أفضل إنجاز وهدايا قد يقدمها الوالدان وأولياء الأمور والمدرسون إلى أطفالهم هي بناء الذات الإيجابية لديهم. فلقد أثبتت الأبحاث أن الأطفال الذين يقدرون أنفسهم إيجابياً أكثر نجاحاً وتحصيلاً بالمدرسة وأكثر سعادة وأفضل صحة وأكثر قدرة على مواجهة ضغوطات الحياة والمواقف الصعبة. كما يكونون أقدر على كسب الأصدقاء وأكثر استعداداً لمساعدة الآخرين. فكيف ننمي تقدير ذاتهم؟ وهل هو مرتبط بالمجتمع أم أن كل الناس يستطيعون حصده؟
تقدير الذات يعني كيف تشعر تجاه نفسك؟ وكم تقدرها؟ وكم تعتقد بأهميتها؟ وكيف تثمن نفسك وإنجازاتك؟ ولابد لك من: ثقتك بنفسك، احترام نفسك، الفخر بنفسك، كل هذه الأمور يجب أن تستشعر بها دون إفراط. الطفل مثلاً تقديره الناجح ليس مسألة كمالية مثلاً بل من المفرح أن تكون لديه، بل إن تقديره لنفسه يجعله قادراً على رفع رأسه عالياً وأن يفتخر بإنجازاته وقدراته ويعطيه الشجاعة لتجربة أمور وتحديات جديدة والقوة للاعتقاد بذاته. فالتقدير يسمح للطفل أن يحترم نفسه وإن أخطأ فإن احترامه يجبر الآخرين سواء من البالغين أو من الأطفال على احترامه. فهي التي تخوله بصنع القرارات الصحيحة حول جسمه وعقله، فلو اعتقد الطفل بأهميته سيكون أقل احتمالاً لمجاراة الآخرين من أصدقائه إذا ما جنحوا عن الحق، فلو كان عند الطفل والمراهق تقدير ذات عالٍ فإنه يكون واثقاً من نفسه بشكل كافٍ لاتخاذ قراره بنفسه ولا داعي للركض وراء الآخرين.
ولا يعني تقدير الذات أنه الكمال، كما إنه لا يعني أيضاً بأنك لن تحس في بعض الأحيان بشعور الحزن أو الإحباط ، إلا أن ذلك الشعور السلبي سيكون لفترة مؤقتة وتزول لترجع لطبيعتك مرة أخرى.
والمصدر الرئيس لنمو وتطور الذات للطفل هو من قبل الأب والأم والمعلمين. وإنه يبدأ في مراحل مبكرة لدى الأطفال عند الاستجابة إلى الأمور التي يريدونها بعد بكائهم يعتقدون بتميزهم ويحسون بأهميتهم في عالمهم الخاص.
ولغة الخطاب بين البالغ والطفل تشكل أساساً قوياً لتقدير الذات. فالألفاظ والجمل المستخدمة سواء كانت سلبية أم إيجابية، تجعل الطفل يغوص في أعماق خياله، وإذا كانت سلبية ستؤدي إلى نتيجة حتمية وهي عدم الثقة بنفسه. وعليه لبناء تقدير ذات عالٍ وإيجابي لابد من استخدام لغة تنمية تقدير الذات، وهي التي تعتمد على الكلمات التي يظهر فيها اتخاذ القرارات والاختيارات مثل (قررت-اخترت) مع مناقشة السلوك وليس الطفل والتركيز على الجانب الإيجابي للطفل. ولا يوجد شك بأن التغيرات السريعة التي تحدق في مجال الإعلام والتكنولوجيا أثرت سلباً على تربية الأطفال، إلا أنه ومنذ بدء الخليقة وحتى يومنا هذا والآباء والمربون يواجهون التحديات من أجل إنشاء جيل صالح واعٍ، ولم تكن تربية طفل قط بالأمر الهين. فالطفل يحتاج دائماً الإحساس بالانتماء إلى جزء محدد من العالم الخارجي، إلى عائلة، إلى مجتمع، إلى أصل وجذور، يحتاجون إلى إعطائهم فرصاً لاكتشاف هذا الارتباط. أسهل طريقة هي حبهم بمعنى إظهار الحب بطريقة مباشرة، بالقول، بالعناق والتقبيل، وقضاء وقت معهم في أمور يحبونها.
علياء عبدالهادي