عواصم - (وكالات): أعلن المتحدث باسم البحرية الليبية أن رئيس أركان البحرية العميد حسن ابوشناق نجا من محاولة اغتيال استهدفت موكبه أمس في طرابلس، فيما لايزال اللواء المتقاعد خليفة حفتر يلقى الدعم لهجومه الذي شنه كما يقول على «المجموعات الإرهابية» شرق البلاد، بينما تضاربت الأنباء حول دعم وزارة الداخلية ورئيس أركان قوات الدفاع الجوي للواء المنشق. وفي وقت لاحق، طالب اللواء حفتر، قائد «عملية الكرامة» ضد المسلحين في ليبيا، من مجلس القضاء الأعلى تشكيل مجلس رئاسي مدني لإدارة ليبيا. وتلا حفتر بياناً من المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة الليبية، ذكر فيه أن الثورة على نظام معمر القذافي هدفت لتحقيق الأمن والأمان في ليبيا. واعتبر أن المؤتمر الوطني أخفق في تنفيذ مهامه، حتى أصبحت ليبيا دولة راعية للإرهاب، موضحاً أن الجيش الوطني الليبي يهدف، من خلال «عملية الكرامة»، القضاء على الإرهاب.
في غضون ذلك، تتواصل العمليات العسكرية في العاصمة طرابلس مع إعلان وحدات عسكرية انضمامها لعملية «كرامة ليبيا» في حربها ضد الجماعات المسلحة. وتحدثت تقارير عن أن الوحدات العسكرية أجمعت على إعلان تسمية حفتر قائداً أعلى للقوات المسلحة الليبية، بينما لم يصدر أي تأكيد للقرار من جانب حفتر. لكن الولايات المتحدة اخذت من جهتها مسافة كبيرة حيال العملية العسكرية التي تعتبرها السلطات الليبية بمثابة انقلاب عسكري. من جهته، قال القائم بأعمال وزير الداخلية الليبي صالح مازق إن وزارته تقف مع «الشعب الليبي» وليس مع اللواء المنشق خليفة حفتر.
ووصف مازق الذي تحدث عبر قناة النبأ التلفزيونية المحلية بيانا للوزارة نقلته في وقت سابق وكالة الأنباء الرسمية عن أن الوزارة انضمت إلى حفتر بأنه بيان خاطئ. وبدأ حفتر ما وصفه بأنه حملة عسكرية ضد المتشددين الإسلاميين في مدينة بنغازي الشرقية. وانضم له العديد من الوحدات العسكرية مما يهدد بانقسام القوات النظامية الوليدة والميليشيات العديدة المتحالفة معها. من ناحيته، ذكر المتحدث باسم البحرية الليبية العقيد أيوب قاسم أن مسلحين يستقلون سيارة سدوا الطريق أمام موكب رئيس أركان البحرية العميد حسن أبوشناق في طرابلس وأطلقوا الرصاص على سيارته، ما أدى إلى إصابته.
ولقي شخصان حتفهما حين اندلع قتال عنيف قرب طرابلس، فيما قال سكان إنهم سمعوا عدة انفجارات هائلة قرب ثكنة اليرموك في حي صلاح الدين.
في موازاة ذلك، أعلنت ليبيا موعداً لإجراء انتخابات تشريعية بعد شهر في مسعى لإخراج البلاد من الأزمة التي تتخبط فيها، لكن إجراء الاقتراع يبدو غير مؤكد أمام تصاعد أعمال العنف في بلد يغرق في الفوضى.
وفي واشنطن، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جنيفر بساكي «لا نؤيد ولا ندعم التحركات الجارية على الأرض». وأمام تصاعد أعمال العنف التي تغذيها التوترات السياسية، حددت المفوضية الانتخابية الليبية 25 يونيو المقبل موعداً لانتخاب برلمان جديد ليحل مكان المؤتمر الوطني العام الذي يعتبره عدد من المراقبين من جذور الأزمة الليبية خاصة لأنه لم يتمكن من إرساء الأمن في البلاد منذ سقوط نظام معمر القذافي. ويشكك بعض المراقبين في قدرة السلطات على تنظيم الاقتراع. لكن دبلوماسياً غربياً قال إن «المفوضية الانتخابية تتمتع بالوسائل اللوجستية والبشرية اللازمة لتنظيم هذه الانتخابات في الموعد المقرر». إلا أن الهجوم على موكب رئيس أركان القوات البحرية في طرابلس، ومقتل مهندس بناء صيني في بنغازي، يدل على حالة انعدام الأمن والفوضى التي تمنع أي انطلاقة اقتصادية أو استقرار سياسي في البلد الغني بالنفط. وأعلن رئيس أركان قوات الدفاع الجوي العميد جمعة العباني على محطة تلفزيون خاصة انضمامه إلى عملية «الكرامة» بقيادة حفتر. وجاء الدعم لحفتر أيضاً في بيانات القوات الخاصة، وحدة النخبة في الجيش الوطني الليبي، وضباط في سلاح الجو ووحدات من الشرطة والجيش . وبعيد إعلان العميد العباني انضمامه، تعرضت ثكنة للدفاع الجوي شرق طرابلس لهجوم مجموعة مجهولة مما أسفر عن وقوع أضرار مادية دون ضحايا، بحسب الوكالة الليبية للأنباء.
إضافة إلى ذلك، سمع دوي انفجارات في حي صلاح الدين جنوب العاصمة حيث توجد مواقع عسكرية تحتلها فصائل مسلحة نافذة من الزنتان تعتبر الذراع المسلحة للتيار الليبرالي الذي يطالب بحل المؤتمر الوطني العام.
وتقول فصائل الزنتان المنتشرة بقوة في العاصمة إنها تدعم مبادرة حفتر.
لكن المجموعات المسلحة القوية في مصراتة والتي تناهض مجموعات الزنتان، أعلنت في بيان أنها تقف على مسافة واحدة من أطراف الأزمة داعية إلى الحوار، مما يخفف المخاوف من اندلاع نزاع مسلح في طرابلس بين هاتين المجموعتين المدججتين بالسلاح على خلفية صراع نفوذ. وتنقسم البلاد بخصوص المجلس الوطني العام بين من يطالب بحله وآخرين يدافعون عن شرعيته. كذلك بالنسبة لعملية حفتر التي ينظر إليها بريبة حتى في وسط أنصاره المعادين للإسلاميين الذين يخشون دوافعه الحقيقية.
وقد شن اللواء المتقاعد هجوماً على «المجموعات المتطرفة» في بنغازي التي يتهمها بـ«الإرهاب» وأوقعت المعارك عشرات القتلى. وعلق الهجوم لإفساح المجال أمام إعادة تنظيم القوات كما قال مؤكداً إنه لا يرغب في الاستيلاء على الحكم. أما المؤتمر الوطني العام الذي يواجه انتقادات لقراره تمديد ولايته التي انتهت في فبراير الماضي إلى ديسمبر المقبل، فقد أرجأ إلى الأحد المقبل التصويت على الثقة بالحكومة التي قدمها أحمد معيتيق المدعوم من الإسلاميين والذي انتخب عقب جلسة تصويت عمتها الفوضى وأثارت الجدل مطلع الشهر الجاري. من جانب آخر، رفضت المحكمة الجنائية الدولية أمس في الاستئناف طلباً من ليبيا يتعلق برغبتها في محاكمة سيف الإسلام القذافي بنفسها بتهمة القمع الدامي للثورة ضد النظام السابق في 2011.
وسيف الإسلام القذافي نجل العقيد معمر القذافي، معتقل لدى ثوار سابقين في الزنتان جنوب غرب العاصمة. وتتنازع المحكمة الجنائية الدولية وليبيا حق محاكمته، ورفضت طرابلس حتى الآن تسليمه إلى المحكمة.