مما لاشك فيه، تعتبر الطاقة عنصراً أساسياً في نهضة الأمم.. حيث يعتبر توفر الطاقة عنصراً لقياس نهضة ورفاهية الشعوب في العالم. الطاقة قد توصف بأشكال متعددة، ولعل أهمها الكهرباء التي تخدم قطاعات كثيرة في الدولة.. مثل التعليم والصحة والإسكان، ولكن هذه الطاقة تأتي من مصادر ناضبة مثل المشتقات البترولية، إنتاج هذه الطاقة أو مصادرها له دور كبير في تلوث البيئة، وتلوث البيئة له كلفة تتعدى جودة الهواء بل تصل إلى تكبد خزينة الدولة الكثير من المال، ففي الصين أدى التلوث الناتج من القطاع الصناعي إلى أضرار جسيمة في جودة الهواء والماء مما انعكس على صحة المواطنين بل وصل الأمر إلى وفاة أكثر من 200 ألف شخص سنوياًٍ بأسباب مرتبطه بالتلوث.
ويكلف التلوث الصين 3.8% من ناتج الدخل المحلي (تقرير البنك الدولي – الصين الكلفة البيئية للتلوث) وهذه نسبة كبيرة لثاني أكبر أقتصاد في العالم. نعلم أنه يمكن مقارنة الصين بالبحرين من حيث الحجم والاقتصاد والإنتاج الصناعي ولكن تم الاستدلال بالصين لأنها دولة تحاول أن تقود العالم اقتصادياً ولكن التلوث يقف عائقاً في طريقها.. ونحن في البحرين لنا رؤية اقتصادية 2030 ونسعى أن نقف بين كبار الدول في شتى المجالات ولذلك لا نريد أن يكون التلوث عائقاً نحو مسيرة نجاحنا وتنمية هذه المملكة.
وللحد من التلوث في إنتاجنا للطاقة، يمكننا اللجوء إلى الطاقة المتجددة للحد من التلوث البيئي، حيث إن الطاقة المتجددة ليست فقط استثماراً في جودة الهواء والماء، بل هي طريق يجعلنا في مصاف كبرى الدول في هذا المجال مثل فرنسا وألمانيا وأسبانيا وأمريكا وأستراليا.. ويعكس صورة عن البحرين باهتمامها في البيئة، حيث معظم دول الشرق الأوسط لا تركز على مجال الطاقة المستديمة والتلوث البيئي.. والله أنعم علينا بتضاريس المملكة حيث يمكن الاستفادة منها لإنتاج الطاقة المتجددة بشتى أنواعها.
الطاقة المتجددة لها أنواع شتى مثل: الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، طاقة حركة الأمواج والمد والجزر والطاقة البيولوجية، ويمكن استخدام هذه الطاقات في مجالات عده أهمها إنتاج الكهرباء وتحلية المياه وتشغيل المحركات الصناعية.. وللاستثمار في الطاقة البديلة سوف تحتاج الدولة قدراً من المال الذي قد يرهق عاتقها خصوصاًٍ مع العجز الذي تعاني منه ميزانية الدولة.. وهناك مصادر عدة قد تلجأ لها الدولة لتمويل استثمارها في الطاقة البديلة ومنها الاقتراض من المؤسسات المالية التابعة للبنك الدولي كما فعلت جمهورية تشيلي، هذا خيار ولكنه قد يزيد من الالتزامات المالية للدولة.. من وجهة نظري إذا كانت الدولة تريد الاستثمار في الطاقة البديلة فعلى المجلس الأعلى للبيئة فرض ضرائب تلوث على الشركات الصناعية والبترولية والبتروكيماوية والتي عوائدها تصل إلى ملايين الدنانير ولا ننكر أنها جزء كبير من اقتصاد الدولة، ولكن هذه الشركات تلعب دوراً كبيراً في تلوث البيئة لذلك من واجبها نحو المجتمع أن تشارك بجزء من أرباحها للحد من التلوث.
إن خلق قطاع جديد مثل الطاقة المتجددة سوف يخلق فرص عمل جديدة وقد يساعد في حل جزء من مشكلة البطالة.. كذلك الطاقة البديلة سوف تحد من المشاكل الصحية المتعلقة بالتلوث وبذلك سوف تقلل من مصروفات وزارة الصحة.. قطاع الطاقة المتجددة سوف يوفر للبحرين مقعداً فعالاً في المؤتمرات الدولية للبيئة وسوف يعكس مدى اهتمام الدولة لتنمية شتى القطاعات.. وجود مثل هذا القطاع في الدولة سوف يجعل المواطنين والمقيمين أكثر دراية بمشاكل التلوث البيئي.. ولذلك ندعو المجلس الأعلى للبيئة للنظر في الاستثمار في الطاقة المستديمة إما بفرض ضرائب على الشركات البترولية والبتروكيماوية وذلك في نظري الحل الأمثل من حيث تحصيل المال من دون مديونية أو من الاقتراض من البنك الدولي، حيث إن مؤسساته المالية تدعم الاستثمار في الطاقة البديلة والحد من التلوث البيئي. فنحن لا نريد أن يصل بنا التلوث كما وصل في الصين فذلك سوف يكبد الدولة الكثير من المصروفات التي مما لا شك فيها سوف تعيق مسيرة التنمية في البحرين.
محمد النعيمي