قال المشاركون في الجلسة الأولى من جلسات المؤتمر الدولي حول المحكمة العربية لحقوق الإنسان إنه من المتوقع عند الإنتهاء من إعداد مشروع النظام الأساسي للمحكمة أن يحال إلى البرلمان العربي طبقاً لمقتضيات نظامه الأساسي وتماشياً مع روح هذا النظام لن يكون إلا داعماً ومسانداً لهذه المحكمة باعتبارها عنصراً مهماً من عناصر تطوير العمل العربي المشترك وتدعيم آلياته.
وأكدوا، خلال الجلسة التي أدارها رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان بجمهورية مصر العربية د.محمد فايق، أنه لولا تقدم البحرين بمبادرة إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان لما رأت هذه المحكمة النور خلال هذه المرحلة، وأن البحرين دفعت بهذه المبادرة دفعاً ولولا ذلك لتأخر إنشاء هذه المحكمة لعقد آخر من الزمان على الأقل، مشيرين في هذا الصدد إلى أن مشروع محكمة العدل العربية موجود منذ زمن ولكنه لم ير النور حتى الآن.
وأشاروا إلى أن مبادرة البحرين بالدعوة لإنشاء المحكمة حققت نجاحاً باهراً بتبني القمة العربية لهذه المبادرة والإقرار بأهمية إنشاء المحكمة، معتبرين أن المحكمة نقلة نوعية في مجال رعاية حقوق الإنسان في المنطقة العربية، وتطويراً للنظام الإقليمي العربي لحقوق الإنسان وأن المحكمة لن تكون بديلاً للقضاء الوطني وإنما هي أداة إضافية لحماية حقوق الإنسان لمن يرتضيها من الدول، وذلك من خلال دورها التكميلي التفسيري والإفتائي، والحمائي. وأوضحوا أنه تم بالفعل صياغة القانون الأساسي للمحكمة وينتظر عرضه وإقراره من قبل المجلس الوزاري بالجامعة العربية.
وتحدث خلال الجلسة الأولى من جلسات المؤتمر الدولي حول المحكمة العربية لحقوق الإنسان كل من الأمين العام للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان د.أحمد فرحان والأمين العام المساعد للشؤون القانونية بالجامعة العربية د.وجيه حنفي وعضو البرلمان العربي عبدالرحمن لبداك ورئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان فرج فنيش.
رؤية الملك في حقوق الإنسان
وتقدم الأمين العام للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان د.أحمد فرحان في مستهل الجلسة الأولى للمؤتمر بورقة عمل حول «الخطوات المنجزة في إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان» تناول فيها عدة محاور وهي فكرة إنشاء «محكمة عربية لحقوق الإنسان» والخطوات المنجزة في إنشاء «المحكمة العربية لحقوق الإنسان»، كما سلط الضوء على التجارب الإقليمية في إنشاء محاكم متخصصة لحقوق الإنسان.
وأشار د.فرحان إلى أن فكرة إنشاء «محكمة عربية لحقوق الإنسان»، بدأت انطلاقاً من رؤية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى في تطوير العمل بين أعضاء دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبالأخص في مجال تعزيز وحماية وتنمية حقوق الإنسان بين الدول الأعضاء، حيث تبنت البحرين في عام 2008 مبادرة لإنشاء «مكتب لحقوق الإنسان» يعمل تحت منظومة عمل المجلس، وتنفيذاً لقرار المجلس الأعلى للدول الأعضاء بخصوص تلك المبادرة، عقد المجلس اجتماعه في يونيو وأقر إنشاء هذا المكتب ضمن هيكل الأمانة العامة ليعني بما حققته وتحققه دول المجلس من إنجازات في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان.
وقال إنه استكمالاً لتلك الرؤية التي يتبناها جلالة الملك المفدى في مجال حقوق الإنسان، وفي وقت بات فيه العالم العربي بحاجة ملحة لاستكمال الآليات العربية لحماية حقوق الإنسان، كما هو الحال في أوروبا «المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان»، والأمريكيتين «محكمة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان» وكذلك في أفريقيا «المحكمة الأفريقية لحماية حقوق الإنسان والشعوب»، جاءت مبادرة جلالته في نوفمبر 2011 إلى إنشاء «محكمة عربية لحقوق الإنسان» ليكتمل بذلك عقد المنظومة الإقليمية.
اكتمال صياغة القانون الأساسي
من جهته قدم الأمين العام المساعد للشؤون القانونية بالجامعة العربية د.وجيه حنفي ورقة خلال الجلسة تحدث فيها عن الوضع الحالي لآليات حقوق الانسان في الجامعة العربية والاصلاحات التي تتم عليها كتعديل ميثاق جامعة الدول العربية وانشاء المحكمة العربية لحقوق الانسان وغيرها.
وقال «مرت عقود كثيرة على الجامعة العربية في مجال حقوق الانسان دون أن تحدث طفرة كبيرة أو تطور موازي لما حدث في الكثير من ارجاء العالم».
وأشاد بمبادرة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ال خليفة عاهل البلاد المفدى بإنشاء المحكمة العربية لحقوق الانسان، مشيرا الى انه لولا ان البحرين تقدمت بهذه المبادرة لما رأت هذه المحكمة النور خلال هذه المرحلة، وأن البحرين دفعت بهذه المبادرة دفعا ولولا ذلك لكانت تأخر انشاء هذه المحكمة لعقد أخر من الزمان على الاقل.
وأشار في هذا الصدد الى أن مشروع محكمة العدل العربية موجود منذ زمن ولكنه لم ير النور حتى الان.
وأكد د.وجيه حنفي انه يكفي ان هذه المحكمة تنشأ لأول مرة في المنطقة العربية وهى تجربة متقدمة جداً، مشيراً الى انه على ضوء هذه المبادرة الحضارية الرائدة سيتم تفعيل الميثاق العربي لحقوق الانسان ولجنة حقوق الانسان بالجامعة العربية وسيكون لهما دورا كبيرا في عمل المحكمة العربية لحقوق الإنسان.
وكشف د.وجيه حنفي عن انه تم بالفعل صياغة القانون الاساسي للمحكمة وينتظر عرضه وإقراره من قبل المجلس الوزاري بالجامعة العربية.
البرلمان العربي
من جانبه قدم عضو البرلمان العربي عبدالرحمن لبداك ورقة عمل خلال الجلسة حول: دور البرلمان العربي في دعم المحكمة العربية لحقوق الإنسان، أشاد فيها بفكرة إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان التي قدمها صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وقال انه نظرا للأهمية القصوى للموضوع وراهنيته فقد حظي بمتابعة مستمرة من طرف البرلمان العربي إلى حين صدور قرار قمة الدوحة بإنشاء هذه المحكمة في 26 مارس 2013 وتكليف لجنة رفيعة المستوى من الخبراء القانونيين للدول الأعضاء لإعداد النظام الأساسي للمحكمة.
وقال انه من المتوقع عند الانتهاء من إعداد مشروع النظام الأساسي لهذه المحكمة أن يحال على البرلمان العربي طبقا لمقتضيات نظامه الأساسي وتماشيا مع روح هذا النظام لن يكون إلا داعما ومساندا لهذه المحكمة باعتبارها عنصرا هاما من عناصر تطوير العمل العربي المشترك و تدعيم آلياته، مما يفرض الدفع في اتجاه جعل هذه المحكمة إحدى آليات منظومة العمل العربي المشترك، لا جهازا من أجهزة جامعة الدول العربية لأن هذه المحكمة موكول لها تعزيز وتطوير وتنمية وحماية حقوق الإنسان من جهة، إضافة إلى أنها ستعمل على تقوية الأجهزة القضائية للدول العربية في احترام تام لاختصاصاتها التي لا يجب التطاول عليها أو تجاوزها، وأن اختصاصها لن ينعقد إلا بعد استنفاذ الولاية القضائية الوطنية للدول الأعضاء.
واضاف ان البرلمان العربي الذي أسس بمقتضى قرار قمة بغداد 2 مارس 2012 ليساهم في اتخاذ القرارات التي تهم مصير الأمة العربية في إطار منهجية تعتمد الحوار والقرار، وليشكل قوة دفع شعبية لمنظومة العمل العربي المشترك. وليكون الشريك الفاعل في رسم السياسة العربية المشتركة تأكيدا لمبدأ توسيع المشاركة السياسية كأساس للتطوير الديمقراطي في البلدان العربية لتوثيق الروابط بين الشعوب، لن يدخر جهدا في احترام تام للاختصاصات المنصوص عليها في نظامه الأساسي ليدعم المحكمة العربية لحقوق الإنسان ويساندها باعتبارها من أهم آليات تطوير العمل العربي المشترك، وأنها جاءت في الوقت المناسب الذي تحتاج فيه الأمة العربية إلى استكمال آليات حماية حقوق الإنسان، كما هو الشأن في أوروبا المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان المنشأة وفق مقتضيات الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان سنة 1959 وكذلك الشأن بالنسبة للأمريكيين محكمة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان المنشأة وفق مقتضيات الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان سنة 1979 وكذلك الأمر بالنسبة لإفريقيا المحكمة الإفريقية لحماية حقوق الإنسان والشعوب المنشأة وفق مقتضيات البروتوكول الملحق بالميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب سنة 1998 ليكتمل بذلك عقد المنظومة الدولية جنبا إلى جنب مع آليات الأمم المتحدة غير - القضائية - المتعلقة بحقوق الإنسان.
تقديم الدعم الفني
بدوره أكد رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان فرج فنيش أهمية المؤتمر الدولي حول المحكمة العربية لحقوق الانسان في العالم العربي وما سيفضي إليه من توصيات، وقال ان من مهام المفوضية تقديم الدعم الفني للدول والمنظمات الإقليمية.
وأشار فرج فنيش الى ان الجمعية العامة للأمم المتحدة تنظم اجتماعاً دورياً كل سنتين للمنظمات الاقليمية لحقوق الانسان لعرض التجارب والخدمات التي من الممكن ان تقدمها المفوضية السامية لحقوق الانسان .
واضاف ان هناك 4 مستويات للمفوضية يمكن ان تقدمها في مجال حقوق الانسان وهى عرض تجارب المحاكم الإقليمية الناجحة، وتوفير الخبرات من قبل المفوضية، ودعم قدرات القضاة والموظفين العاملين في المحاكم الإقليمية في مجال حقوق الإنسان، وحماية الضحايا والشهود، إضافة إلى تقديم خبرات المفوضية في مجالي التوثيق وإنشاء قواعد المعلومات.
نقلة نوعية
وأكد د.إبراهيم بدوي أن المؤتمر الدولي حول المحكمة العربية لحقوق الإنسان والذي تنظمه المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين سوف يسهم في التعريف بأهمية إنشاء مثل هذه المحكمة، وفي طرح العديد من الأفكار المتعلقة بتجارب المحاكم الإقليمية لحقوق الإنسان في أوروبا وأفريقيا والأمريكيتين وكيفية الاستفادة من هذه التجارب. وقال في ورقة عمل تحت عنوان «نحو محكمة عربية لحقوق الإنسان» ان مجلس جامعة الدول العربية وافق على مستوى القمة، في دورته الرابعة والعشرين، في مارس 2013 على إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان , حيث جاءت الدعوة لإنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان بمبادرة من جلالة ملك مملكة البحرين، وأهاب «بالدول العربية الشقيقة أن تمضي قدماً، وبكل عزم، لإنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان، تأخذ مكانتها الحقيقة على الساحة الدولية».
واضاف ان هذه الورقة تعرض الخطوات التمهيدية والعملية لإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان والتحديات التي يجب مناقشتها لتخرج المحكمة إلى حيز الوجود الفعلي وتحقق الأهداف التي أنشأت من أجلها.
وحول الخطوات التمهيدية والعملية لإنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان اوضح انه بناءً على طلب البحرين، بحث مجلس الجامعة العربية، على المستوى الوزاري موضوع «إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان»، ورحب المجلس باستعداد البحرين لاستضافة مؤتمر في المنامة لبحث إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان في نطاق جامعة الدول العربية، وتكليف الأمانة العامة بإعداد دراسة حول إنشاء المحكمة ليتم رفعها إلى المؤتمر الذي عرضت البحرين استضافته لبحث إنشاء المحكمة بحيث يتم عرض توصيات هذا المؤتمر على مجلس الجامعة .
وحول « إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان» نوه الى ان الأمين العام للجامعة العربية شكل لجنة من خبراء قانونيين بصفتهم الشخصية للمعاونة في إعداد دراسة حول انشاء المحكمة، وعقدت اللجنة ثلاث اجتماعات في أغسطس، أكتوبر، وديسمبر 3103 شارك في اجتماعاتها ممثلين عن الأمانة العامة، كما شارك في اجتماعها الثاني والثالث، بصفة استشارية، خبيرين من مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
واضاف ان اللجنة اعتبرت في دراستها أن «إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان يعتبر نقلة نوعية في مجال رعاية حقوق الإنسان في المنطقة العربية، وتطويراً للنظام الإقليمي العربي لحقوق الإنسان وأن المحكمة لن تكون بديلاً للقضاء الوطني وإنما هي أداة إضافية لحماية حقوق الإنسان لمن يرتضيها من الدول، وذلك من خلال دورها التكميلي التفسيري والإفتائي ، والحمائي».
وأشار إلى أن اللجنة أوصت في هذه الدراسة، أن يتم إنشاء المحكمة عن طريق بروتوكول اختياري يتضمن ابتداء العناصر الرئيسة الآتية وهي أن تختص المحكمة، بعد استنفاذ إجراءات التقاضي الوطنية، بالفصل في الدعاوى المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان والمرفوعة إليها من قبل الدول الأطراف، أو الأفراد المتضررون، أو لجنة حقوق الإنسان العربية أو اللجان الوطنية لحقوق الإنسان أو المنظمات غير الحكومية، تختص المحكمة بإعطاء رأيها الاستشاري بشأن أي مسألة قانونية تتعلق بالميثاق العربي لحقوق الإنسان، أو أي اتفاقية عربية تتعلق بحقوق الإنسان بناءً على طلب أي دولة عربية أو لجانها الوطنية لحقوق الإنسان، أو من أجهزة جامعة الدول العربية ومؤسساتها التي يصرح لها مجلس الجامعة العربية بتقديم مثل هذا الطلب وتفصل المحكمة في القضايا المرفوعة إليها وفقاً للميثاق العربي لحقوق الإنسان، واتفاقيات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية التي صدقت عليها الدول العربية أو انضمت إليها , والمبادئ العامة للقانون، والفقه وأحكام القضاء كمصادر احتياطية «. وعن التحديات الرئيسية التي تواجه خروج المحكمة العربية لحقوق الإنسان إلى حيز الوجود الفعلي أكد أن مبادرة البحرين بالدعوة لإنشاء المحكمة حققت نجاحاً باهراً بتبني القمة العربية لهذه المبادرة والإقرار بأهمية إنشاء المحكمة، واستجابت الجامعة العربية لعرض البحرين استضافة المحكمة كمقر دائم للمحكمة فوافقت على ذلك، وقررت القمة العربية الموافقة، من حيث المبدأ، على مشروع النظام الأساسي للمحكمة، وطلبت أن تنتهي اللجنة رفيعة المستوى من الصيغة النهائية للمشروع، فيما يبقى أن يتم التعامل مع التحديات الرئيسية التي تواجه خروج المحكمة إلى حيز الوجود الفعلي وتحقيق الأهداف التي أنشأت من أجلها، وتتلخص هذه التحديات في الانتهاء من إقرار النظام الأساسي للمحكمة، وقيام المحكمة بإعداد لائحة إجراءاتها، والنظر في إمكانية تعديل الميثاق العربي لحقوق الإنسان ليشكل مع المحكمة منظومة متكاملة لتشجيع احترام ورعاية حقوق الإنسان، وتعبئة كافة الجهود ليدخل النظام الأساسي للمحكمة إلى حيز النفاذ بالسرعة الممكنة.