إذا كان المخبر الصحفي يعد ناقلاً للخبر، فإن الحال بالنسبة للصحافي البرلماني يخالف هذا الواقع قليلاً، فهو تحت قبة البرلمان لا يكون مجرد ناقل للخبر، بل مراقب جيد للعمل البرلمانى ونشاط النواب، وأداء الأمانة العامة للمجلس، ومحلّل جيّد لأداء النواب، ومحفزاً للأداء العام للمجلس التشريعى، لذلك عليه أن يكون على دراية تامة بمشروعات القوانين التى يتم طرحها والقوانين التى تتم مناقشتها.ويعتبر المتخصصون الصحافي البرلماني عملة ذهبية من وجهين، فهو من جهة سند قوي للنواب، وخاصة عندما يقتنع بنزاهتهم وقدرتهم على خدمة الناخبين، وهو في الوقت ذاته عين الشعب على البرلمان، ينقل له صورة تفصيلية عما يدور تحت قبة المجلس. وتعمل الدول على تنمية مهارات الصحافيين البرلمانيين، لاسيما وقد ازدهر هذا النوع من الصحافة بعد مشروع جلالة الملك المفدى الإصلاحي، وذلك من خلال إقامة برامج تدريبية وتأهيلية قادرة على مواكبة التطورات التكنولوجية في مجال الصحافة والإعلام، فضلاً عن الدفاع عن مهنة الصحافة البرلمانية وتنمية الوعي بدورها وسط العاملين في هذه المهنة والمجتمع عموما، وفي هذا الصدد قام معهد البحرين للتنمية السياسية وكجزء من أهداف إنشائه بعدة دورات تدريبية تصب في هذا الجانب.فمثلما يعتمد البرلمان على وسائل الإعلام في إطلاع وإبلاغ الشعب حول القرارات والنشاطات التي يقوم بها، تعتمد وسائل الإعلام أيضا على البرلمان في ضمان وحماية حقها وحريتها في الكتابة وإعداد التقارير حول كل ما تلاحظه وتشاهده.وقد يواجه الصحافي البرلماني العديد من المعوقات خلال عمله فيما يتعلق بتغطية فعاليات البرلمان ونقلها للجمهور على النحو الذي يسهم في دفع العملية البرلمانية إلى آفاق أوسع سواء لتحقيق علاقات أفضل بين المواطنين وممثليهم في البرلمان، أو عرض صورة البرلمانيين في المجلس وكيفية تعبيرهم عن تلك الثقة الممنوحة لهم، إلا أن عرض الصحافي لهذه الصورة قد لا يجد ترحيبا من قبل النواب، وخاصة اذا اختلفت هذه الصورة عن مصالحهم، والتي ما إن تقترب الانتخابات إلا وتصب هذه المصالح في رغبة النواب في كسب المزيد من رضا الشعب للفوز بالانتخابات في دور الانعقاد المقبل.وعلى الرغم من أن لدى البرلمان ووسائل الإعلام مسؤولية والتزاماً مشتركاً نحو العملية الديمقراطية، ورغم اعتماد وسائل الإعلام على البرلمان في ضمان حق حرية الصحافة، فإن وسائل الإعلام لا تتحمل مسؤولية جعل البرلمان أو أي من أعضاء البرلمان يبدون بصورة مغايرة عن الواقع في عيون الجمهور.فإذا كانت مسؤولية البرلمان هي اتخاذ قرارات تتعلق بالسياسات العامة التي تستجيب لاحتياجات ومصالح ورغبات المواطنين، فمسؤولية وسائل الإعلام تجاه الجمهور تكمن في إطلاع هذا الجمهور، وعلى نحو دقيق، بتفاصيل هذه القرارات، والكيفية التي تم فيها اتخاذ هذه القرارات، والعوامل التي أدت إليها، وموقف وأقوال كل نائب من النواب حيال هذه القرارات.إذاً، نستطيع أن نستخلص من هذه الآراء أن أهمية الصحافة البرلمانية، ولا أحد يختلف على مدى أهميتها الكبيرة، تكمن في تدعيم التواصل والاتصال بين أعضاء البرلمان من جهة، وأفراد الجمهور ومؤسسات المجتمع المدني من جهة أخرى، إضافة إلى إنعاش المناخ الديمقراطي وإشاعته بين أفراد المجتمع، وتوسيع المشاركة السياسية الشعبية في صناعة القرار وتكريس مبدأ الشفافية ونشر المعلمومات.معهد البحرين للتنمية السياسية