عدت لأجمع
«أهل الدار» بعد
غربة 14 عاماًكتب - عبدالرحمن صالح الدوسري:
التقيت الصديق المخرج أحمد يعقوب المقلة في «لو كيشن» مسلسل «أهل الدار» في إحدى الليالي التي يسابق فيها الزمن من أجل إنجاز هذا المسلسل قبل أن يطرق رمضان أبوابه.. هو وكل العاملين معه يتبادلون الأدوار بنجاح وهمه ومحبه، التقيته بعد عودته للدراما البحرينية التي غاب عنها حوالي 14 عاماً قضاها متنقلاً بين دول المنطقة يقدم النجاحات كل عام، ويأمل بالعودة إلى داره، وها هو قد عاد ليجمع ما استطاع من «أهل الدار» في عمل قد يكون من يعيد لنا تلك الحقبة الجميلة من فرجان لول وغناوي بوتعب والبيت العود.. ولم تكن «برايحنا» التي قدمت في العام الماضي مع المخرج الصديق الفنان جمعان الرويعي بعيده عن هذه البيوتات البحرينية التي عشقناها ومازلنا.
14 عاماً قبل العودة
يبدأ أحمد يعقوب المقلة حديثه لـ«الوطن» «إن عودتي للبحرين بعد كل هذا الانقطاع لنقل العمل في ضيافة أعمال بالدول الخليجية الشقيقة طوال هذه الفترة الطويلة.. رغم أنني في شوق للعمل في ديرتي «البحرين». ما أغراني للعمل في «أهل الدار» أنه مشروع عمل تراثي، وكما تعلم كنت في شوق أن أعود للعمل في البحرين بعمل تراثي يكون على الأقل امتداداً للأعمال التي كنا قد تميزنا بها في البحرين عن بقية دول المنطقة مثل «غناوي بوتعب»، البيت العود، «فرجان لول»، «ملفى الأياويد»، «سعدون» ومسلسل «نيران». طبعاً كان عندي الحنين للعودة للعمل بالبحرين وتكملة مشوار الأعمال التراثية، ومن جهة أخرى الحنين لمشاركة أخواني الفنانين البحرينيين في عمل يذكرني بل ويعيد لي أياماً جميلة عملنا بها معاً.
العودة للعمل في البحرين بعد آخر عمل «نيران» 2001، والآن في «أهل الدار» 2014 ما يقارب 14 عاماً، أنا غائب عن المشاركة في الأعمال التراثية في البحرين. لابد أنه حنين يشدني إلى هذه الأرض.. وأهلها».
من «الزمه» إلى «أهل الدار»
كان المفروض بعد هذا الحنين الطاغي والغياب أن أعود بعمل تراثي، وكان العمل الذي من المفروض أن أسجل من خلاله عودتي للجمهور البحريني والدراما في البحرين هو عمل «الزمه» وهو من تأليف يعقوب يوسف، وقد قرأت نص العمل، وكان جميلاً لكنه كان بحاجة إلى بعض التعديلات، وبعد أن التقيت المؤلف اتفقنا على انه حتى يكتمل العمل بالصورة التي نراها تقدمه بشكل متكامل وجميل لابد أن يؤجل إلى العام المقبل، كي يتاح للمؤلف إضافة التعديلات والملاحظات التي اتفقنا عليها معاً.
سعادة متبادلة
مع التلفزيون
عندما قررت العودة إلى البحرين وتقديم عمل تراثي من خلال تلفزيون البحرين، وجدت السعادة متبادلة والترحيب من الإخوة العاملين في جهاز التلفزيون، لكنهم وبعد أن علموا بتأجيل عمل «الزمه» كانوا يتساءلون عن البديل الذي أنوي تقديمه للعام الحالي، ما يعكس إصرارهم على تواجدي في رمضان بين أهلي في البحرين، هذا السؤال وضعني في زاوية وجعلني أتحدي نفسي على أن أجيب على السؤال المطروح من قبل المسؤولين في التلفزيون، وعدت بأفكاري إلى النجاحات التي قدمناها من خلال الأعمال التراثية الماضية، ما أوحى لي بفكرة «أهل الدار»، ونظراً لضيق الوقت في ظل وجود مؤلف ما يؤدي لاستغراق وقت طويل في إنهاء هذا العمل، ورمضان على الأبواب، ولم يتبقَ عليه إلا ثلاثة شهور، فهذه كلها أسباب جعلتنا نفكر في الاستعانة بثلاث كتاب يبدؤون العمل في نفس الوقت لنسابق الزمن.
أهم 3 كتاب في عمل واحد
ليست فقط مشكلة الوقت التي فرضت علينا أن نجمع ثلاثة كتاب في عمل واحد، لكنها واحدة من رغباتي القديمة وجاء الوقت لتحقيقها، كنت قد تصورت أن شهراً واحداً لثلاثة كتاب كل واحد يكتب عشر حلقات سيكون كافياً ومساعداً في إنجاز العمل بالصورة الجميلة والسريعة، وبالفعل تحقق ما كنت أتصوره، ففي خلال شهر واحد كان العمل جاهز، إضافة إلى تحقيق حلم بالنسبة لي في جمع أهم ثلاثة كتاب دراما في البحرين وهم «راشد الجودر، أمين صالح، عيسى الحمر» وهم أهم من كتب الأعمال التراثية والسهرات التلفزيونية في خارطة الدراما التراثية في البحرين.
الفكرة كانت عندي واجتمعت مع الكتاب وتم توزيع الأدوار على أن يأخذ كل واحد عشر حلقات، والحمد لله تم إنجاز العمل في فترة زمنية، وجمعنا أهم كتاب في عمل واحد، والعمل قائم على الأمثال الشعبية، وكل حلقة تتحدث عن قصة مثل، وتركت الحرية لهم في اختيار الأمثال التي سيعالجونها، وستكون حلقات منفصلة كل حلقة محورها مثل شعبي، وهذا ما يسهل مهمة العمل في الإخراج أيضاً أنك ستتعامل مع شخصيات في كل عمل لا علاقة لها بالعمل الذي سبقه.
وأن يكون هناك مؤلفون ثلاثة لعمل واحد أعطى أيضاً بعداً آخر للعمل، فالكتاب متميزون ولكل كاتب أسلوبه في الكتابة وتقطيع العمل وتجهيز المشهد وحتى كمية المشاركين والتفاصيل، وهو ما أعطى بعداً منوعاً في الحلقات سواء بالنص أو الأسلوب أو حتى اختيار المشاهد والعاملين فيها، وهذا من وجهة نظري ما أعطى للعمل إضافة جميلة.
اعتذارات حيرتني
ويضيف المقلة -بنبره حزينة- اعتذارات بعض الفنانين عن


المشاركة في العمل كانت في البداية بالنسبة لي محيرة جداً، قد تعذر الفنان لانشغالاته، بأن يكون مرتبطاً بعمل مسبق، لكن أن يعتذر فنان عن العمل بالبحرين لظروف غير محددة، وأكتشف بعد ذلك أنه قد اتفق على المشاركة في عمل في الإمارات أو الكويت، أو قطر، فتصوري أن الممثل الذي رفض عدم التنسيق للعمل في البحرين هو باستطاعته التنسيق خارج البحرين، هذا الموضوع كان بالنسبة لي أمراً محيراً لم أكن لأتوقعه حتى من نجوم مهمين في البحرين وقريبين من قلبي وتربطني بهم علاقة كبيرة ومحبة، أنا إلى الآن لم أجد لها مبرراً واعتبرها أموراً محيرة، كذلك هناك اعتذارات سببت لي صدمة، خصوصاً بأنني كنت في حنين للعمل في بلدي وبين إخواني، وكنت على ثقة أن هناك شعور متبادل بيني وبين إخواني الفنانين في أن يجمعنا عمل بعد هذه السنوات الطويلة، لكنني كما قلت صدمت بتمنعهم المشاركة، لأنني كنت مندفعاً وكان شعوري في غير محله، طبعاً أي عمل لا يتوقف على مشاركة فنان معين، مهما كان حجمه، حتى بالنسبة للفنانين الذين لم أتصل بهم أملي أن يكونوا معنا في الحلقات العشر المتبقية من المسلسل، لكن كما قلت لك بأن أي عمل لن يكون فيه ممثل هو من يوقفه، وأن كل الممثلين الذين شاركوا في الحلقات كانوا عند المسؤولية وأدوا أدوارهم بالشكل المطلوب، ولم يكن هناك تقاعس من أحد، وأنا بدوري أقدم لهم الشكر والاحترام، على جهودهم، وإنه بالفنيين والجهة المنتجة سيلاقي هذا العمل نصيبه المتوقع من النجاح وحب المشاهد، سواء في البحرين أو المنطقة، وستكون بصماتهم واضحة ومقدرة من الجميع.
«أهل الدار».. إضافة لسابقيه
ويقول المقلة: لاشك أن هذا العمل سيكون إضافة للأعمال التراثية السابقة والناجحة التي قدمناها في البحرين، والتي اكتسبنا من خلال العمل فيها خبرة أكبر ومساحة أوسع في الأعمال التراثية، ولا تنسى أنها تأتي بعد هذه الفترة الطويلة من الزمن والمتغيرات في الأفكار والنضج في التمثيل والإخراج والتقنيات الحديثة التي تساعد في تقريب الصورة وبشكل أفضل مما كانت عليه في الأعمال السابقة وبتقنية عالية، ما سيساعد في إظهار العمل بالصورة الأحسن. وعن العاملين في الكاست يضيف المقلة «هناك وجوه جديدة هي بالتأكيد إضافة إلى العمل، من ضمنهم إخوة لنا في سوريا، وهم مدير الإضاءة والتصوير عبدالناصر شحادة، ومدير التصوير داني عيسى، وفوكس بولر داني مساعد إضاءة من سوريا، إضافة إلى الماكياج الشاب البحريني محمد حداد شاب طموح، إلى جانب نخبة من الفنانين الأبرز في الساحة.
وإضافة إلى ذلك هناك الفنان غانم السليطي الذي شارك في حلقة من المسلسل، وشهد الياسين، وهناك عشر حلقات قادمة سيكون فيها مشاركات خليجية من خارج البحرين، ورغم اعتزازي بكل الفنانين الخليجيين بشكل عام، لكن كانت لي رغبة بأن يكون هذا العمل بحرينياً بكل المشاركين من ممثلين فيه، وأن يكون «أهل الدار» اسماً على مسمى وأن يكون كل المشاركين من أهل الدار في البحرين، لكن كما ذكرت في السابق بأن متطلبات السوق مع تقاعس البعض في عدم المشاركة هي ما أجبرتنا للاستعانة بأشقاء نجوم من الخليج.
العمل يعكس روح أهل البحرين
يواصل المقلة «ليس هناك شك أن العمل لكتاب بحرينيين لذلك لن تجده بعيداً عن روح أي إنسان بحريني، ولا بالبعيد عن وجدانه، في تآلف أهل البحرين وشعبها الطيب المحب الذي تربي على الحب والتعاون والفزعة في كل الظروف.
وكل إنسان لابد أنه ينشد الكمال في عمله، ولابد له أن يبحث عن عيوب الآخرين ليحولها إلى نجاحات له ونجاح أي عمل يقدمه، ويتمنى بالتالي أن يكون العمل الذي ينجزه هو الأبرز على الساحة الرمضانية ولا سواه، ولأن الكمال لله وحده تراني دائماً عندما أشتغل بأي عمل تراثي أحرص على متابعة ما يقدم في الساحة الرمضانية في كل المشاركين زملائي في المنطقة رغبة مني بأن أكتشف الجديد والجميل والأفضل من حيث كافة الجوانب في أي دراما تقدم، ولا أظن أن هناك عملاً لا يخلو من العيوب سواء الذي يقدمه أحمد المقلة أو زملاؤه في الساحة، لكننا بشتى الطرق تجدنا نحاول أن نعكس صورة صادقه لتلك الفترة الزمنية التي نتحدث عنها ونعكس أحداثها، وقد تظهر النواقص بالخصوص في الأعمال التراثية لأنها بحاجة إلى مجهود كبير يتبناها ألا وهي الدولة لأنها الأجدر والأقدر والتي تمتلك الإمكانات الأكبر في التعامل مع مثل هذه الأعمال، إذا كنا نريد للأعمال أن تخلو أو تقل فيها العيوب وتطغى الإيجابيات فيها على سلبياتها.
وعلى سبيل المثال لكي توصل العمل للمشاهد بالصورة الصحيحة لنقل أنك إن لم تجد الإكسسوارات التي تساعد على إظهار العمل بصورته الواقعية في تلك الحقبة من الزمن عليك ألا تقف مكتوف الأيدي وتسلم أمرك، إنما عليك أن تقوم بصنعها وتجاوز كل العقبات التي قد تسد عليك الطريق، ولن يكون ذلك إلا من خلال الدولة فهي الأقرب لكسر السلبيات وتجاوزها وصنع النجاحات لأي عمل، لا يعني أنني أرمى بكل مصاريف العمل على الدولة، لأنه كلما توسعت في الصرف على العمل أقترب أكثر من النجاح، لكننا دائماً نقول إنه لابد أن يكون هناك جهة ترعى وتكون مسؤولة عن الصرف على مثل هذه الأعمال ومتابعة إنتاجها وبالتالي لابد أن يكتب لها النجاح المضمون.
سوء فهم منعني عن «برايحنا»
ويقول المقلة: في العام الماضي، كان من المفترض أن أقوم بإخراج «برايحنا» التي عمل على إخراجها الصديق جمعان الرويعي بكل نجاح، وفكرة العمل كانت بالأساس فكرتي وقد نقلتها لراشد وكتبها، وعندما أقول فكرتي لا أعني أنني ألغي دور راشد الجودر لأنني أقصد بالفكرة أنني أضع إطاراً، لكن راشد هو من يكتب التفاصيل وكل صغيرة وكبيرة في العمل وهو الرجل الأول المسؤول عن العمل وإيصاله وتجهيزه.
ولعل ما أبعدني عن «برايحنا»، أنني كنت أبحث عن تقديم عمل لا يقل عما قدمنا في الفترة السابقة من أعمال تراثية إن لم يكن أفضل، بحكم التطور الذي حصل في جميع المجالات عن تلك السنوات السابقة، لكن للأسف أهم المقومات التي كانت تبشر بنجاح العمل هو القرية التراثية لم تكن متوفرة، وللأسف العمل كان قد تم تأجيله لعدة مرات وبعد ذلك فوجئت بأن التلفزيون بدأ في تنفيذه، وعندما استفسرت منهم كان الجواب «أنك رفضت إخراج هذا المسلسل»، أنا لم أكن لأرفض بل كنت أنتظر تحسين وضع القرية والمواقع لكنني، فوجئت بإسناده للزميل جمعان. ما يعني أنني لم أكن معترضاً على النص لكن على الموقع وتجهيز القرية، وصدفة وجدته تحول إلى غيري.
السينما في بالي.. مازالت
وحول السينما يقول المقلة: كنا قد تحدثنا أنا وأنت عن دخولي إلى السينما في أكثر من عشر سنوات مضت، كنت تضع هذا السؤال ضمن لقائنا وأنا أعود وأكرر مازلت أقترب من السينما أكثر وأكثر ومازلت أبحث في تقديم عمل سينمائي بمواصفات تراثية، والسينما أقولها لك بكل صراحة «حلم» أبحث عن تحقيقه ونقله إلى الواقع، وأعترف أن الدراما التلفزيونية أخذتني من السينما، وأنا أشعر من كثر حبي للسينما أن أعمالي الدرامية في التلفزيون أعملها بمواصفات السينما، هو ما يقربني أكثر من دخول باب السينما، وأنا أبشرك بأنني أشعر أن خطوة السينما أصبحت على الأبواب وقريبة جداً وآمل أنني في المستقبل القريب سأنفذها، هي ليست خوفاً من التجربة، ولكنني أرفض أن أقدم فيلماً بإمكانات محدودة، بل أبحث أن أقدم الفيلم بتقنيات السينما المتطورة الحديثة، وأبحث عن تقديم ما يرضي أحلامي وطموحي، عندما أقوم بطرق هذا الباب، ويكون جاهزاً لدخولي، والشيء الأساسي في دخولي هذا المجال أتمنى من كل قلبي أن يكون هذا الفيلم بحرينياً بحتاً به كل المواصفات للفن البحريني والأرض وكل ما يقدم من خلاله.