تريد كل مؤسسة اليوم النجاح واستقطاب عدد أكبر من الجمهور تجاه مشاريعها وأنشطتها لابد لها أن تهتم بالإعلام، فالإعلام اليوم أصبح وسيلةً مهمة في المجال الدعائي والترويجي سواء للسلع أو الخدمات أو المشاريع أو الأفكار والمبادئ والقيم، ولهذا نرى كبرى المؤسسات تحرص على الإعلان عن نفسها ومنتجاتها وخدماتها عن طريق الإعلام، وتصرف الألوف المؤلفة في سبيل نشر إعلان مدته قد لا تتجاوز الدقيقتين؛ وذلك لعلمها بمدى تأثير هذا الإعلان رغم قصر مدته.
وإن مما لا يخفى على الجميع ما للإعلام من دورٍ بارزٍ في التأثير على الناس ومعتقداتهم وأفكارهم ومبادئهم، وغنيٌ عن الذكر أن مما يدرسه الطلبة في كليات الإعلام: مقرر الرأي العام، الذي يتعلم فيه الطالب كيفية صناعة الرأي العام حول قضية من القضايا، وما هي الأساليب المتبعة لذلك، وكيف يصل الإعلامي إلى تغيير قناعة المتلقي دون أن يشعر بذلك.
العناية بالإعلام اليوم باتت أمراً مهماً وضرورياً بالنسبة للمؤسسات الدعوية، فهذه الوسيلة من النعم التي أنعم بها الله عز وجل على عباده، ويجب على أهل الخير والصلاح أن يحسنوا استغلالها واستخدامها فيما ينفع الناس في دينهم ودنياهم.
كثيرةٌ هي العقائد والأفكار المنحرفة والضالة التي انتشرت في الأمة بسبب عدم استغلال الإعلام الاستغلال الصحيح، فكم من معتقداتٍ باطلة وأفكارٍ غربية لا صلة لها بالإسلام قد سوق لها من قبل الإعلام؟! وكم من فتاوى شاذة أذيعت على الأمة وزعم أنها من شريعة الله تعالى زوراً وبهتاناً ؟! وكم من خلقٍ سيئ غرس في أبناء هذه الأمة وبناتها؟! وكم من مسلسلٍ وفيلمٍ هدم قيماً فاضلةً في مجتمعاتنا؟!
إن كل هذه الأمور تستدعي على المؤسسات الدعوية اليوم أن تنبري لحمل لواء الإعلام الهادف الذي يهتم بالعقيدة الصحيحة، والأفكار والمبادئ الأصيلة، ويعنى ببيان الأحكام الشرعية وفق ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، ويغرس قيم العفة والحياء والفضيلة بأسلوبٍ عصري سهلٍ مبسطٍ لا غلو فيه ولا إفراط ولا تفريط ، منضبطٍ بالضوابط الشرعية، مراعياً واقع هذه الأمة، والمرحلة التي تمر بها، معلياً مصالحها، مقدماً ما يجمعها على ما من شأنه أن يفرق بينها، منطلقاً في ذلك كله من قول الله تعالى: «إن هذه أمتكم أمةً واحدةً وأنا ربكم فاعبدون»، وقوله جل وعلا: «واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا»، وقوله عز من قائل: «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم»، مسترشداً بقوله سبحانه: «وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين»، جاعلاً من الرفق له خلقاً، ومن الحكمة له سبيلاً، داعياً إلى الله على بصيرة، يعظ بالحسنى، ويجادل بالتي هي أحسن، عاملاً بقوله سبحانه: «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين».
لابد أن تلعب المؤسسات الدعوية اليوم دوراً مهماً في توعية المجتمع وإرشاده إلى تعاليم دينه الحنيف من خلال إنشاء إدارات تعنى بالإعلام بكوادر متخصصة، وتفعيل دورها بالشكل المطلوب بعد وضع الرؤية لهذه الإدارة والأهداف المرجوة منها والميزانية المناسبة لذلك.
كتابة مقالات صحافية.. إعداد كلمات إذاعية.. عمل برامج تلفزيونية.. القيام بحملات إعلامية توعوية موسمية عن طريق مقاطع مرئية قصيرة.. الإعلان عن المشاريع والأنشطة الدعوية.. إلخ، كل هذه الأمور مهمة جداً في ترسيخ الثقافة الإسلامية الأصيلة التي من خلالها ينشأ جيل مستمسك بكتاب ربه، مهتدياً بسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، مقتدياً بالصحابة الكرام رضوان الله عليهم ومن تبعهم بإحسان.
أخيراً أقول: لقد تأخرنا كثيراً في استغلال الإعلام في نشر الإسلام ومبادئه وقيمه وآن لنا أن ندرك أهميته ونعمل على إيجاد إداراتٍ فاعلة تعنى بالإعلام الهادف في مؤسساتنا الدعوية .
أحمد عادل العازمي