الكويت - (أ ف ب): يرى محللون أن دول الخليج تنتظر من إيران خطوات ملموسة تؤكد من خلالها أنها مستعدة لتغيير سياساتها في المنطقة، وذلك قبل زيارة سيقوم بها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح إلى إيران.
وزيارة أمير الكويت الذي ترأس بلاده حالياً مجلس التعاون الخليجي والقمة العربية، تشكل فرصة لطهران لفتح صفحة جديدة مع دول الخليج، وذلك فيما تتقدم المحادثات مع الدول الكبرى حول الملف النووي الإيراني.
وتأتي الزيارة أيضاً في ظل تحسن في العلاقات بين ضفتي الخليج بالرغم من استمرار التوتر الناجم عن النزاعات ذات الطبيعة الطائفية في العراق وسوريا حيث تتهم إيران بالتدخل في شؤون دول عربية.
وقال المدير التنفيذي لمعهد الشرق الأدنى والخليج التحليلات العسكرية رياض قهوجي «إنها زيارة مهمة وتشكل فرصة كبيرة لإثبات فيما إذا كانت إيران تريد تطوير علاقاتها مع دول الخليج وإطلاق مرحلة جديدة معها».
وأضاف «حتى الآن السياسات الإيرانية لم تتغير، على النقيض زادت من تدخلها العسكري في سوريا وأرسلت كتائب أولوية لدعم النظام ضد الشعب وكذلك زادت من تدخلاتها في العراق ولبنان واليمن». وشدد قهوحي على أن «دول الخليج وخاصة السعودية ليست على استعداد لكي تقبل السيطرة الإيرانية على دول عربية مقابل تطوير علاقاتها مع طهران، وإذا كانت إيران مستعدة لوقف تدخلها وتحريك المليشيات الموالية مقابل الاتفاق مع الخليج أتصور أن الدول الخليجية والسعودية بالذات ستقبل ذلك». وكانت طهران عبرت عن الأمل في أن تساهم زيارة الشيخ صباح، وهي زيارته الأولى إلى إيران كأمير للكويت، في تعزيز «الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة».
وتقيم الكويت علاقات متوازنة مع طهران وسط أنباء عن قيامها بمساع وساطة للتقريب بين طهران والرياض.
وذكرت تقارير أن وكيل وزارة الخارجية الكويتية خالد الجارالله أبدى استعداد بلاده للقيام بوساطة تسعى لحل الخلافات بين السعودية وإيران، وذلك خلال زيارة أمير الكويت لطهران.
وتدهورت العلاقات الخليجية الإيرانية بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً على خلفية الأحداث في البحرين وسوريا. إلا أنه مع انتخاب الرئيس حسن روحاني في إيران قبل سنة تقريباً، أطلقت طهران حملة سياسية تهدف إلى التقرب من جيرانها الخليجيين.
وفي ديسمبر الماضي، زار وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف الكويت والإمارات وقطر وسلطنة عمان. إلا أن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أكد قبل أسبوعين توجيه دعوة إلى ظريف لزيارة المملكة، ورحبت طهران بالدعوة دون تحديد تاريخ للزيارة المرتقبة. وأشارت معلومات صحافية إلى إمكانية إجراء لقاء بين ظريف والأمير سعود خلال لقاء لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة منتصف يونيو المقبل.
وفي مارس الماضي، زار روحاني سلطنة عمان التي أبقت تاريخياً على علاقات جيدة مع إيران ولعبت دور وساطة بين الدول الغربية وطهران. وأكد روحاني خلال الزيارة مد «يد الأخوة لجميع الدول في المنطقة».
وتراجعت العلاقات الإيرانية الخليجية خصوصاً بسبب النزاع السوري، إذ تدعم طهران نظام الرئيس بشار الأسد فيما تدعم دول الخليج المعارضة السورية.
وقال قهوجي «إذا لم يكن لإيران استعداد لتغيير سياساتها على الأرض فلا أعتقد أن يكون هناك انفتاح مع دول الخليج وحتى الآن لم يحدث شيء من هذا القبيل».
إلا أن روحاني أكد من مسقط أن المفاوضات يمكن أن تحل الخلافات مشيراً إلى أن بلاده ساهمت في تخطي الحائط المسدود في المفاوضات بين الغرب وطهران حول الملف النووي الإيراني.
ورحبت دول الخليج بالاتفاق المبدئي الأول بين إيران والدول الكبرى حول الملف النووي، إلا أنها اعتبرت أنه يتعين على إيران اتخاذ خطوات ملموسة. لكن رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية بجدة أنور عشقي، اعتبر أن إيران تبدو جادة في مساعيها نحو تحسين علاقاتها مع دول الخليج لكنه حذر من أنه لا بد من أعمال حقيقية.
وقال عشقي «أرى أن الفرصة مهيأة الآن لتطوير العلاقات الخليجية الإيرانية بما فيها علاقات الرياض وطهران شريطة أن تقوم إيران باتخاذ خطوات عملية تجاه الوضع في سوريا وغيرها». وأضاف عشقي الذي زار إيران بداية الشهر الجاري واجتمع مع بعض الشخصيات الإيرانية «التقارب وارد لأن إيران يبدو أن لها رغبة في ذلك لأن الوضع الاقتصادي في إيران حرج وطلبات الشعب الإيراني في تزايد».
وبحسب عشقي، فإن «إيران الآن تعيد حساباتها ويبدو أنها تحاول التراجع عن تدخلاتها ولكن هذا قد يأخذ وقتاً».
واتفق قهوجي وعشقي على أن الخطوات الأحادية التي اتخذتها بعض دول التعاون الخليجي مع إيران لا تؤثر على الموقف الاستراتيجي للمجموعة الخليجية تجاه الجمهورية الإسلامية.
وقالت صحيفة «الرأي» الكويتية في مقال افتتاحي بداية الأسبوع إن أمير الكويت سيتحدث بلسان كويتي خليجي عربي ليقول لطهران «نريد من طهران احترام سيادة الغير وعدم التدخل في شؤون الآخرين وعدم اتخاذ مواقف من شأنها زعزعة الثقة مع جيرانها».