(د ب أ) – ربما صار نجم كرة القدم البرتغالي كريستيانو رونالدو نموذجاً يحتذى ومثلاً أعلى في مدريد ومانشستر ولكنه أكبر من هذا بكثير في مسقط رأسه، جزيرة مادييرا، حيث يعتبرونه معبود الجماهير.
ويحظى هذا اللاعب المتألق بحضور كلي بارز في هذه الجزيرة التي تقع في المحيط الأطلسي. ويمكن الشعور بهذا الوجود والحضور بشكل ملحوظ، كأثر مقدس، في الجزيرة.
وفي أواخر العام الماضي ، افتتح رونالدو «29 عاماً» متحفه الخاص بمدينة فونشال عاصمة الجزيرة.
وفي حين يرأى البعض في افتتاح هذا المتحف قبل عشرة أيام من أعياد الكريسماس نوعاً من النرجسية، وربما الغرور، كان الرأي مغايراً في مادييرا نفسها حيث يعتبرون رونالدو مصدراً للكبرياء والفخر بالنسبة لهم.
ورأى أبناء مادييرا في هذا المتحف لمحة كريمة من رجل وصل للقمة ولكنه لم ينس جذوره، وهذا المتحف مجرد جزء من أسلوب رونالدو في رد الجميل لمسقط رأسه.
وقال رونالدو، في تصريحات لمراسلين وصحافيين في ديسمبر، «أنا برتغالي، وأفخر بذلك، ومادييري وأفخر بذلك.. افتتاح هذا المتحف هنا يعني الكثير بالنسبة لي. إنه يوم خاص وطريقة لفعل شيء لشعبي».
وقال فرانسيسكو أفونسو، أول مدرب تولى الإشراف على رونالدو، «كان يتمتع بطبيعة خاصة منذ البداية.. كان صغيرا لكنه بدا ثابتاً وراسخاً. تميز بالقدرة على اللعب بالقدمين إلى جانب سرعته وكذلك بالأداء الفني الجيد لأنه لا يتوقف عن التدريبات كما إنه يريد الكرة دائماً. كانت كرة القدم كل شيء بالنسبة له وكان يصاب بالقلق والصدمة إذا لم يستطع اللعب».
وقال ريكاردو، وهو زميل سابق لرونالدو يعمل حالياً في حانة بجوار نادي أندورينها، «كان يشعر بالإحباط إذا لم ينل الكرة.. وكان يصرخ ويبكي عندما نخسر».
كان هذا هو تأثير كريستيانو الشاب الذي سجل في إحدى مباريات أندورينها ثلاثة أهداف (هاتريك) ليقود الفريق إلى إنهاء الشوط الأول متقدما 3/صفر. ولكن الإصابة في وقت متأخر من الشوط اضطرته للخروج من الملعب حيث نقل إلى المستشفى.
وعندما عاد رونالدو من المستشفى عقب المباراة، انزعج بقوة حيث سمع أن فريقه خسر المباراة 3/4.
وجرى هذا كله في الجبال التي لا تبعد كثيراً عن منطقة سانتو أنطونيو الفقيرة التي نشأ بها رونالدو، حيث كانت أمه دولوريس تعمل طاهية، وكان والده بستانياً بسيطاً.
وذاعت الأنباء عن العروض الرائعة لرونالدو ليتجه إليه نادي ناسيونال أكبر أندية مادييرا، وهو في الثانية عشرة من عمره وأوشك أن يوقع عقوداً رسمية ولكن قاضياً من مادييرا يدعى جواو ماركيز دي فريتاس اتصل بأوريليو بيريرا كشاف نادي سبورتنج لشبونة للدخول في مفاوضات مع اللاعب من أجل الانتقال للعب في العاصمة البرتغالية لشبونة.
وقال دي فريتاس: «كان صغيراً للغاية وكان هزيلاً.. اتصلت بالمسؤول عن استكشاف المواهب بنادي سبورتنج وأبلغته : هناك صبي يقولون إنه رائع للغاية. ولكنه قال لي: مازال صغيراً للغاية، ولا يمكن أن نرسل صبياً صغيراً كهذا إلى لشبونة».
وأضاف: «ولهذا، تحدثت إلى والدة كريستيانو التي كانت متواضعة وفقيرة للغاية. ووافقت على الأمر. ولهذا حجزنا له تذكرة ذهاب وإياب إلى لشبونة وسافر رونالدو وقد وضع حول عنقه شارة مصنوعة من الورق المقوى وكتب عليها اسمه لتعريف هويته».
وكان بيريرا في استقباله. وأبهر رونالدو الجميع بموهبته. ورغم هذا، كانت الأيام الأولى له في غاية الصعوبة.
وقال بيريرا: «عندما وصل رونالدو إلى لشبونة كان في الثانية عشر فقط من عمره وواجه وقتاً صعباً للغاية.. بكى كثيراً في البداية، فقد غادر موطنه وعائلته وجاء لمدينة كبيرة بعيدة، وإلى بيئة قاسية. كان هذا صعباً عليه».
ولكنه ثابر واجتهد ليصبح ما هو عليه الآن. ولا يقتصر إنجاز رونالدو على كونه الآن أفضل هداف في تاريخ المنتخب البرتغالي ولكنه نال أيضاً جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم مرتين وربما يكون أفضل لاعب أنجبته البلاد.
ويبلغ تعداد مادييرا 267 ألف نسمة ولم يكن لها من قبل أي لاعب في صفوف المنتخب البرتغالي لكرة القدم.