كتب ـ حسين التتان:
دفع عبدالله مبلغاً مكوكياً للفوز بشريكة حياته، 5 آلاف للمهر و13 ألفاً مصروفات والمجموع 18 ألف دينار كاملة، والأدهى والأمر أن هذا الزواج لم يكن سعيداً ولم تكتب له الاستمرارية وانتهى بالانفصال.
قصم المبلغ ظهر عبدالله، وهو اليوم لا يخالجه الشك بالمثل القائل «يا من شراله من حلاله علة»، فالزواج أفدح خطأ ارتكبه في حياته كلها كما يزعم، والمبلغ كان أكبر بكثير مما تستحقه حياة زوجية لم تدم سوى أشهر.
وقع عبدالله في شراك فتاة جميلة خلوقة عذبة رقيقة لا مثيل لها في الكون كله كما يصفها، تقدم لخطبتها مدفوعاً بحب جارف لا يقاوم، وهنا كانت الصدمة الأولى، المهر 5 آلاف دينار قبل الحديث عن مصاريف الحفلة والخطبة.
وجد عبدالله نفسه في ورطة، لا هو قادر على تأمين كل هذا المبلغ، ولا هو بمستطيع التخلي عن حب فؤاده، اقترض عبدالله مبلغ 20 ألف دينار من البنك لإتمام الخطبة وإنهاء مراسم الزواج، وفعلاً كان له ما أراد، ودخلت حبيبة قلبه المنزل وباتت جزءاً من العائلة.
الصدمة الثانية التي فلقت رأس عبدالله نصفين جاءت بعد الزواج، ومن شريكة حياته دون سواها، فالفتاة لم تكن خلوقة مؤدبة هادئة كما تصورها، ففي غضون أشهر انقلبت لبوة بمخالب وأنياب، همها المال واللبس والمكياج والتسريحات والوجاهة الاجتماعية، واكتشف عبدالله أيضاً أنها سطحية وتافهة، وعجب كيف وقع في حبالها ووضع قلبه أسيراً بين فكيها.
لم يحتمل بطل القصة الاستمرار مع زوجة أظهرت خلاف ما تبطن، كانت ذئباً بلباس حمل وديع، طلب الانفصال فوافقت على الفور، وبهذا خسر عبدالله كل شيء، ومازال يدفع فاتورة «غلطته» للبنك.
تجربة عبدالله مع الزواج رغم نهايتها التعيسة، إلا أنها أضافت إليه من الخبرة الشيء الكثير، وعرف أن الحب الأعمى والمستعجل ليس أساساً صلباً متيناً لتكوين العلاقة الزوجية، وهو اليوم يؤمن أن إصرار الفتاة على المهر المرتفع، يظهر عادة ضحالة تفكيرها وربما تفاهتها، فالفتاة التي تقدر الحياة الزوجية الكريمة، لا تنظر للرجل من زاوية القدرة المالية فقط، بل تنظر إلى مستوى وعيه وتفكيره وقدرته على إدارة الحياة الزوجية السعيدة.
عبدالله شاب مؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، التجربة الأولى له مع الزواج علمته الكثير، والضربة أعادت له صوابه ورشده، وفي زواجه الثاني ارتبط بفتاة فقيرة مستورة الحال، بمهر لم يتجاوز ألف دينار، ولكن شريكته الجديدة تقدر الحياة الزوجية ويعيش معها اليوم بأنعم بال.
عبدالله يجد في الحياة الزوجية حياة ملؤها التضحيات، هي علاقة إنسانية قبل أن تكون تجارية أو مادية، ويجد أفضل الزيجات وأنجحها أقلها مهراً، والمعتمدة على تكافؤ العلاقة والمستوى المادي والروحي والعقلي بين الزوجين، وكل علاقة لا يوجد بينها تناغم في كافة الجوانب محكومة بالفشل.
ويقول الباحث في شؤون الأسرة الشيخ صادق عبدالعزيز، إن مسألة غلاء المهور قضية خطيرة ابتلي بها مجتمعنا الإسلامي «لأنهم يقررون عادات جاهلية ما أنزل الله بها من سلطان». وأضاف أن «قصة الشاب عبدالله تثبت رؤيتنا حول مسألة غلاء المهور، وأن المرأة بقيمها ووعيها وأخلاقها وليس بما تطلبه من مهر، فالقيم والمثل تدوم في العلاقات الزوجية وليس المال أو قيمة المهر». وينصح الشباب والشابات بعدم التركيز حين الزواج على القضايا المادية، لأنها تبعد عن جوهر العلاقة المقدسة بين الزوجين.