المنامة - (بنا): أكد الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس إدارة طيران الخليج أن الشركة حققت تقدماً كبيراً تمثل في انخفاض الخسائر بنسبة 52% بوجه عام خلال العام 2013، ما يعني تحقيق وفر سنوي يزيد على ربع مليار دولار (أكثر من 100 مليون دينار)، متجاوزة بذلك الهدف المرجو من تنفيذ الخطة الاستراتيجية للهيكلة.
وأوضح الشيخ خالد بن عبدالله في حوار شامل أجرته معه وكالة أنباء البحرين «بنا»، أن النتائج المالية والتشغيلية لخطة إعادة هيكلة الشركة خلال العام 2013، حققت الشركة بفضلها تقدما ملموساً وتمخضت عن تحقيق أقوى النتائج المالية للناقلة الوطنية في فترة الأعوام الـ8 الماضية، ما وضع طيران الخليج على المسار الصحيح نحو تحقيق الاستدامة التجارية على المدى البعيد.
وبيَّن أنه تم تحقيق هذا الخفض غير المسبوق في خسائر الناقلة الوطنية، من خلال تطبيق استراتيجية جريئة تقوم على التركيز على تقوية الخدمات الأساسية والمنتجات الخدمية الأساسية التي تقدمها الشركة من خلال الاستفادة القصوى من شبكة الخطوط الجوية المتاحة وتحسين الهيكل الوظيفي، بهدف جعله أكثر فاعلية وإعادة تخطيط عملياتها لتصبح شركة خطوط جوية أكثر كفاءة دون أن يؤثر ذلك على معايير السلامة الجوية العالمية المعمول بها في طيران الخليج.
وأكد أن شبكة طيران الخليج يتم تشغيلها لتكون بمثابة أداة فعالة لدعم متطلبات العمل التجاري المتنامي في البحرين، ولتقدم تسهيلات للمسافرين من المملكة من خلال تسيير أكبر عدد من الرحلات الجوية المباشرة لأكثر من 36 وجهة سفر رئيسة في 22 دولة في منطقة الخليج وخارجها مع ربط أسواق المال والأعمال في أوروبا بمثيلاتها في منطقة الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية وباكستان والشرق الأقصى.
وأوضح أنه تم الاستغناء تماماً عن مفاهيم التشغيل التي اعتمدت في الأساس على كون البحرين محطة ترانزيت فقط، الأمر الذي أدى إلى التسبب في زيادة الخسائر وانخفاض الإيرادات، في الوقت الذي تم تقوية شبكتها الجوية عن طريق زيادة الرحلات الجوية المباشرة إلى 8 وجهات سفر حالية، بالإضافة إلى 5 وجهات سفر تم الإعلان عنها مؤخراً خلال العام 2013.
وفيما يلي نص الحوار :
«بنا»: في رأيكم، إلى أي مدى تمكنت الاستراتيجية الجديدة لإعادة هيكلة طيران الخليج والتي بدأت مع نهاية 2012 من تحقيق أهدافها؟
بداية، أود أن أطمئن الجميع على مستقبل شركة طيران الخليج، وما يدعونا إلى التفاؤل هو التقدم الذي أحرزته الناقلة الوطنية خلال العام الماضي، وذلك منذ أن تولى مجلس إدارة الشركة الجديد قيادة الإصلاحات التي تشهدها الشركة حالياً.
إن النتائج التي تم تحقيقها تتحدث عن نفسها، فلقد حققت طيران الخليج تقدماً ملموساً في تطبيق تلك الاستراتيجية التي تم وضعها لإعادة هيكلة الشركة والتي تم إطلاقها في ديسمبر من العام 2012، كما أنها تمخضت عن تحقيق أقوى النتائج المالية للناقلة الوطنية في فترة الأعوام الـ8 الماضية،مما وضع طيران الخليج على المسار الصحيح نحو تحقيق الاستدامة التجارية على المدى البعيد.
فعلى صعيد خفض الخسائر، حققت الشركة تقدماً كبيراً تمثل في انخفاض الخسائر بنسبة 52% بوجه عام، وهذا يعني تحقيق وفر سنوي يزيد على ربع مليار دولار (أكثر من 100 مليون دينار)، متجاوزة بذلك الهدف المرجو من تنفيذ الخطة الاستراتيجية للهيكلة.
وتم تحقيق هذا الخفض غير المسبوق في خسائر الناقلة الوطنية من خلال تطبيق استراتيجية جريئة تقوم على التركيز على تقوية الخدمات الأساسية والمنتجات الخدمية الأساسية التي تقدمها الشركة من خلال الاستفادة القصوى من شبكة الخطوط الجوية المتاحة وتحسين الهيكل الوظيفي بهدف جعله أكثر فاعلية وإعادة تخطيط عملياتها لتصبح شركة خطوط جوية أكثر كفاءة دون أن يؤثر ذلك على معايير السلامة الجوية العالمية المعمول بها في طيران الخليج.
واليوم نستطيع القول: إن شبكة طيران الخليج الجوية يتم تشغيلها لتكون بمثابة أداة فعالة لدعم متطلبات العمل التجاري المتنامي في البحرين، ولتقدم تسهيلات للمسافرين من المملكة من خلال تسيير أكبر عدد من الرحلات الجوية المباشرة لأكثر من 36 وجهة سفر رئيسة في 22 دولة في منطقة الخليج وخارجها مع ربط أسواق المال والأعمال في أوروبا بمثيلاتها في منطقة الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية وباكستان والشرق الأقصى.
كما تم الاستغناء تماماً عن مفاهيم التشغيل التي اعتمدت في الأساس على كون البحرين محطة ترانزيت فقط، الأمر الذي أدى إلى التسبب في زيادة الخسائر وانخفاض الإيرادات، في الوقت الذي تم تقوية شبكتها الجوية عن طريق زيادة الرحلات الجوية المباشرة إلى 8 وجهات سفر حالية، بالإضافة إلى 5 وجهات سفر تم الإعلان عنها مؤخراً خلال العام 2013.
ومن هنا يذكر أن طيران الخليج تقوم بتشغيل واحدة من أكبر شبكات الخطوط الجوية الإقليمية العاملة التي تميزها عن شركات الطيران الأخرى المنافسة وهي تصنع لنفسها وضعاً مميزاً وسط بيئة تنافسية قاسية. وشهد أداء طيران الخليج التشغيلي والمالي تحسناً كبيراً، ما انعكس على نجاح الخطة الاستراتيجية للهيكلة التي تبنتها الشركة.

«بنا»: إذاً، هل يمكن القول إن الشركة حالياً في وضع مالي أقوى من ذي قبل؟
نعم، وبلا شك، فلقد تمت إعادة إنشاء الميزانية العمومية للشركة، كما تم التخلص من العديد من الديون السابقة المتراكمة التي أثقلت كاهل الشركة على مدى السنوات الماضية، كما تم تحديد مسببات الخسائر التشغيلية المتزايدة وإزالتها وترشيد عناصر التكلفة القائمة، والتخلص أيضاً من تلك التي لا تضيف قيمة إلى الأداء العام للناقلة.
وعلى وجه التحديد، فقد تمت مراجعة ما يزيد على 2000 عقد واتفاقية مع موردي الخدمات والمتعهدين والمؤجرين الحاليين بعد عقد جلسات عديدة من المفاوضات للوصول إلى اتفاق مرضٍٍ لجميع الأطراف.
ونتج عن ذلك تحقيق خفض في النفقات بمقدار 28% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ما أدى إلى تحقيق خفض تجاوز نسبة 52% في الخسائر مقارنة مع نتائج العام الماضي.
وعلى أية حال، فإن النتائج المالية للشركة إذا قيست بميزانية العام 2013، فإننا سنرى أنها فاقت النتائج المستهدفة، حيث تخطَّـت الشركة النتائج المستهدفة حسب الخطة الاستراتيجية لإعادة الهيكلة لعام 2013 والتي تم عرضها على مجلس النواب في نوفمبر 2012 بفارق وقدره 14,5 مليون دينار.
يذكر أن هذه النتائج تتعدى مستويات الأداء العالمية بشكل واضح، وتعتبر إشارة واضحة أيضاً على أن التحسينات التي طرأت على قطاعي العمليات والمالية قد تمخض عنها تلك النتائج الطيبة.
كما أن إعادة تأهيل الوضع المالي للشركة هي عملية مستمرة، كما أن النتائج التي تم تحقيقها تعني أن الناقلة الوطنية ستعتمد مستقبلاً على مستوى أقل من الدعم الحكومي عما كانت عليه في الماضي، وبذلك ستعمل الشركة على توفير أية مبالغ أخرى ستضخها الحكومة في خزينة الشركة لتفسح المجال للحكومة للاستثمار في المشروعات الوطنية الأخرى.

«بنا» في ضوء هذه النتائج المطمئنة، يبرز السؤال عن الجهة المسؤولة التي تمسك بزمام قيادة مسيرة تحول نحو النجاح والاستدامة؟.
تزخر طيران الخليج بالقادة الأقوياء المدعومين بفريق إداري محترف، وتجدر الإشارة إلى أن الخطة الاستراتيجية لإعادة الهيكلة خلال العام 2013 إلى جانب التطورات الاستراتيجية المتواصلة يقودها مجلس الإدارة، ويتم تنفيذها من خلال اللجنة التنفيذية لإعادة الهيكلة برئاسة كمال بن أحمد محمد وزير المواصلات ورئيس اللجنة التنفيذية لإعادة هيكلة شركة طيران الخليج، بالإضافة إلى لجنة التدقيق المالي والإداري برئاسة الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة، إلى جانب الإدارة التنفيذية الجديدة للشركة بقيادة ماهر المسلم، القائم بأعمال الرئيس التنفيذي للشركة، علاوة على الدور الفعال الذي قام به مجلس الإدارة لضمان تنفيذ رؤية الشركة والتزامها بالقيام بخدمة الشأن الوطني العام.
إن التقدم والنجاح الذي تم إحرازه لم يكن ليتحقق دون تضافر جهود جميع موظفي شركة طيران الخليج وإدارتها التنفيذية والتزامهم بتحقيق هدف واحد، وهو نجاح وتقدم الناقلة الوطنية.
وهنا أود أن انتهز الفرصة لأوجه لهم الشكر جميعاً على مساندتهم ومؤازرتهم لإتمام ذلك النجاح، كما نشد على أيديهم ونحثهم على تقديم المزيد من الجهد خلال العام الحالي 2014 لما يحمله هذا العام من تحديات كبيرة لا تقل أهمية عن تلك التي واجهناها في العام المنصرم 2013.

«بنا»: لطالما تم توجيه الانتقاد إلى طيران الخليج في الماضي لتوظيفها هيئات ومكاتب استشارية تدفع لها مبالغ طائلة لإعداد الدراسات لأفضل الطرق التي تمكن الناقلة من النجاح.. هل لا تزال الشركة تستعين وتوظف مثل هذه المكاتب والهيئات الاستشارية؟
لقد أجمع أعضاء مجلس إدارة شركة طيران الخليج على أن يتم رسم الاستراتيجية الجديدة وتنفيذها بأيدٍ وطنية خبيرة ومؤهلة من داخل أروقة الشركة نفسها.
لذا فقد قام مجلس الإدارة بالدفع بالخطة الاستراتيجية لتقوم اللجنة التنفيذية لإعادة الهيكلة بإدارة تنفيذها في الوقت الذي برز دور الإدارة العليا في الشركة عبر تطويرها وتنفيذ مكوناتها على أرض الواقع.
ويمكن اعتبار دور الاستشاريين على أنه أداة من الأدوات التي يمكن توفيرها للجنة التنفيذية لإعادة هيكلة طيران الخليج وللإدارة التنفيذية للشركة، إذا توفرت لديهم قناعة تامة بأنه بات مطلوباً توفر خبرة فنية إضافية متخصصة في قطاعات معينة يمكن الاستعانة بها، لأننا نعمل من أجل تحقيق هدف كبير وهو الاستدامة المبنية على التشغيل على أسس تجارية.

«بنا» هل لكم إطلاعنا على الأسباب التي تقف وراء نجاح خطة طيران الخليج الجديدة لإعادة الهيكلة، بينما لم تفلح جميع المحاولات السابقة لإعادة الناقلة إلى المسار الصحيح؟
أعتقد أن السبب الرئيس الذي يكمن وراء فعالية ونجاح خطة طيران الخليج الاستراتيجية الجديدة لإعادة الهيكلة هو أن هذه الخطة هي الأولى من نوعها التي تم وضعها بمشاركة جميع الأطراف ذات العلاقة بالشركة وأصحاب المصلحة من وراء بقاء الشركة واستدامتها.
فقد شارك في وضع هذه الخطة مسافرو طيران الخليج وموظفوها والحكومة وأعضاء مجلسي النواب والشورى، وذلك لخلق خطة استراتيجية لإعادة الهيكلة تتسم بالتوازن لبناء خطوط جوية وطنية فعالة وتقديم عمل تجاري مستدام ووافٍ يلبي باقتدار متطلبات الاقتصاد الوطني وتطلعات المواطنين التي يتمنون تحقيقها من خلال ناقلتهم الوطنية.
هذا إلى جانب كون هذه الخطة الاستراتيجية خطة شاملة ذات أهداف استراتيجية واضحة المعالم لكي تصل بالناقلة الوطنية إلى طريق الاستدامة التجارية على المدى البعيد. كما أنها تتميز بالتركيز على الناحية التجارية البحتة حيث تتخذ جميع القرارات المتعلقة بإدارة الشركة على أسس تجارية خالصة لكي تقدم الشركة خدمات ذات قيمة راقية مقابل المال المدفوع.

«بنا»: أعلنت الشركة عن انخفاض حجم القوى العاملة 27%، هل لكم أن تبينوا مدى تأثير ذلك الخفض على نسبة البحرنة بالشركة؟ وكيف تم التوصل إلى تلك النسبة من الخفض؟
إن ضمان استمرارية وجود الشركة واستدامة عملها التجاري على المدى البعيد وتقليل اعتمادها في التشغيل على الدعم الحكومي استوجب اتخاذ قرارات صعبة وحازمة، حيث يعتبر الوصول إلى العدد الصحيح من الموظفين والمناسب لحجم الأنشطة التي تقوم بها الشركة أمراً ضرورياً ليتناسب ذلك مع متطلبات الأسطول وشبكة الخطوط الجوية العاملة.
وبناء على ذلك، كانت مسألة تقليص عدد الموظفين أولوية من الأولويات التي تم وضعها خلال تنفيذ خطة إعادة الهيكلة، ما ترتب عليه إلغاء بعض الوظائف والإبقاء على وظائف أخرى.
وحتى الآن تم تقليص عدد موظفي الشركة بنسبة 27% مقارنة بالعام الماضي. وعلى الرغم من تحقيق ذلك الإنجاز، إلا أن طيران الخليج لا تزال تعتبر الشركة الرائدة إقليمياً في مجال توطين العمالة الوطنية وتوظيفها والاستفادة من خبراتها، حيث تبلغ نسبة الموظفين البحرينيين 65% من إجمالي عدد الموظفين بالشركة.
من جانب آخر، تعتبر طيران الخليج أيضاً متفوقة على منافسيها الإقليميين فيما يخص مواطنيها المهَرة المؤهلين للعمل في مجال الطيران والسفر الجوي، حيث تبلغ نسبة الطيارين البحرينيين 62% من إجمالي عدد الطيارين العاملين بالشركة بزيادة مقدارها 17% خلال الأعوام الثلاثة الماضية. أما المهندسون البحرينيون فتبلغ نسبتهم 40% من العدد الكلي للمهندسين العاملين في الشركة بعد أن ارتفعت نسبتهم 15% منذ العام 2009.
وهنا نؤكد على أن خلق فرص العمل للمواطنين في جميع قطاعات الشركة المختلفة يعتبر أحد الأهداف التي يراد تحقيقها على المدى البعيد في الناقلة الوطنية لمملكة البحرين.
كما إن طيران الخليج مستمرة في العمل بشكل جدي مع الشركات الأخرى لتطوير مهارات مواطنيها الشباب في مجال التخصصات المتعلقة بالطيران سواء داخل البحرين أو خارجها.
يُذكر أن طيران الخليج بذلت أقصى ما في وسعها لاستيعاب جميع العاملين المُسرَّحين من شركة طيران البحرين، وتوظيف تلك الأعداد من منطلق مسؤوليتها كأكبر شركة موظفة للعمالة البحرينية، واستمراراً لنهجها في الحفاظ على الكوادر لبحرينية المؤهلة التي تخدم وطنها، فقد بلغ العدد الإجمالي 14 طياراً.
وقامت طيران الخليج بإتاحة الفرصة أمامهم للانخراط في العمل بالشركة بعد اجتيازهم للاختبارات اللازمة التي تؤهلهم للعمل على متن أسطولها الجوي حسب مؤهلاتهم وخبراتهم، إلى جانب توظيف عدد آخر من أفراد طاقم الضيافة حسب المستويات التي تحددها الشركة ووفقاً لحاجتها وطاقتها الاستيعابية في التوظيف من وقت لآخر.
أخيراً أؤكد أن طيران الخليج تفتخر بأنه لا يوجد مواطن بحريني واحد يعمل في طيران الخليج من خلال عقد مؤقت أو محدد المدة باستثناء المتدربين الذين يتم تثبيتهم وتوظيفهم بعد اجتيازهم بنجاح للبرامج التدريبية التي تؤهلهم للالتحاق بالعمل في الشركة في مجال تخصصاتهم.

«بنا» كانت هناك معارضة شديدة من قبل اتحادات العمال حينما بدأت الشركة في تنفيذ خطة إعادة الهيكلة، فهل أشركتموها في العملية؟
تعتبر طيران الخليج إحدى أصول البنية التحتية المهمة التي تمتلكها الدولة والتي تشكل أهمية خاصة لازدهار ونمو الاقتصاد الوطني، كما تعمل على دعم ومساندة الأنشطة التجارية داخل البحرين وخارجها، كما تؤدي دوراً مهماً في تنشيط القطاع السياحي والتبادل التجاري وتحمل علم مملكة البحرين وتطير به حول العالم.
لذا فإن الحكومة لديها التزام قانوني تجاه الناقلة الوطنية لضمان كون عملية إدارة الناقلة تتم بكفاءة واقتدار لتحقيق بقاء الشركة ناجحةً من الناحية التجارية للحصول على القيمة القصوى من وجود الشركة، وهو ما يعود بالتالي إيجاباً على الاقتصاد الوطني.
لقد اعتمدت الشركة بشكل تام خلال الأعوام الماضية على الدعم المالي الكبير من قبل الحكومة، وهذا الوضع لا يمكن استمراره على الدوام، فكان من اللازم القيام بعملية إعادة الهيكلة.
كما كان من الضروري اتخاذ مجموعة من القرارات الصعبة كجزء من عملية إعادة الهيكلة تلك، ومن بينها تقليص عدد الموظفين لتتماشى مع متطلبات التشغيل اللازمة للأسطول الجديد والشبكة الجوية التابعة لهذا الأسطول، وهو أمر بطبيعة الحال يضع الشركة في حالة شد وجذب مع اتحادات العمال بهذا الشأن.
على أية حال، قامت إدارة الشركة بإشراك الاتحادات العمالية خلال عملية إعادة الهيكلة عبر حوار مفتوح وصريح، تمكنا من الوصول خلاله إلى توافقات جزئية وهذا أمر طبيعي، إلا أن ما بعث على السرور في ذلك الوقت أنْ كان كلا الطرفين ملتزماً بالعمل من أجل تحقيق هدف واحد مشترك وهو إنجاح طيران الخليج والذي في النهاية يتيح فرصة بقاء الموظف البحريني على رأس عمله قدر المستطاع.
الدعم الـمـالي الحكومي
«بنا»: قوبل قرار تقديم الدعم المالي لطيران الخليج بالعديد من الانتقادات، فهل لكم أن توضحوا أبعاد القرار الذي اتخذته الحكومة في هذا الشأن؟
استشعرت حكومة البحرين بأنه من الواجب عليها دعم طيران الخليج ومساندتها والعمل بكل السبل على إنجاح خطة إعادة الهيكلة لجعلها شركة مستدامة على المدى البعيد، فوجودها يرتبط ارتباطاً وثيقاً ومباشراً بحاضر ومستقبل مواطني مملكة البحرين.
وتأسيساً على ما سبق، فإن الناقلة الوطنية تلعب دوراً مهماً وحيوياً في ربط الاقتصاد الوطني بالعالم الخارجي. لذا، فقد أكد مجتمع المال والأعمال البحريني على أهمية طيران الخليج في المحافظة على ربط المملكة بالأسواق الإقليمية والعالمية، ولكونها أيضاً أداة لنقل صورة حية عن البحرين في الخارج.
وتشكل خطوط الوصل التجارية التي تمدها الشركة ببلدان العالم أهمية كبرى للمساعدة في جذب الاستثمارات العالمية عن طريق تقديم منافذ مباشرة إلى المراكز المالية في لندن وفرانكفورت وباريس، بالإضافة إلى كون الأنشطة التجارية المتعلقة بالقطاع الخاص في المملكة سريعة الحركة وتنجذب في العادة بالبنية التحتية الجيدة بما فيها خدمات السفر والنقل الجوي. وفي المقابل، فإن فقدان وسائل ربط البحرين بالعالم الخارجي يوثر سلباً وبدرجة شديدة على القدرة التنافسية للمملكة أمام الدول المجاورة.
ومن المعلوم أن طيران الخليج تعتبر على المستوى الوطني إحدى الأصول الحكومية السيادية المهمة بالنسبة إلى النمو الاقتصادي في المملكة وللبنية التحتية الوطنية، فهي تسهم بما يقرب من 70% من حركة السفر الجوي من وإلى مطار البحرين، مما يضع المملكة في قلب صناعة الطيران والسفر والنقل الجوي بالمملكة.
إن طيران الخليج واحدة من كبريات الشركات التي تستوعب أكبر عدد من الموظفين في البحرين فهي توظف بطريقة مباشرة وغير مباشرة ما يزيد على 21 ألف فرد، بمن فيهم 2742 موظفاً في طيران الخليج وحدها.
وقد أشارت دراسة حديثة إلى أن عائلة من بين كل 8 عائلات بحرينية على الأقل لديها صلة مباشرة بطيران الخليج، فمجال الطيران يعتبر أحد ركائز الاقتصاد في البحرين، كما أن طيران الخليج تعتبر جزءاً من النسيج الاجتماعي للدولة، وهذا هو السبب الذي من أجله تلتزم الحكومة البحرينية بدعم ومساندة الناقلة الوطنية.
وأريد هنا أن أوضح أن الحكومة أعلنت بكل صراحة ووضوح، أن طيران الخليج لابد لها أن تصبح شركة طيران ناجحة ومستدامة تجارياً وتمكِّن نفسها من أن تصبح ضمن الأصول الحكومية الوطنية وتسهم في النمو الاقتصادي للمملكة.

«بنا»: قام مجلس النواب في مايو 2012 بتشكيل لجنة برلمانية مؤقتة لدراسة أوضاع الشركة، وانتهت اللجنة إلى صياغة عدة توصيات تم توجيهها إلى الحكومة فيما يخص خطة إصلاح الناقلة، هل تم تنفيذ تلك التوصيات وتطبيقها عملياً؟
نعم بكل تأكيد، لقد سبق وضع خطة إعادة الهيكلة التي التزمنا بتنفيذها جميعاً، وتضمنت تلك الخطة مرئيات جميع أصحاب العلاقة والمصلحة مع شركة طيران الخليج، بمن في ذلك أعضاء مجلسي النواب والشورى، حيث تضمن تقرير اللجنة البرلمانية المؤقتة الموجه إلى الحكومة قائمة تتألف من 14 توصية تم عرضها على مجلس إدارة شركة طيران الخليج الذي قام بتنفيذها كاملة بالتنسيق مع اللجنة التنفيذية لإعادة الهيكلة والإدارة العليا للشركة.
وتم التشاور خلال عملية إعادة الهيكلة مع الوزراء وكبار المسؤولين في الحكومة وممثلي السلطة التشريعية، واطلاعهم على كافة المستجدات المتعلقة بإعادة الهيكلة، ونود هنا أن نشيد بموافقتهم على الخطوات والقرارات التي تم اتخاذها في هذا الشأن ونقدر لهم دعمهم ومساندتهم لمجلس إدارة الشركة.

«بنا»: هل لدى مجلس الإدارة الجديد قناعة بأن طيران الخليج لديها نظام متكامل للحوكمة والتدقيق يتم تطبيقه بالفعل لضمان سير أعمال وأنشطة الشركة التجارية ويطابق مستويات العمل التجاري العالمية من الناحية التشغيلية والقانونية؟
بالفعل يوجد لدى مجلس الإدارة الجديد قناعة تامة بأن طيران الخليج تمتلك نظاماً قوياً متكاملاً للحوكمة والتدقيق يتم تطبيقه لضمان سير أعمال وأنشطة الشركة التجارية وسط بيئة تتسم بالشفافية والنزاهة والأمانة والعدالة ويطابق مستويات العمل التجاري العالمية من الناحية التشغيلية والقانونية، وهذا ما نفخر به ونؤكد عليه دائماً حيث لم يتم إبلاغ مجلس إدارة الشركة عن أية تجاوزات مالية منذ بدء تنفيذ الخطة الاستراتيجية لإعادة هيكلة طيران الخليج لا من مصادر داخلية ولا خارجية ولا من جهات التدقيق المستقلة.
أود أن أكرر مراراً بأن جميع الأنشطة التجارية التي تقوم بها ناقلتنا الوطنية تخضع لسلسلة محكَّمة من عمليات التدقيق المالي والإداري المستمرة، لذا، فإن لدينا نظاماً إجرائياً ولوائح صارمة تحكم الإدارة المالية لطيران الخليج وهو ما يبدو جلياً في تقارير التدقيق الداخلي والخارجي التي يتم عرضها على مجلس الإدارة بموضوعية وصدق.
كما أن لدى طيران الخليج دائرة مستقلة تماماً للتدقيق الداخلي والتي ترفع تقاريرها مباشرة إلى لجنة التدقيق المالي والإداري المنبثقة عن مجلس الإدارة، هذا بالإضافة إلى تعاقد طيران الخليج مع شركة «إيرنست آند يونغ» كاستشاري للتدقيق الخارجي، وقد جرى تعيين شركة التدقيق تلك من قِبَل المساهم، وذلك بغرض إعداد تقارير التدقيق المالي السنوية.
من ناحية أخرى، نؤكد أن طيران الخليج تلتزم تماماً باللوائح والقوانين التي وضعها مجلس المناقصات، كما تخضع أيضاً من ناحية التدقيق المالي والإداري إلى ديوان الرقابة المالية الذي يقوم بإعداد تقارير الرقابة المالية والإدارية حول طيران الخليج بين الحين والآخر ويرفعها مباشرة إلى كافة الجهات ذات الاختصاص.
استشراف الـمـستقبل
«بنا» تم الإعلان مؤخراً عن تسيير رحلات إلى عدة وجهات سفر إضافية، فهل يعني ذلك أن طيران الخليج بدأت في التوسع مجدداً؟
يمكننا القول إن عملية الهيكلة الاستراتيجية تواصل توجيه وتسهيل النمو والتطور المستمر في طريقها نحو الاستدامة التجارية على المدى البعيد. لذا، فإن طيران الخليج تمر حالياً بمرحلة انتقالية تخطو فيها من طور إعادة الهيكلة إلى طور النمو والتوسع المدروس، حيث أطلقت الناقلة في العام 2013 رحلاتها إلى 5 وجهات سفر جديدة يتم تشغيلها من خلال زيادة الاستفادة من الأسطول الحالي الذي يتألف من 26 طائرة. كما إن الشركة قد أعلنت عن بدء تسيير رحلاتها إلى العاصمة اليونانية أثينا خلال الشهر الجاري.
ومن الواضح أن وجهات السفر الجديدة التي تسيِّر طيران الخليج رحلاتها إليها، تعكس مدى التزام الشركة بتعزيز شبكة خطوطها الجوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع التركيز على الخطوط ذات المردود المالي المرتفع، في الوقت الذي تحافظ فيه على الروابط الاستراتيجية التي تربطها بالأسواق التجارية المهمة حول العالم.
وكما هو معلوم، فإن شركة طيران الخليج تربط من خلال شبكتها الجوية الفعالة عواصم دول مجلس التعاون الخليجي، وعواصم الدول التي تشملها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من خلال جداول رحلات جوية مرنة تناسب سوق السفر الذي يتميز بتعدد القطاعات، في الوقت ذاته لا تزال طيران الخليج تحتل موقع الريادة، حيث تقوم بتشغيل واحدة من أكبر شبكات الخطوط الجوية العاملة في منطقة الشرق الأوسط.
إن طيران الخليج تواصل دعمها للاقتصاد الوطني المحلي من خلال المساعدة على جلب الاستثمارات وربط الأنشطة التجارية البحرينية بالأسواق العالمية والإقليمية حسب الأهداف والتوجهات الاستراتيجية الموضوعة.

«بنا»: من وجهة نظركم، ماهي أكبر التحديات التي تواجه طيران الخليج في الحاضر والمستقبل؟
لا شك أن شركة طيران الخليج تعمل في بيئة تنافسية قوية، فسرعان ما نشهد اختفاء شركات طيران عملاقة وولادة أخرى جديدة. ولذلك كان من الواجب على أية شركة طيران تريد المحافظة على بقائها أن تستمر في التطور والارتقاء لكي تتعايش مع بيئتها التشغيلية.
ولا ننسى هنا دعم ومساندة المجتمع البحريني بجميع أركانه وفئاته من خلال تكاتف جهود جميع أصحاب العلاقة والمصلحة مع شركة طيران الخليج، حيث صدرت مؤخراً تعليمات واضحة تلزم موظفي الحكومة والهيئات الحكومية في المملكة بالسفر على الناقلة الوطنية، طيران الخليج، في المهمات الرسمية، وذلك أسوة بما هو معمول به في دول الجوار. وهذا أمر منطقي، فنحن بحاجة إلى أن ندعم ونساند ناقلتنا الوطنية ونعزز من وضع جميع المؤسسات والشركات الحكومية المملوكة للدولة، بما فيها طيران الخليج.

«بنا»: كيف ترون مستقبل طيران الخليج خلال الأعوام الخمسة المقبلة؟
أعتقد أن أصحاب العلاقة والمصلحة مع شركة طيران الخليج سيشهدون وضعاً جديداً، فقبل أعوام قليلة، كان مستقبل الشركة تتجاذبه النقاشات والجدل، وكانت الخسائر تقدر بمئات الملايين.
أما في العام 2013، فقد سجلت الشركة إنجازاً تمثل في خفض خسائر الشركة إلى نصف ما تكبدته في العام الذي سبقه، وهذا يمكن اعتباره بحسب المنطق التجاري ربحاً متحققاً، لأن الشركة لو بدأت من نقطة التوازن - حيث لا ربح ولا خسارة - وتم إحراز ذلك الإنجاز، لاحتسب ربحاً في السجلات المحاسبية للشركة.
من ناحية أخرى، نجد دعم المجتمع البحريني للشركة في ازدياد ومعدلات البيع في ارتفاع، وهذه مؤشرات إيجابية، حيث يشعر كل فرد بأن الصورة جلية أمامه في جو من الشفافية والوضوح، فعملية إعادة الهيكلة تتقدم إلى الأمام في مسارها الصحيح. كما بدأت جسور الثقة في الناقلة الوطنية تعود لمجراها الطبيعي.
والأهم من ذلك كله أن طيران الخليج لديها الآن رؤية أكثر وضوحاً عن حجم نفقاتها بعد عملية إعادة الهيكلة، وهي تقف الآن على أرضية راسخة تستطيع من خلالها لا أن تواجه فقط التحديات المستقبلية، بل باستطاعتها أيضاً أن تثري عملية نمو الاقتصاد الوطني للمملكة في المستقبل وعلى المدى البعيد.
لقد عملنا على وضع الأسس الثابتة للانطلاق نحو المستقبل، لذا فإن مجلس الإدارة يشعر بتفاؤل كبير من أن الناقلة الوطنية سوف تبقى بمشيئة الله ثابتة على درب الإيجابية ولتحقيق الاستدامة طويلة الأمد.