مجموعة الشاعر السعودي سعد الحميدين التي حملت عنواناً هو «السين بلا جواب» جاءت خليطاً من أساليب الكتابة الشعرية وبينها السليم المألوف وغير السليم والمألوف.
في هذه القصائد ما هو كلاسيكي عمودي لا يلبث أن يتبعه ما هو متعدد القوافي والأوزان أو ما هو خالٍ من القافية ومتعدد الأوزان، كما يليه ما هو نثري فعلاً وإن حاول الشاعر الإتيان به في لباس يبدو شعرياً.
بعض ما يؤخذ على قسم من كتابة سعد الحميدين يتمثل في الخلل الإيقاعي الموسيقي الذي يتردد بين فترة وأخرى.
وردت المجموعة في 75 صفحة صقيلة متوسطة القطع وصدرت عن دار»بيسان للنشر والتوزيع» في بيروت.
عنوان المجموعة أي «السين بلا جواب» يتردد في كل صفحات الكتاب تقريباً، وتأتي بعض القصائد دون عنوان أحياناً والأخرى تحمل عنواناً بالإضافة إلى اسم المجموعة. ويبدو أن السين هنا ترمز أو تختصر كلمة سؤال ليتحول العنوان إلى الحديث عن أسئلة بلا أجوبة.
القصيدة الأولى طويلة حملت عنواناً هو «ربيع الرماد» وفي العنوان ما قد يحمل إلى الذهن شبهاً ما بموحيات اسم مجموعة خليل حاوي الأولى «نهر الرماد».
يقول الشاعر في هذه القصيدة مقدماً للقارئ نوعاً من «الكوكتيل» الأسلوبي الذي قد يأتي بعضه غامضاً على الفهم أحياناً «حلم يتشبث بالأمل المفقود/ منذ تنفس من يعرف بالإنسان/ وساد على بعض من مكنون المعمورة/ بالحكي تعمر فتدمر بالحكي الآخر/ يقول اناي/ فيقول الآخر اناي أنا/ تبقى منشفة الأزل المنشورة/ فـ..(لي)/ شعار حياة محتكرة ولتسقط كل الـ (ليات) فـنا أحيا.. (شعار)».
وينتقل بعدها إلى القول بنبض وإيقاع مختلف إلى حد ما وبصور مجازية وبرموز أحياناً «ولغيري طوفان وهلاك/ عجب أحتار به ما أحتار بحيرته/ يدور بدائرة مسلولة/ يربض في ليل شتوي/ والدفء بأنفاس حرى/ وشاهد قبر الأبدية/ ويحك الجرب المتورم بجدار يعلوه غبار الأنوية/ يتراكم/ مخدات ووسائد../ وأمان منتهيات المدة/ بقشور تفاهات قزمة/ وعلى كرسي مقولة أقوال/ (قعدت)/ قالوا فـ..قلنا».
ويتابع في إيقاع آخر فيقول «في أثر قوافل الضياع/ تبعث آثارالقطيع/ أمعنت في الخطى على آثارها وأرسم العلامة/ هنا الشمال../ ومن هنا اليمين..» ليقول بعدها في شيء من الخلل الموسيقي «حتى إذا ما شمر الليل عن سواعده/ تأهباً لنصب خيمة المساء/ مثبتاً أوتادها../ وكشر السواد عن كهف عميق/ حفرت في مكاني واضطجعت/ ملتحفاً بكومة وكومة من التراب..».
وننتقل معه بعد ذلك مباشرة إلى حال مختلفة وموضوعات مختلفة أيضاً، وإلى نمط مختلف أيضاً يقول متحدثاً عن العرب وربما عما سمي بالربيع العربي «دورة أسطوانة قديمة (هم العرب اتفقوا)/ على غير اتفاق/ ولم..ولن/ صار الربيع كما الخريف/ حلم الربيع ضاع/ تطاولت ساقاه حتى مست السحاب/ نافخاً في بوقه/على رتابة الأنغام/ ممعناً حتى تقطعت/ فأصبحت صدى مشتتاً/ أصابه الهبوط بين نفخة ونفخة/ فذااااااااب..».