كتب ـ عادل محسن:
مرض نادر منع الطفل عبدالرحمن الشيخ من لذة النوم مستلقياً، بعد أن تقوس ظهره واحدودبت فقراته، واحترق نصف جسده بالمياه الساخنة، وتراجعت حالته الصحية وتردت إثر عملية جراحية فاشلة أجريت لظهره في مصر.
عبدالرحمن محروم في الوقت الراهن من العلاج الطبي والنفسي، ومن التعليم والعيش كسائر أقرانه، وهو يائس من المستشفيات وبات يكرهها لكثرة تردده عليها بسبب حالته المستعصية والنادرة.
«الوطن» زارت عائلة عبدالرحمن واستمعت من شقيقه أحمد لجانب مع معاناته، وقال إن عبدالرحمن ولد وفيه عيب خلقي وكان ظهره مفتوحاً، ما أثر على فقدان الخلايا وكان العمود الفقري محدودباً، وأكد طبيبه الآسيوي أن لا أمل من شفائه لوجود ماء في رأسه وخلل في النخاع الشوكي، إضافة إلى أنه لا يرى ولا يسمع.
ولجأ الأب لطبيب آخر في مستشفى السلمانية، وقرر إجراء عمليه لسحب الماء من رأسه وأخرى لظهره، واكتشفت العائلة مع الأيام أن طفلها يسمع ويرى بشكل طبيعي ويتصف بالذكاء والفهم، وتابع حياته معوقاً إلى أن أصيب بحروق من الدرجة الثانية.
ويضيف أحمـد «كان والدتي تحمم شقيقي وتركته في حوض الاستحمام لتجلب ملابسه، وعندها شغل عبدالرحمن صنبور الماء الساخن، ولم يشعر بتأثيرها لأنه معوق بالجزء الأسفل من جسده وأصيب إثرها بحروق من الدرجة الثانية بنسبة تقدر بـ30%».
وقال إن شقيقه خضع لـ6 عمليات جراحية لإزالة الأنسجة الميتة والترقيع، وأصيب خلال فترة العلاج وبحسب تقرير السلمانية بجرثومة في الدم والجروح، وأعطي مضاداً حيوياً دون جدوى، إذ تعفنت الحروق وبدأ جلده بالتساقط، وعجز الطبيب عن علاجه لتبدأ قصتنا مع العلاج في مصر».
وتكمل والدته القصة، أن ابنها استكمل علاجه على حساب متبرعين في مصر «تلقى ابني العلاج واستجاب له بعد متابعة الطبيب له، وتحسنت حالته كثيراً بعد الترقيع التجميلي، في حين مازالت آثار الحروق موجودة إلى اليوم، وكنت أتمنى في كل لحظة من حياة عبدالرحمن أن أراه يلعب أمامي كسائر الأطفال».
وتضيف «سمعنا عن نجاح عملية في ألمانيا لعائلة أحد الأصدقـاء واستطاعت طفلتهم أن تسير مرة أخرى، وسخر الله لنا الجمعيات الخيرية في إرسال عبدالرحمن إلى الخارج بمساعدة جمعية أهل الخير، وتوفير تذاكر سفر من الجمعية الإسلامية، إلا أننا وقعنا في فخ مكتب كلف بمتابعة جميع مصاريف العلاج في الخارج، نصب وسرق كثيراً من الأموال، وطلب مبالغ إضافية ثمناً للتذاكر والتأشيرة، رغم أنها مشمولة أساساً في التبرع».
وتتابع «ذهبنا إلى ألمانيا وكلنا أمل أن يعود عبدالرحمن لطبيعته وفقاً للتقارير الطبية الأولية، إلا أن الطبيب الألماني بعد أن فحص عبدالرحمن اكتشف أنه لن يمشي طوال حياته، حتى لو تلقى علاجاً في أي دولة بالعالم، وأن تحدب الظهر سيزيد مع تقدمه بالعمر».
وقالت والدة عبدالرحمن إن الطبيب رأى أن يتم علاج ظهره واستغلال وجودهم في ألمانيا، واكتشف وجود مشكلة في النخاع، وبعد أخذ التقارير الطبية، اتجهت العائلة لمصر حيث عالجت أول مشكلة لعبدالرحمن، لتبدأ معاناته الحقيقية مع طبيب فاشل وضع المسامير في ظهر عبدالرحمن بعد أن أزال فقرة بهدف التخلص من تحدب الظهر، وجعل العمود الفقري في حالته الطبيعية بعد تثبيته بالمسامير، وأدت إلى التهاب حاد حير الاستشاريين البحرينيين بعد أن أزالها الطبيب المصري بطلب من العائلة بسبب تردي أحواله الصحية.
وذكرت أن الطبيب عمل على التقرير الطبي 6 مرات وواجهت العائلة صعوبة في العودة إلى البحرين عن طريق طيران الخليج، وتم الحجز في طائرة تتبع لشركة أخرى، ومنذ 6 أشهر زادت معاناة عبدالرحمن ولم يتمكن حتى أن يجلس بشكل طبيعي، إذ يضايقه تنفسه ويزيد التحدب ويضطر أن ينام على معدته، وتوقف عن الذهاب إلى المدرسة.
ولفتت إلى أنها تواصلت مع إدارة المدرسة لإيجاد حل يعطي الطفل حقوقه في التعليم، أما على مستوى الدعم الشهري فيستلم مبلغ 50 ديناراً من المؤسسة الخيرية الملكية و100 دينار من وزارة التنمية الاجتماعية.
وعن الوضع العلاجي في البحرين، تحدث شقيق عبدالرحمن أن المستشفى العسكري اطلع على حالته ورفض استشاري العظام أن يتدخل في حالته قبل أن يتم علاج مشكلة الالتهابات، بينما الاستشاري المعني لا يستطيع معالجة الالتهابات بسبب عدم معرفته بنوعها، وأهمية وجود عينة منها قبل إغلاق الظهر في المستشفى المصري.
بينما أشار أحد الاستشاريين في مستشفى السلمانية، إلى أن الوضع الصحي لعبدالرحمن يتطلب فريقاً من الأطباء وعلاجه في القطاع الخاص يكلف يومياً 200 دينار.
وفيما يخص المشكلة الصحية في نخاع عبدالرحمن، أشار أحمد إلى أن عملية الرأس كانت ناجحة وكان النخاع مشدوداً وتم «تليينه» وهذه العملية يجب أن تتكرر في مراحل عمرية مختلفة، أما المياه في الرأس فتم علاجها بوضع هوز داخلي يوصل الرأس بالبطن وتسحب المياه إلى البطن لتخرج مع إدرار البول.
يعيش الطفل عبدالرحمن الآن بحسب عائلته على المضادات الحيوية التي لم تعد تنفع ولا يستجيب الظهر لها والالتهاب مستمر وتسوست 4 فقرات من عموده الفقري، ولجأت العائلة إلى الطب البديل والتداوي بالأعشاب بإشراف إحدى الطبيبات المختصات ولم يروا النتائج لحداثة التجربة.
لا يغادر عبدالرحمن غرفته الخاصة ولا يخرج من منزله إلا لإجراء الفحوصات الطبية، بعد دفع أجرة الإسعاف 50 ديناراً لكل مشوار إلى مستشفى العسكري، ولا يستطيع الذهاب إلى المدرسة فقد كانت والدته طوال المرحلة الابتدائية تجر كرسيه المتحرك من وإلى المدرسة، بعدها ساعده أهل الخير برافعة خاصة للكراسي المتحركة ليتوقف تعليمه بعد العملية الجراحية في مصر.