مسودة المشروع، تم الاسترشاد بها من الممارسات العالمية، ولا أرى مبرراً للقلق الزائد، في ظل وجود ضوابط حال وصلنا إلى نسب مقلقة».
وعقب الرئيس علي الصالح على مداخل المعراج «يجب أن نقلق جمعياً، بما فيهم المحافظ نفسه على الدين العام، وإذا لم نقلق لن نصلح أوضاعنا، البحرين تعتمد على مصدر وحيد وهو النفط، ونتذكر في سنة 1997 انخفض سعر برميل النفط إلى 8 دولارات، وهذا يحصل، إذ إن النفط سلعة عالمية استراتيجية لا يمكننا التحكم في أسعارها، اليوم سعر البرميل أكثر من 100 دولار، لكن لا ندري كم سيصبح بعد سنة أو سنتين، والقلق حافز لنا جمعياً، لنفكر مرتين قبل رفع الدين العام».
ودار جدل طويل حول المادة الرابعة من المشروع، الناصة على «للحكومة أن تقترض بقانون مبالغ بالدينار البحريني أو بأية عملة أخرى، عن طريق الاقتراض المباشر، أو عن طريق إصدار أذونات على الخزانة العامة، وسندات تسمى (سندات التنمية)..».
وبدأ النقاش، بعد أن اقترح المعراج حذف كلمة «بقانون» من بداية المادة، وبين «السبب في ذلك أن النص غير عملي، وأعطيكم مثالاً، نحن في المصرف المركزي نصدر أسبوعياً أذونات الخزانة، تستحق السداد على ثلاثة أو ستة أشهر، هل يعني إذاً أن نأتيكم أسبوعياً للموافقة على إصدار الأذونات؟».
وأضاف «نحن معكم في وضع ضوابط على السقف، لكن التفاصيل الإدارية يجب أن تكون مرنة، نحن لا نطلب شيئاً استثنائياً، هذا الأمر دارج في كل مكان».
وعقب رئيس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بالمجلس خالد المسقطي «الدستور كان واضحاً أن الاقتراض يكون بقانون يصدر من السلطة التشريعية».
وينص البند (أ) من المادة (108) في الدستور، على أنه «تعقد القروض العامة بقانون، ويجوز أن تقرض الدولة أو أن تكفل قرضاً بقانون في حدود الاعتمادات المقررة لهذا الغرض بقانون الميزانية».
وذكرت د.ندى حفاظ، أن «النص مهم جداً، وحذف كلمة قانون يخالف الدستور، ويفرغ المشروع من محتواه، ويحد من صلاحيات السلطة الرقابية لمجلسي الشورى والنواب»، فيما رأى العضو الشوري د.ناصر المبارك أن «الكلمة غير مهمة، لأن الدستور أصلاً اشترط عقد القروض العامة بقانون». وبعد أخذ ورد بين الأعضاء وممثلي الحكومة، اقترح رئيس المجلس علي الصالح اللجوء لهيئة التشريع والإفتاء القانون، لأخذ رأيهم في المادة ومدى توافقها مع النص الدستور، وعلى ضوء الفتوى يتخذ الشوريين قرارهم، ووافق المجلس على المقترح.
وواصل بعدها المجلس مناقشة باقي مواد المشروع، وبعد الانتهاء من إقرارها، ذكر الصالح أن المستشار القانوني محمد الدليمي نوه إلى أن «المجلس وافق على مرسوم تعديل بعض أحكام قانون إصدار سندات التنمية، وأذنتم بحسب المادة الثانية لوزير المالية بالاتفاق مع مصرف البحرين المركزي، أن يصدر أذونات في حدود 5 آلاف مليون، والحكومة والمستشار القانوني يوضحون أن السلطة التنفيذية لا تحتاج التقدم بقانون لكل قرض، إنما تلتزم بالسقف الأعلى».
وأوضح محمد الدليمي، أن «النص لن يؤثر على عمل الحكومة، إذ إن القانون يجيز لها الاقتراض إلى حد 5 مليارات، وإذا أرادت تجاوز ذلك يتم عبر قانون»، ليقر بعدها المجلس المادة دون تعديل.
ووافق المجلس على المادة السادسة الناصة على أنه «يختص المصرف بكل ما يتعلق بإصدار أدوات الدين العام. وعلى المحافظ تزويد الوزير بتقارير شهرية عن أوضاع هذا الدين، وذلك وفقاً للإجراءات التي يصدر بها قرار من الوزير بالاتفاق مع المحافظ».