بقلم - الشيخ زياد السعدون:
قد يظن البعض أن الأطفال ليس لديهم مشاعر أو أحاسيس كمشاعر الكبار وأحاسيسهم، بل إن بعض الآباء قد لا يستمعون إلى أبنائهم إلا حين يسقطون أو يصابون، وربما يرى أحدهم طفله يتألم وفي تلك اللحظة المؤلمة، بدل أن يُسمعه كلمات يخفف بها عن ألمه، على العكس، يقوم بضربه وتعنيفه بالكلام، «كم مرة قلنالك لاتسوي هالشئ»، بل إن بعضهم ما أن يتكلم الطفل حتى يتم إسكاته «مائة مرة قلنا لك لا تتكلم لما الكبار يتكلمون»، وبعض الآباء والأمهات لا يوجد في قواميسهم مصطلح «الحوار مع الأبناء»، وفي نظرهم أن الأبناء ليس من حقهم الكلام أو الشكوى أو التعبير عن مشاعرهم، بل عليهم تنفيذ الأوامر من دون نقاش.
وليتنا ننظر إلى الأنبياء، كيف كانوا يحاورون أبناءهم؟ فهذا سيدنا يعقوب عليه السلام، يستمع إلى رؤية رآها ابنه يوسف عليه السلام، وهو يومئذ طفل صغير، ومع صغر سنه، استمع له سيدنا يعقوب عليه السلام، ثم أخذ يخوض معه في تفاصيل هذه الرؤيا، محذراً إياه من أخبار إخوته بذلك، وهذا سيدنا إبراهيم عليه السلام، حين أمره الله عز وجل بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام، «قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين»، مع علم سيدنا إبراهيم عليه السلام، أن رؤيا الأنبياء وحي، ومع هذا يسأل ابنه إسماعيل عن رأيه في الموضوع، ولو نظرنا إلى الحوار الذي دار بين سيدنا نوح عليه السلام وابنه الكافر، الذي رفض الصعود إلى السفينة، يخاطبه بكل ود ويقول له «يا بني» ويسمع منه رده، وحتى بعد أن أصر الولد على رأيه، ذهب سيدنا نوح عليه السلام، يدعو الله أن ينجيه ولم يتوقف حتى نهاه الله عن ذلك.
الطفولة مليئة بالمشاعر والأحاسيس، ويحتاج الطفل إلى من يستقبل منه ويشجعه، فإذا كان الوالدان لا يسمعان للطفل فمن يسمع منه وإلى من يتوجه بشكواه؟! ولهذا ما إن يكبر الطفل حتى يجد في أصدقائه البديل عن الأهل والبيت، لأنه وجد من يتحدث معه ويسمع منه، والطامة إذا كان هؤلاء الأصدقاء، أصدقاء سوء، فلنستمع لأبنائنا ونشجعهم على الكلام، والبوح بمشاعرهم، قبل أن يبحثوا عمن يسمعهم.