عواصم - (وكالات): تبدو ليبيا على شفير حرب أهلية بعد أن غرقت في الفوضى إثر الهجوم الذي شنته مجموعة مسلحة على مقر المؤتمر الوطني العام «البرلمان» في طرابلس والهجوم الذي شنه قائد الجيش الوطني الليبي اللواء المتقاعد خليفة حفتر ضد المجموعات المتشددة في بنغازي شرق البلاد، فيما أعلنت دول عربية وغربية إغلاق سفاراتها في طرابلس وسحب بعثاتها الدبلوماسية بسبب الأوضاع الأمنية المضطربة في البلاد.
وفي تطور ملحوظ، ذكر بيان صادر عن الحكومة الليبية أن الحكومة طالبت البرلمان بوقف عمله لحين إجراء الانتخابات العامة المقبلة بعد التصويت على ميزانية عام 2014 وإعادة انتخاب رئيس الوزراء.
وأضاف البيان أن حكومة رئيس الوزراء عبد الله الثني قدمت اقتراحها إلى البرلمان كحل للأزمة السياسية وأعمال العنف التي تجتاح ليبيا.
في غضون ذلك، أعلنت قاعدة جوية في مدينة طبرق شرق ليبيا أنها ضمت قواتها لقوات حفتر الذي هاجم مقر البرلمان الليبي مطالباً بتجميده.??
كما أعلن قائد القوات الخاصة في الجيش الليبي في بنغازي العقيد ونيس بوخماد أن قواته انضمت إلى قوات حفتر.
في سياق متصل، أعلن قائد قاعدة بنينا الجوية العسكرية في بنغازي العقيد سعد الورفلي أن مسلحين شنوا قصفاً صاروخياً على القاعدة، دون أن يسفر هجومهم عن وقوع ضحايا. في شأن متصل، قال مدير مطار مدينة بنغازي شرق البلاد إنه تقرر مد إغلاقه حتى 25 مايو الجاري بسبب الاضطرابات. وكان المطار قد هوجم الليلة الماضية بصواريخ جراد.
وقد تؤدي أعمال العنف إلى إغراق البلاد في الحرب الأهلية وتعيد إحياء الخصومات بين عشرات الميليشيات التي تنشط وفقاً لما يخدم مصالحها سواء كانت أيديولوجية أم إقليمية أم قبلية.
وقد تعرض مقر قناة «ليبيا الدولية» التلفزيونية في طرابلس لقصف صاروخي، وذلك بعد بث القناة الخاصة بياناً تلاه عقيد في الجيش الليبي أعلن فيه باسم الجيش تجميد عمل المؤتمر الوطني العام، أعلى سلطة في البلاد.
وتلا العقيد مختار فرنانة، الذي قدم على أنه آمر الشرطة العسكرية في الجيش بياناً أكد فيه أنه يتحدث «باسم الجيش»، معلناً فيه «تجميد» عمل المؤتمر الوطني العام، أعلى سلطة سياسية في البلاد.
كما قرر الجيش، بحسب فرنانة، تكليف الحكومة المؤقتة برئاسة عبدالله الثني تصريف الأعمال.
ويأتي هذا الهجوم رداً على غارات جوية شنتها طائرات يقودها ضباط في سلاح الجو ضد مواقع عسكرية تابعة لجماعات إسلامية متشددة في عاصمة الشرق الليبي.
وأمام الفوضى الأمنية السائدة، أغلقت السعودية سفارتها وقنصليتها في طرابلس وأجلت كافة أعضاء بعثتها الدبلوماسية لدى ليبيا بسبب «الأوضاع الأمنية» الحالية في البلاد، بحسبما أفادت وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
وأكد السفير السعودي في ليبيا محمد محمود العلي أن «كامل البعثة الدبلوماسية غادرت العاصمة الليبية على متن طائرة خاصة». كما ذكر السفير أن عملية الإجلاء تمت «نتيجة للظروف الحالية والوضع الأمني»، وذلك «بالتنسيق مع الجانب الليبي».
كما أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أن الإمارات أغلقت سفارتها في ليبيا لأسباب أمنية.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية التركية إن أنقرة أغلقت قنصليتها في بنغازي عقب تلقي تهديد بمهاجمتها بعد أن قتل العشرات في اشتباكات بين قوات حفتر وجماعات إسلامية متشددة.
وقال مصدر أمني جزائري إن بلاده قررت إغلاق الحدود البرية مع ليبيا بسبب مخاوف أمنية. وأعلن الاتحاد الأوروبي أنه «قلق جداً» حيال «استمرار تدهور» الوضع في ليبيا.
وصرح مايكل مان المتحدث باسم وزيرة الخارجية الأوروبية كاثرين آشتون في لقاء صحافي أن الاتحاد يدعو «جميع الأطراف إلى تجنب أي استخدام للقوة» وإلى «العمل معاً» من أجل تعزيز احتمالات «انتقال ناجح» في ليبيا.
وشنت قوات حفتر، مدعومة بإسناد جوي من طائرات ومروحيات عسكرية، هجوماً على جماعات إسلامية متشددة في بنغازي، معقل العديد من الجماعات الإسلامية المجهزة بأسلحة ثقيلة. وأسفرت تلك الاشتباكات عن 79 قتيلاً و141 جريحاً، بحسب وزارة الصحة، في حين وصفت السلطات الانتقالية هذا الهجوم بالمحاولة الانقلابية.
وقد عمدت السلطات الجديدة إلى تهميش أو استبعاد الجنود القدامى، من ضباط أو جنود الجيش الليبي إبان نظام معمر القذافي، على الرغم من أن بعضهم شارك في الثورة التي أطاحت بالأخير.
وانضم عدد كبير من ضباط وجنود المنطقة الشرقية والذين ينتمي بعضهم إلى سلاح الجو، إلى قوات حفتر التي سميت «الجيش الوطني الليبي»، وشنوا غارات جوية على قواعد المجموعات المتشددة.
وعلى خط موازٍ، شنت ميليشيات نافذة في منطقة الزنتان غرب البلاد، التي تسيطر على جنوب العاصمة أمس الأول هجوماً على مقر البرلمان، أعلى هيئة سياسية وتشريعية في البلاد، والتي تواجه معارضة منذ القرار الذي اتخذته بتمديد ولايتها.
وكدليل على عجزها عن التحرك، اكتفت الحكومة بإدانة «محاولة انقلابية» اتهمت حفتر بالقيام بها، ونددت بلجوء ميليشيات أبناء الزنتان «إلى السلاح للتعبير عن آرائهم السياسية».
وكتائب الزنتان التي تعتبر بمثابة الذراع المسلحة للتيار الليبرالي في ليبيا، تطالب بحل المؤتمر الوطني العام الذي يهيمن عليه الإسلاميون والإخوان المسلمون والمتشددون.
وبعد الهجوم الخاطف على مقر المؤتمر الوطني العام، انسحبت كتائب الزنتان إلى معقلها على طريق المطار حيث دارت معارك بينها وبين ميليشيات إسلامية. وأسفرت المواجهات عن قتيلين و55 جريحاً، بحسب حصيلة رسمية.