قال الشيخ خالد السعدون إنه «لعظم رحلة الإسراء والمعراج، فقد سمى الله سورة كاملة باسمها، وهي سورة الإسراء»، مشيراً إلى أن «من أبرز فوائد وثمرات الرحلة، فرض الصلاة على المسلمين، وتيسير الله الصالحين لتثبيت أوليائه، فقد ثبت الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بلقيا إخوته الأنبياء، فثبتوه وآزروه، فعاد قوياً بما رأى من آيات عظيمات، ومن ثناء إخوته الأنبياء عليه، ودعائهم له، قال الله تعالى «ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً»».وأضاف الشيخ السعدون «من أعظم ثمرات الرحلة أن الصلاة ما فرضت إلا فوق سبع السموات، وكأنها إشارة لرفعة المصلي الذي يعفر جبهته في الأرض لرب السماء، ومن الفوائد أيضاً أن الصلاة فرضت حينما ساء حال المسلمين يومها ضعفاً وهواناً على الناس، وبلغ فيهم الأذى مبلغه، وذاك قبل الهجرة بقليل، فلو حكمنا العقل والنظر، لنطقا بلزوم التيسير، وأن المسلمين يحتاجون تيسيراً وتسهيلاً؟! لكن كل ذلك لم يكن؟ فقد فرض الله عليهم الصلاة، بعد إذ لم تكن واجبة، فهذا عقلاً ومنطقاً، وحين النظر ليس من التيسير، بل هو من التشديد؟! كلا وربي بل هو التيسير، فالصلاة هي التي تأتي بالخير العميم، وتقوي الفؤاد والبدن، وبها تنجلي المحن، وتلكم وصية الله خالق العقول والعيون، قال الله تعالى: «واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرةٌ إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون»».وذكر الشيخ السعدون أن «الإسراء مجملاً، هو اصطفاء الرحمن للنبي الأمي عليه الصلاة والسلام، إذ أسرى به ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى يقظةً، وقد امتطى حينها البراق، وهو «دابةٌ، أبيض طويلٌ فوق الحمار، ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرفه» سخره له الملك الديان، ثم عرج به فرأى الملائكة، والأنبياء في السموات مقيمين، كل قد علم مكانه وسماءه، فسلم وسلموا عليه ورحبوا به مستبشرين، داعين له بخير، فكانت سماء الدنيا أول سماء، فيها آدم فرحٌ بذريته أهل الجنان، ويردف سعده ببكاء على من تخلف فصار للنيران، ثم لما رفع إلى سابع سماء فإذا بإبراهيم عليه السلام مسنداً ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه، ثم رفعت إليه سدرة المنتهى، فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت، فما أحدٌ من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها». وتابع الشيخ السعدون «كذلك فقد أراه الله الشجرة الملعونة في القرآن، شجرة الزقوم، ثم أدخل الجنة فرأى أنهارها النيل والفرات، وتحفة له نهراً حافتاه أو شاطئاه قباب اللؤلؤ أو الدر مجوفاً، آنيته كعدد النجوم، وذاكم هو الكوثر، وهناك في السماء السابعة أو عند بيت المقدس أصاب الفطرة فأصابتها أمته تبعاً له، بتوفيق الله وذاك حينما أتي بقدحين أو ثلاثة من خمر ولبن، وثالثهما كما قيل من عسل، فاختار اللبن ونبذ الخمر، لتسود أمته سائر الأمم، باختيار نبيها دين الفطرة، وهناك أمضى الله فريضته مخففاً خمس صلوات بالعمل، وهي خمسون في الميزان».ورأى الشيخ السعدون أن «سيادة الرسول على الأنبياء والمرسلين ما تجلت إلا ليلة المعراج، فبعد إذ قربه ربه نجياً، وكلمه تكليماً من غير ترجمان، ورفعه على كثير من خلقه، حتى إنه سمع صريف الأقلام، فبلغ مكاناً لم يقربه من قبل إنس ولا جان، فهناك فرضت الصلاة ركن الإسلام والإيمان، وقد رأى من آيات ربه الكبرى، وعندما نزل جمع له الأنبياء كلهم فصلى بهم إماماً، فرأى فضله وتسويده على الأنبياء حساً، وفي الدنيا قبل الآخرة ليطمئن قلبه وينشرح للنعيم المقيم، كما شرح وحشي بالإيمان واليقين».