كتب- يحيى العمري وسلسبيل وليد:
لم تكد صورة النيران التي التهمت محلات السوق الشعبي في مدنية عيسى تبارح ذاكرة البحرينيين حتى شب حريق آخر في سوق المحرق أتى على 30 محلاً على الأقل، وتسبب بأضرار مادية، وصفها أصحاب محلات بـ«الجسيمة»، فيما لم تقع أي إصابات بشرية باستثناء إصابة آسيوي بجروح بسبب الزجاج المتكسر خلال محاولته إخلاء بضائع من إحدى المحلات.
«الحريق العنيد» كما وصفه أصحاب محلات، استمر لأكثر من 7 ساعات، إذ إنه لم يكد ينتهي رجال الدفاع المدني -65 ضابطاً وفرداً و18 آلية- من إطفاء ألسنة اللهب حتى عادت النيران لتشب مرة أخرى قبل أن يتمكن رجال الدفاع المدني من السيطرة على الحريق بشكل نهائي.
وحمل أصحاب المحلات في تصريحات لـ«الوطن» «المسؤولية الأولى لوزارة البلديات»، إذ قالوا إنه «سبق لوزارة الداخلية أن حذرت من نشوب الحريق في السوق بسبب وجود أسطوانات غاز بداخل بعض المحلات، إضافة إلى أن أسقف المحلات مصنوعة من الخشب والزينكو»، مشيرين إلى أن «وضوح خطورة الوضع حدت بجميع شركات التأمين عدم الموافقة للتأمين على المحلات ما يعني أن أي تعويض الآن يجب أن تتحمله وزارة البلديات»، فيما قذف العضو البلدي علي المقلة المسؤولية على وزارة الثقافة، إذ قال «هي «الثقافة» التي تضع يدها على سوق المحرق وطلبت من أصحاب المحلات عدم تحريك أي شيء في السوق قبل أن تشرف على تقديم تصورات كاملة».
ولم تمنع النيران التي كانت تلتهم محلات سوق المحرق نائب رئيس المجلس البلدي علي المقلة من الدخول بمشادات كلامية مع أصحاب المحلات الذين اتهموا المجلس بـ«التقصير وعدم التحرك ما يحمله إلى جانب وزارة البلديات مسؤولية اندلاع الحريق».
وبحسب بيان وزارة الداخلية فقد تمكن رجال الدفاع المدني من إخماد الحريق الكبير الذي اندلع ظهر يوم أمس بسوق المحرق القديم، بمشاركة 65 ضابطاً وفرداً و18 آلية، فيما كان لسرعة الاستجابة والجاهزية العالية والتنسيق الفعال بين قوات الدفاع المدني وطيران الشرطة والمرور وشرطة المجتمع ومديرية شرطة المحرق وغيرها من أجهزة الشرطة، الدور الفاعل في محاصرة الحريق والسيطرة عليه ومنعه من الانتشار لبقية المباني المجاورة في السوق، الأمر الذي ساهم في تقليل الخسائر المادية.
وحضر إلى موقع الحريق رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن، حيث اطمأن على إتمام إخماد الحريق وأعمال التبريد التي تمت عقب السيطرة عليه ومنع انتشاره، مشيداً بجهود رجال الدفاع المدني وكل أجهزة الشرطة والتنسيق المحكم الذي شهدته عملية التعامل مع الحريق، كما عبر عن تقديره للتعاون الذي أبداه المواطنون والمقيمون مع رجال الشرطة.
ومن جهته، قال مدير عام الإدارة العامة للدفاع المدني، إن «آليات الدفاع المدني وصلت للموقع في غضون 4 دقائق من تلقي غرفة العمليات بلاغ اندلاع الحريق الساعة 1:23 ظهراً، حيث تم على الفور مباشرة عمليات الإخماد».
وأضاف أن «الحريق والذي لم تنجم عنه أي خسائر بشرية، انتشر بسرعة بسبب وجود مواد قابلة للاشتعال»، مشيراً إلى أن «أعمال البحث والتحري جارية لمعرفة أسباب وملابسات اندلاع الحريق، كما تم إخطار النيابة العامة بالواقعة».
بدوره أعرب النائب عيسى الكوهجي عن «أسفه الشديد جراء حادث الحريق الأليم الذي ألم بسوق المحرق القديم، وخلف أضراراً وخسائر بالجملة لعدد كبير من المحلات التجارية والدكاكين»، مشيراً إلى أن «ألسنة اللهب المتصاعدة والتي وصلت إلى آخر السوق من شدتها وقوتها».
وأوضح أن «ارتفاع عدد المحلات المحترقة في السوق إلى نحو مؤسف، يتطلب وقفة عاجلة وتكاتف الجميع للمساهمة في حل هذه المشكلة ومواجهة الإهمال وسوء الرقابة من قبل بعض الوزراء والمسؤولين الذين يتهافتون ويكون شغلهم الشاغل الصحافة والتصوير».
وأضاف أن «منطقة السوق القديم تعد من المناطق المهمة والحيوية التي من المفترض أن يكون لها وضعها الخاص الذي يميزها نظراً لوضعها الاستراتيجي والثقل التراثي والاقتصادي والتجاري المميز ليس على المستوى المحلي فحسب بل على المستويين الخليجي والإقليمي على حد سواء».
وأضاف الكوهجي أنه «تم التقدم بتقارير مفصلة عديدة على فترات سابقة، تشرح كل المعلومات والإحصائيات والمستندات التي تؤكد وتنذر عن قرب وقوع الخسائر والحوادث الخطيرة في هذه المنطقة تحديداً في حال لم يتم اتخاذ الإجراءات الاحترازية والوقائية والأمنية العاجلة حيالها»، متسائلاً: «هل وصل بنا الحال أن ننتظر حدوث كارثة وخسائر في الأرواح لنحرك ساكناً ونبدأ في إيجاد الحلول المناسبة ؟».
وطالب الكوهجي وزارة الداخلية والجهات الأمنية المعنية بتكثيف جهودها لحصر الأضرار والكشف بشكل عاجل عن أسباب الحريق، داعياً إلى النظر في حال المتضررين من أصحاب المحلات والتجار البحرينيين والعمل على تعويضهم بالشكل العاجل خاصة من أصحاب المحلات الصغيرة الذين تضرر حالهم وأعمالهم خاصة مع قرب شهر رمضان الكريم».
نائب رئيس المجلس البلدي علي المقلة، قال لـ«الوطن» إن «تقارير سابقة كثيرة رفعت للجهات المسؤولة ووضحنا للتجار مراراً أن وضع السوق سيئ جداً وأنه قابل للاشتعال في أي لحظة»، مشيراً إلى أن «المجلس البلدي تواصل مع بلدية المنطقة ووزارة الكهرباء والماء، وتم إطلاعهم على تفاصيل معاناة أصحاب محلات سوق المحرق وعلى خطورة وضع السوق، كما تم رفع تقارير شاملة عن حالة السوق دون اتخاذهم إجراءات واقعية تعمل على حل أزمة السوق».
وأوضح أن «وزارة الثقافة هي التي تضع يدها على سوق المحرق وطلبت من أصحاب المحلات عدم تحريك أي شيء في السوق قبل أن تشرف الوزارة على تقديم تصورات كاملة».
بدوره، قال يوسف بوزبون، وهو أحد أصحاب المحلات، «لدي 10 محلات تضررت بالكامل وبنسبة 100%، حتى الأسقف سقطت»، مشيراً إلى أن «الخطأ ليس في الأسقف فقط، إذ إن المظلات وضعت بطريقة غير صحيحة، عدا عن عدم وجود منافذ لدخول السيارات، والمحلات قديمة(..) وشركات التأمين رفضت التأمين للمحلات».
وأضاف أن «خطر الحريق لم ينته إذ إن المشكلة قد تتكرر مرة أخرى جراء غياب اشتراطات السلامة»، مشيراً إلى أن «خسائر أصحاب المحلات كبيرة خاصة أن معظمهم اشترى بضائع استعداداً لشهر رمضان إلا أنها باتت الآن رماداً».
صاحب أحد المحلات المتضررة، عيسى شويطر، أرجع في تصريح لـ»الوطن» السبب الرئيس لانتشار الحريق إلى الأسقف الخشبية»، مشيراً إلى أن «أساس الحريق تماس كهربائي في أحد المحلات قبل أن تندلع النيران وتنتشر إلى بقية المحلات».
وأضاف أن «وزارة البلديات هي التي تتحمل المسؤولية كاملة»، مشيراً إلى أنه «لا يوجد تأمين وذلك لأن شركات التأمين رفضت التأمين على المحلات لكونها قديمة، وبذلك لا يوجد أي تعويض وراء ذلك».
وناشد صاحب محل «قهوة بوخلف» «الجهات المعنية لتعويض المتضررين واتخاذ إجراءات احترازية حتى لا يتكرر الحادث المؤسف»، محذراً من اندلاع حريق مشابه بـ«سوق القيصرية» الذي يعاني من مشكلات سوق المحرق ذاتها.