تتوالى العلامات التي تأتي من سوريا يوماً بعد آخر على ضعف النظام وفقدانه السيطرة على مناطق واسعة من البلاد، بما فيها العديد من المواقع الاستراتيجية وفي مقدمتها حقول النفط التي كشفت جريدة "صنداي تلغراف" أنها أصبحت تحت سيطرة قوات المعارضة التي نجحت في إدارتها والاستفادة منها وبيع منتجاتها.
ورغم أن الحديث عن سيطرة المقاتلين السوريين على حقول نفطية في سوريا ليس جديداً، إلا أن الجديد هو أنها تعمل ويجري بيع منتجاتها لتمثل واحداً من الموارد المالية المهمة للمقاتلين السوريين، كما أن الكثير من العمال المدنيين السوريين وجدوا فرص عمل جيدة في هذه الحقول وفضلوا العمل فيها تحت إدارتها الجديدة على أن يتركوا البلاد ويفرّوا إلى الخارج، كما تحدث أحدهم للصحيفة البريطانية، مؤكداً أنه يفضل العمل هنا على أن يسافر إلى لبنان.
وقالت "صنداي تلغراف" إن الحقول النفطية المحيطة بمدينة الرقة وحدها، والتي تسيطر عليها "جبهة النصرة" كانت تنتج 380 ألف برميل نفط يومياً عندما كانت تحت سيطرة النظام، فيما يقوم المقاتلون حالياً ببيع إنتاج هذه الحقول من الخام بأسعار متدنية لرجال أعمال في المنطقة يقومون بدورهم بتكريرها لإنتاج وقود متدني الجودة، ومن ثم يتم بيعه أيضاً بأسعار رخيصة.
مناطق نفطية تحت سيطرة المعارضة في سوريا
وتؤكد هذه المعلومات أن مقاتلي المعارضة السورية أكثر قدرة من النظام ذاته على الاستفادة من الحقول النفطية في ظل العقوبات الدولية المفروضة على سوريا والتي تتضمن حظراً لاستيراد النفط السوري، حيث ينجحون في استخراج الخام وتسويقه وبيعه، بما في ذلك إلى مناطق مجاورة خارج الأراضي السورية.
وتقول "صنداي تلغراف" إن حقول النفط ستلعب دوراً استراتيجياً بالغ الأهمية في الصراع المستقبلي بين قوات النظام وقوات المعارضة، حيث إن مدينة الرقة التي تسيطر عليها جبهة النصرة وتدير حقولها النفطية تمثل واحدة من بين ثلاث مناطق فقط في سوريا توجد فيها الثروة النفطية للبلاد، وهي: الحسكة، دير الزور، والرقة، وجميعها في شرقي سوريا بالقرب من الحدود مع العراق.
وتقول المعلومات الواردة من الرقة إنه بسبب العقوبات الدولية على النفط السوري فإن غالبية النفط الخام الذي تنتجه قوات المعارضة يتم توزيعه على آلاف المصافي النفطية الصغيرة المنتشرة في كافة المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون والتي يتم العمل بها منزلياً لإنتاج الوقود المستخدم في كافة مناحي الحياة.
وتقول "صنداي تلغراف" إنه ليس معروفاً ولا من السهل تحديد حجم المبلغ الذي تجنيه قوات المعارضة السورية من إنتاج النفط الخاضع لها، إلا أن كل الإنتاج الذي يتم في الرقة ومبيعاته يصب في النهاية في خانة تحقيق الأرباح لجماعة جبهة النصرة، بحسب الصحيفة.
وقال أحد التجار الذين يسكنون في المنطقة، ويدعى عمر محمود، إن مقاتلي جبهة النصرة "لا يفرضون أية ضرائب ولا رسوم على تجارة النفط والوقود المكرر، لكننا نشتريه منهم مباشرة، ولذلك فهم ليسوا بحاجة لفرض ضرائب".
وبالقرب من مدينة الرقة السورية يتم بيع برميل النفط الواحد بأربعة آلاف ليرة سورية (حوالي 30 دولاراً فقط)، إلا أن السعر يرتفع بحسب الكميات المطلوبة ومكان البيع، فيما تنجح ماكينات التكرير البدائية المستخدمة هناك في إنتاج 30 لتراً فقط من البنزين ونفس الكمية من وقود الطبخ، وأكثر بقليل من الديزل، وذلك من كل ستة براميل يتم ضخها في المصفاة.
ونقلت "صنداي تلغراف" عن عبدالواحد عبدالله الذي يمتلك مصفاة نفط منزلية أنه يقوم بتشغيلها دورتين يومياً، خمسة ساعات لكل دورة، وتدر عليه أرباحاً بنحو 20 الف ليرة سورية يومياً (150 دولاراً تقريباً).
يُشار الى أن سوريا كانت تنتج نحو 380 الف برميل نفط يومياً، بحسب إحصاءات عام 2007، أي قبل الثورة وقبل دخول العالم في الأزمة الاقتصادية، فيما يمثل النفط واحداً من أهم الموارد المالية والثروات الطبيعية للدولة السورية، ويعتبر سقوط حقول النفط في أيدي مقاتلي المعارضة خسارة استراتيجية فادحة للنظام، وضربة لأهم موارده المالية.