كتب - محرر الشؤون المحلية:
يعتبر الوضع الاجتماعي والسياسي للمرأة معياراً أساسياً لدرجة تقدمه ومدى تفاعله مع معطيات العصر الحديث بكل ما يحمله من قيم العولمة واحترام المواطنة ودعم قضايا حقوق الإنسان.
وبات واضحاً للعيان أن المرأة البحرينية كانت سباقة في نيل حقوقها التعليمية والاجتماعية والسياسية على المستوى الخليجي، وأحياناً على المستوى العربي، إذ إنه في عام 1928 كانت البحرين أول من أتاح فرصة التعليم للبنات في التعليم النظامي خليجياً، وليكون من أهم التطورات التي أدخلت في التعليم في البحرين، وذلك بعد 9 سنوات من بدء التعليم النظامي، بعد أن تلقت الفتاة تعليمها الأول في الكتاتيب.
وفي عام 2000م وقبيل ميثاق العمل الوطني، دخلت 4 سيدات بارزات مجلس الشورى آنذاك، وهن وكيلة وزارة الصحة للرعاية الأولية د.مريم الجلاهمة، وسفيرة البحرين بواشنطن الس سمعان، والنائب الثاني لرئيس مجلس الشورى د.بهية الجشي، ورئيسة الجامعة الخليجية د.منى الزياني.
وكـــان ميثاق العمــل الوطنـــي فـــي 2001 ودستور 2002، يجسد إطاراً لضمان حقوق المرأة ومساواتها بالرجل في جميع ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية. حيث أكدت التعديلات التي أدخلت عام 2002 على دستور عام 1973، والتي نص عليها الميثاق على أهمية تحقيق مبدأ المساواة بين جميع المواطنين دون أي تمييز بينهم في الحقوق والواجبات بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، الأمر الذي أدى إلى دعم دور المرأة التنموي وأضفى عليه المشروعية.
وجاءت هذه التعديلات استجابة لحوار للميثاق الذي شارك في إعداده 46 شخصية من رموز المجتمع منهم ست سيدات وهن: الشيخة لولوة بنت محمد آل خليفة، الدكتورة الشيخة مريم بنت حسن بن علي آل خليفة، لولوة صالح العوضي، الدكتورة بهية جواد الجشي، فاطمة حسن جواد، والدكتورة ندى عباس حفاظ.
وكان للمشاركة النسائية دور كبير في اجتماعات اللجنة التي وضعت الميثاق الذي تم طرحه للاستفتاء العام يومي 14 و15 فبراير عام 2001، وأكد الإعلان حق الرجال والنساء البحرينيين البالغين من العمر 21 عاماً في المشاركة ونال هذا الميثاق موافقة 98,4% ممن لهم حق في التصويت، وبلغت نسبة تصويت النساء 49% من إجمالي المشاركين مما يعكس التفاعل الإيجابي للمرأة مع الدور الجديد الذي شكلت ملامحه المرحلة الجديدة التي تخطوها التنمية السياسية بالمملكة.
وبعد الموافقة الشعبية على الميثاق الوطني شكلت «لجنة تفعيل ميثاق العمل الوطني» والتي تهدف إلى مراجعة جميع القوانين والتشريعات الوطنية واقتراح التعديلات والآليات اللازمة لتنفيذ مبادئ الميثاق، وكانت برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد، وضمت في عضويتها 16 عضواً منهم المحاميتان «لولوة العوضي» و»جليلة السيد».
أقر الدستور البحريني نصوصاً عامة تتعلق بالمساواة بين المواطنين أمام القانون في الحقوق والواجبات العامة وبحماية الأمومة والأسرة، ثم أفرد بنوداً تنص على التزام الدولة بكفالة حقوق المرأة ومساواتها مع الرجل في مختلف الميادين وبالإضافة إلى نصوص نوعية تؤكد حق المرأة بالمشاركة السياسية، حيث جاء الدستور المعدل عام 2002 متضمناً نصاً نوعياً بإقرار حق المشاركة السياسية للمرأة والرجل وهو الدستور العربي الوحيد الذي اشتمل على مثل هذا الحكم، إذ أقر كفالة الحق في المساواة والحق في المشاركة السياسية، والحق في العلم والتعليم.
وفي أغسطس 2011، تأسس المجلس الأعلى للمرأة بهدف تعزيز وضع المرأة البحرينية كمرجع لدى جميع الجهات الرسمية في ما يتعلق بشؤون المرأة يختص في إبداء الرأي والبت في الأمور المرتبطة بمركز المرأة بصفة مباشرة أو غير مباشرة.
ويتبع صاحب الجلالة الملك المفدى وتكون له شخصيته الاعتبارية ويعتبر المجلس المرجع لدى جميع الجهات الرسمية في ما يتعلق بشؤون المرأة، ويختص في إبداء الرأي والبت في الأمور المرتبطة بمركز المرأة بصفة مباشرة أو غير مباشرة. وعلى كافة الجهات الرسمية أخذ رأي المجلس الأعلى للمرأة قبل اتخاذ أي إجراء أو قرار بذلك.
وفي 2002 مارست المرأة البحرينية حقها في الترشح والانتخاب في المجالس النيابية والبلدية، لتكون بذلك أول امرأة خليجية تمارس هذا الحق، ولكن في ذلك العام لم يحالف المرأة الحظ، إلا أنه في العام 2006 تمكنت المرأة من الوصول للمجلس النيابي، وتمكنت في انتخابات 2010 من الوصول للمجلس البلدي.
وارتفعت نسبة المرشحات لمجلس النواب بمقدار 7% خلال الفترة الزمنية من 2002-2011 ليصل عدد المنتخبات لمجلس النواب 4 نساء في العام 2011. وفي المقابل، بلغت نسبة الانخفاض في نسب المرشحين 6% خلال نفس الفترة الزمنية.
وخلال نفس الفترة الزمنية، بلغ معدل زيادة عضوات مجلس الشورى 2% تقريباً من 9 عضوات في 2002 إلى 11 عضوة، بنسبة تمثيل 27.5% من إجمالي الأعضاء البالغين 40 عضواً.
وفي 2004 استطاعت المرأة البحرينية دخول الحكومة، وكانت عضو مجلس الشورى الطبيبة الدكتورة ندى حفاظ أول امرأة تتولى حقيبة وزارية كوزيرة للصحة، ثم تولت عميدة كلية التربية بجامعة البحرين الدكتورة فاطمة محمد البلوشي في 2005 كوزيرة للشؤون الاجتماعية، وتلتها الشيخة مي بنت محمد آل خليفة في 2008 كوزيرة للإعلام والثقافة، بعد أن كانت وكيلاً مساعداً للثقافة، وأخيراً وفي عام 2012 تم تعيين عضو مجلس الشورى البحريني سميرة إبراهيم وزير دولة لشؤون الإعلام، وأضيف لها منصب المتحدث الرسمي باسم الحكومة لتكون بذلك أول سيدة تتولى هذا المنصب في الخليج العربي.
وشكل العام 2005 علامة فارقة في وضع المرأة البحرينية، إذ ترأست فيه عضو مجلس الشورى والنائب الثاني لرئيس المجلس آنذاك أليس سمعان إحدى جلسات المجلس، لتكون بذلك أول امرأة تترأس جلسة لمجلس تشريعي في الوطن العربي.
رقي المرأة في المحافل المحلية، صاحبه رقي على المستوى الدبلوماسي الدولي، إذ إنه في عام 2006، تم انتخاب الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة رئيساً للجمعية العامة للأمم المتحدة ولتكون أول امرأة عربية ومسلمة تشغل هذا الموقع، وقد كانت قبل ذلك أول امرأة تصبح سفيرة للمملكة، إذ تم تعيينها في 1999 سفيراً للمملكة في باريس، كما تم تعيين أ.بيبي العلوي سفيرة لدى الصين وكوريا ومنغوليا، وهدى نونو سفيرة لدى الولايات المتحدة الأمريكية وأليس سمعان لدى المملكة المتحدة.
دكة القضاء هي الأخرى لم تكن بمنأى من جلوس المرأة البحرينية عليها، ففي عام 2006 ارتأت القيادة دخول المرأة البحرينية سلك القضاء، وذلك بعد أن أثبتت جدارتها في مهنة المحاماة لـ 30 سنة سابقة، وكانت منى الكواري أول قاضية في مملكة البحرين، وفي عام 2007 تم تعيين ضحى الزياني قاضية بالمحكمة الدستورية.
وإضافة إلى توليها المناصب العليا في السلطة التنفيذية، ودخولها السلطة التشريعية والقضائية، تتولى المرأة البحرينية مواقع قيادية عليا في عدد من الأجهزة والهيئات والمؤسسات في القطاعين العام والخاص، بدءاً من وكيل وزارة ووكيل مساعد ومدير إدارة بالقطاع العام، مروراً برئيس مجلس إدارة ورئيس تنفيذي بالقطاع الخاص، وصولاً إلى منصب رئيس مجلس أمناء جامعة.