أكد أكاديميون وأساتذة في جامعات بحرينية أن مجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية، استطاع على مدى 33 عاماً من مسيرة العمل المؤسسي المشترك، أن يحقق إنجازات كبيرة ومكتسبات بارزة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية والبيئية والتشريعية والإعلامية والثقافية وغيرها من المجالات، وسط تطلعات وآمال مواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتحقيق الوحدة الخليجية من أجل المزيد من الإنجازات في كافة المجالات، سيما وقد أصبح ضرورة ملحة في ظل التحديات والتهديدات التي تواجه دول الخليج قاطبة.
وقالوا لـ «بنا» بمناسبة ذكرى تأسيس مجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية، أن إنجازات المجلس ستظل راسخة في أذهان أبناء دول المجلس وعالقة في ذاكرة التاريخ، رغم التحديات والتهديدات التي تواجه دول المجلس، مشددين على أن المجلس نجح في أن يثبت وجوده كنموذج يحتذى به بين المنظمات الإقليمية والدولية.
وأكدوا أن مملكة البحرين كانت طوال أكثر من 3 عقود من تأسيس مجلس التعاون، سباقة في تنفيذ القرارات الخليجية المشتركة على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والإعلامية وغيرها، سيما معاملة المواطن الخليجي بنفس معاملة المواطن البحريني في كل شيء تقريباً، لتشمل ملكية المشاريع والشركات وحرية التنقل والإقامة والاستثمار.
وأوضحوا أن المجلس أرسى أسساً متينة للتكامل بين دوله وعمل على وجه الخصوص، على تعميق الاندماج والمواطنة الخليجية بين شعوب المجلس، وصولاً إلى الغاية المنشودة وهي تحقيق الاتحاد الخليجي لبلوغ غايات أرحب في التكامل والاندماج، تعضيداً لقوة المجلس في المستقبل لحفظ الأمن وضمان الاستقرار والتنمية والازدهار على المستويين الوطني والخليجي.
وأكدوا أن الاتحاد الخليجي أصبح ضرورة ملحة في ظل التحديات والتهديدات التي تواجه دول الخليج قاطبة، والتي تدرك أن ضرب أمن أي منها يمس باقي الدول، مشيرين إلى أن قيام الاتحاد الخليجي الذي بات مطلباً ملحاً لكل شعوب دول المجلس من شأنه حفظ الأمن وضمان الاستقرار والتنمية والازدهار على المستويين الوطني والخليجي.
وشددوا على أن الجانب الاقتصادي يمثل محوراً أساسياً من العمل الخليجي المشترك مع نمو الاقتصاد الخليجي الذي بلغ حجمه بنهاية العام 2012 نحو تريليوني دولار، بينما كان يبلغ العام 2002 نحو تريليون دولار، في ظل توقعات بأن يقفز إلى ثلاثة تريليونات دولار بنهاية العام 2020، مشيرين إلى أهمية إصدار العملة الخليجية الموحدة وتعزيز استكمال متطلبات الاتحاد الجمركي لدول المجلس والوصول لوضعه النهائي في مطلع العام 2015، في ظل إطلاق السوق الخليجية المشتركة في الأول من يناير 2008، وافتتاح مقر المجلس النقدي الخليجي بالرياض في أكتوبر 2013.
وقالوا إن اختلاف بعض الرؤى أحياناً داخل دول المجلــس تجــاه قضــايــا محددة، ستعطيه مناعة في المستقبل من أجل إيجاد تنسيق وتشاور أكبر وأكثر عمقاً، عبر آليات عمل وقنوات اتصال وتنسيق للسياسات والتحركات إقليمياً ودولياً وعلى مختلف المستويات، وذلك من خلال لقاءات القمة والاجتماعات الدورية للمجلس الوزاري، أو التي تعقد على هامش الاجتماعات العربية والدولية، وعبر لقاءات ممثلي دول المجلس في الخارج وفي المحافل الدولية وغير ذلك من قنوات الاتصال الجماعي والثنائي.
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية والدراسات الاستراتيجية بجامعة العلوم التطبيقية بالبحرين وجامعة حلوان المصرية د.محمد أبوعامود أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية حقق خلال مسيرته المباركة العديد من الإنجازات في مختلف المجالات سيما في الشؤون العسكرية والأمنية والاقتصادية، وفي المجالات المالية والشؤون التجارية والجمارك والمواصلات والاتصالات والطاقة، ودفع عملية التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والثروات المائية والربط الكهربائي وفي المستقبل القريب السكك الحديدية.
وأوضح أن المجلس حافظ على تماسكه وقوة الدفع الإيجابية ويعد أفضل منظمة عربية وحدوية في ظروف وتحديات بالغة الصعوبة، بينها ضغوط إقليمية ودولية تعمل على إعاقة عمله لأنها تعتبره يضر بمصالحها.
وشدد على أن كافة المعطيات الإقليمية والدولية توجب تنفيذ دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة، بالانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد في أسرع وقت، مدللاً على ذلك بتقرير حديث صادر عن مركز الدراسات الدولية بالولايات المتحدة دعا دول مجلس التعاون إلى توحيد الجهود في مواجهة التهديدات الإلكترونية المقبلة من « إيران أو إسرائيل « على سبيل المثال.
وأكد من هذا المنطلق أن المخاطر التي تتعرض لها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لا يمكـــــن لدولة بمفردها أن تتعامل معها منفردة، مشيراً إلى أنه توجد في الأدبيـــات السياسية والقانونية صيغ عديدة للاتحاد، دون أن تتنازل أي دولة عن سيادتها أبرزها صيغة الاتحاد الأوروبي.
وقال إن ما يجمع بين دول المجلس أكثر من أن يفرق بينها، والعلاقات التاريخية والمصير المشترك قادر على إذابة أية خلافات في الرأي، داعياً إلى مراجعة الحسابات في هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا، مشيراً إلى أن الخلافات في السياسة الخارجية بين بعض دول مجلس التعاون، كان يتم التعامل معها عبر تقاليد دول المجلس دون اتخاذ مواقف صارخة.
وأضاف أن المجلس وقف منذ ساعات إنشائه الأولى طوداً شامخاً معبراً عن إرادة الشعب العربي في هذه المنطقة من الوطن الكبير، وواضعاً طاقاته وقدراته وممارساته في خدمة مصالح الخليج والأمة العربية.
من جهته، رأى أستاذ الإعلام المشارك بالجامعة الخليجية د.محمد فياض أن دعوة خادم الحرمين بالانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد تعتبر خطوة رائدة، نتمنى أن ترى النور في أقرب فرصة ممكنة في ظل التحديات التي تواجهها دول المجلس في الوقت الراهن، ويصبح رادعاً لكل من تسول له نفسه محاولة العبث بأمن واستقرار المنطقة، معتبراً أن أية خلافات لحظية في الرؤى بين دول مجلس التعاون هي إلى زوال، نتيجة ما يجمع دول المجلس من روابط مشتركة ومصير واحد.
وأكد أن مجلس التعاون حقق إنجازات قياسية في شتى المجالات، وأضحى نبراساً لجميع الأمة العربية يهتدى به في الوحدة والتلاحم، داعياً إلى مزيد من انفتاح المجلس على بقية الدول العربية وزيادة الروابط الأخوية، نتيجة حجم التحديات والمشكلات التي تمر بها المنطقة.
ودعا د.فياض إلى بلورة استراتيجية إعلامية خليجية فاعلة، تتميز بمزيد من التنسيق والتعاون والاحترافية بحكم التحديات التي تواجهها دول المجلس تنطلق من الثوابت التي أسس عليها مجلس التعاون.
من جهته، أكد الخبير الاقتصادي بجامعة الخليج د.محمد خيري، أهمية التكامل الاقتصادي والمالي في دول المجلس، مشيراً إلى استكمال متطلبات الاتحاد الجمركي لدول المجلس والوصول لوضعه النهائي مطلع العام 2015، وإنشاء هيئة للاتحاد الجمركي للتوصل للآليات اللازمة لما تبقى من متطلبات الوضع النهائي للاتحاد الجمركي في ظل إطلاق السوق الخليجية المشتركة في الأول من يناير 2008، التي تعد إنجازاً تاريخياً لدول المجلس ونقلة نوعية في تحقيق التكامل الاقتصادي وتعميق المواطنة الخليجية.
ونوه في هذا الإطار إلى اتخاذ خطوات عملية لإصدار العملة الخليجية بعد افتتاح مقر المجلس النقدي الخليجي بالرياض أكتوبر 2013، حيث سيعزز المجلس أطر التعاون النقدي بين دول المجلس النقدي الخليجي مرتكزاً على منهج البناء المؤسسي الذي يعمل نحو دفع مسيرة الاتحاد النقدي إلى الأمام، إذ يشكل هذا المجلس اللبنة الأولى لمؤسسات الاتحاد النقدي، مشيراً إلى أن عدم انضمام دولة خليجية أو أكثر لاتفاقية العملة الخليجية في البداية لن يؤثر سلباً بشكل كبير على قوة هذه العملة، ولن يقف عائقاً أمام إصدارها.
وأوضح أن حجم التجارة البينية بين دول مجلس التعاون تتطور عاماً بعد عام رغم تشابه الهياكل الاقتصادية بدول المجلس، ما يعد مؤشراً إيجابياً على ما أنجزه المجلس خلال أكثر من 3 عقود، مشدداً على أهمية إنجاز الربط المائي والكهربائي وسكك الحديد بين دول المجلس والذي سيساهم بشكل كبير في تعزيز التكامل الاقتصادي، وصولاً إلى الغاية الكبرى وهي الاتحاد الخليجي.
وقال إن فوائض مداخيل دول المجلس والتي تقارب حالياً 2 تريليون دولار تستثمر في إنشاء البنية التحتية لتحقيق بيئة الرفاه الاجتماعي وجذب الاستثمارات، والتوجه إلى الطاقة البديلة سيما في الإمارات والسعودية، والعمل على تنويع الدخل ومواصلة النمو والازدهار الاقتصادي.
وأوضح أنه أصدر مؤخراً دراسة بعنوان « الاتحاد الخليجي يعزز دور دول المجلس في مكافحة الإرهاب « توضح كيف استطاعت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في التحوط من المخاطر الخارجية وخطر الإرهاب من خلال اتفاقية الدفاع المشترك لمجلس التعاون، والاستراتيجية الدفاعية لدول المجلس، والقيادة العسكرية الموحدة، حيث وافقت القمة السنوية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي في قمة الكويت ديسمبر 2013 على اعتماد البحرين كمقر لهذه القيادة العسكرية الموحدة، إضافةً إلى قوات درع الجزيرة المشتركة.