كتب - إبراهيم الزياني:
أقر مجلس الشورى تقليل مدة الحبس الانفرادي لمدة لا تزيد على أسبوع، ضمن مشروع قانون مؤسسات الإصلاح والتأهيل، وحدد مدة استخدام القيد الحديدي على النزلاء أو المحبوسين احتياطياً بما لا يزيد عن سبعة أيام.
ورفض في جلسته أمس، قرار النواب باستحداث مادة «47» في المشروع، تقضي بالسماح لجمعيات حقوق الإنسان المسجلة، بزيارة مراكز الإصلاح والتأهيل، للاطلاع على ظروفه ونزلائه، بعد أخذ إذن وزارة الداخلية، منهياً بذلك مناقشة المواد الأربعة التي أعادها للجنة في وقت سابق، لمزيدٍ من الدراسة.
وأخذت المادة «47» نصيب الأسد من الجلسة، ودار جدل طويل بين الأعضاء استمر لساعة كاملة حول أهمية المادة أو عدم الحاجة لوجودها، ورغم تمسك شوريين بالمادة، واستماتتهم بالدفاع عنها، إلا أن أغلبية المجلس وافقت على توصية لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بحذف المادة.
وأرجعت اللجنة رفضها، لكون الزيارة يجب أن تتم بموافقة الجهة المشرفة على مؤسسات الإصلاح والتأهيل، إذ أنها صاحبة التقدير والمصلحة العامة في ذلك، مشيرة الىى أن عديداً من الدول تركت أمر زيارة أي شخص أو جهة أخرى غير ذوي النزيل، إلى وزارة الداخلية كونها الجهة المشرفة على السجون.
اقتراح من جشمير
واقترح عبدالرحمن جمشير تعديل نص المادة بالتالي: «للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان زيارة مراكز الإصلاح والتأهيل ومراكز الحبس الاحتياطي للاطلاع على ظروفها وأحوال نزلائها، وعلى الجهة المعنية تسهيل ذلك. كما يجوز للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان الاستعانة بمؤسسات حقوق الإنسان المسجلة وفقًا لقانون الجمعيات الأهلية».
فيما قال عبدالعزيز أبل إن «وزارة الداخلية تسمح لجهات خارجية بزيارة مراكز التوقيف، ومن باب أولى، تمكين جهة وطنية بذلك، واقترحنا المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، تنسيقاً مع الوزارة المعنية، دون الإخلال بكافة الشروط والترتيبات التي يمكن الاتفاق عليها»، معتبراً حذف المادة «خلل سنضطر لتصحيحه لاحقاً»، داعياً للأخذ بمقترح جمشير، على أن تضاف عليه فقرة «بالتنسيق مع الجهة المختصة»، ودون الإخلال بإمكان مشاركة جمعيات المجتمع المدني.
وتمسك جمشير بمقترحه، وأضاف ان «المؤسسة الوطنية ليست جهة رسمية، إذ أنها طرف حيادي، والنص يخدم تعزيز حقوق الإنسان بالمملكة، ولنثبت للعالم ومن يشكك، أننا جادون في تحسين مستوى الحقوق، اتساقاً مع المهمة التي يؤكد عليها جلالة الملك في كل مناسبة».
من جهتها، أكدت ندى حفاظ، أن «المادة تعد تطوراً للأفضل، ووجودها في صالح الوطن، إذ ليس لدينا ما نخفيه في مراكز التأهيل، ولتأتِ مؤسستنا الوطنية لزيارتها»، وأضافت ان «مبدأ المراقبة لا يعني التشكيك، إذ إن من مبادئ الديمقراطية، أن تراقب جهات مستقلة الأخرى، ومنصوص على ذلك بالقانون»، ورأت أن «عدم وجود قوانين عربية بالنص نفسه لا يبرر حذف المادة، أنا أريد المملكة أن تكون أفضل من جميع الدول».
ورأى سيد حبيب مكي، أن «السماح للمؤسسة الوطنية بزيارة المراكز، يوجد نوعاً من الرقابة على منفذي الأحكام القضائية، لحماية حقوق النزلاء، وفرصة لتدوين ورصد أي تعدي على حقوقهم»، مردفاً «إذا أدركت السلطة التنفيذية وجود من يراقبها، يجعلها أكثر حرصاً ويحول دون أي انتهاك»، مشيراً إلى أن المراقبة «تتطلب حضور المؤسسة بين النزلاء، لتتعرف بقرب على أوضاعهم، ومعرفة الإجراءات التي تتبعها الجهات التنفيذية في حالات الانتهاكات».
ودعت النائب الأول لرئيس المجلس د. بهية الجشي، لتسجيل سابقة في حقوق الإنسان، بإقرار النص المقترح، وقالت «دائما ما أكدت المملكة على احترام حقوق الإنسان، وحذف المادة يعطي فراغاً في هذا المجال»، موضحة أن «المادة التي اقترحها النواب فيها جواز الزيارة، بينما مقترح جمشير يعطي الوجوب بالسماح للمؤسسة الوطنية، والمقترح الأخير أفضل، إلا أنه فيه ضعف، وإبدال كلمة «الاستعانة» بـ»بالتعاون» يعطي مزيداً من المصداقية للبحرين في مجال حقوق الإنسان»، إلا أنها عادت لتشدد على ضرورة «عدم ترك الموضوع مفتوح، عبر تحديد ضوابط للمسألة».
واختلف أحمد بهزاد مع رأي سابقيه، وقال «اتفق مع رأي حذف المادة، إذ لا يمكن أن يفتح السجون لكل من هب ودب، سواء كانت جمعيات محلية مسجلة أو أخرى، والقوانين العالمية لا تسمح للجمعيات بدخول السجون، وفي حال فتحت الإصلاحية لكل جمعية تريد أن الدخول، سيكون هناك نوع من الإرباك وعدم تحقيق الهدف من المركز».
لا نحتاج المادة
وعلق وزير شؤون المجلسين عبدالعزيز الفاضل، إن «قانون الإجراءات الجنائية أعطى الحق للمحكمة الكبرى والقضاة والنيابة العامة بتفتيش السجون في أي وقت. ونحن -الحكومة- لسنا ضد حقوق الإنسان أو الزيارات، ولو طلبت المؤسسة اليوم زيارة المراكز فالداخلية لن تترد، إذ يمكن أن ترتب تلك الأمور مع الجهات المختصة، وليس لدينا ما نخشاه. نحن نرى ترك الموضوع لوزارة الداخلية، وسمعتم بزيارة هيومن رايتس ووتش في بداية السنة»، معتبراً أنه «لا نحتاج أن نُضمن المادة بالمشروع، إذ أن جميع القوانين المقارنة لم تنص على ذلك».
واتفق ممثل وزارة الداخلية مع رأي الوزير، وقال «أغلب التشريعات العربية لم تدرج مثل هذا النص، والسماح بالزيارات مطبق فعلياً في الوزارة، ونؤيد توجه عدم ادراج النص في مشروع القانون».
وعقب عبدالعزيز أبل على مداخلة الفاضل، ان «الوزير يتحدث عن تفتيش، ونحن نتكلم عن الزيارة بالتنسيق حسب النص المقترح، اليوم الدولة تفكر بإعادة صياغة قانون المؤسسة الوطنية، وفقاً لمبادئ باريس، ليمر على السلطة التشريعية، وإذا لم يمنح المجلس المؤسسة صلاحية الزيارة، ستأتي في القانون، إذ أنها جزء من مبادئ باريس»، معتبراً أن «المملكة اليوم تغيرت، وبقى تغيير تفكير بعض الإخوان».
الزيارة غير التفتيش
من جانبه، بين الأمين العام للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، المستشار د.أحمد فرحان، أن «إجراءات الزيارة تختلف عن التفتيش، إذ أن في الحالة الأولى لا ينتظر من الجهة المعنية تعاون أنما إلزام، وعليها أن تسعل لا تمنع، أما الزيارة تتم بالتنسيق بين الجهتين».
وأضاف فرحان ان الأمر الملكي بإنشاء المؤسسة، استند على مبادئ باريس، والتي تعتبر دستور تعمل وفقه جميع مؤسسات حقوق الإنسان في العالم، ونصت المبادئ في بيان اختصاص المؤسسات الوطنية ببندها الرابع على «توجيه الحكومة إلى حالات انتهاك حقوق الإنسان في أي جزء من البلد وتقديم مقترحات إليها تتعلق بالمبادرات الرامية إلى وضع حدٍ لهذه الحالات»، ولا يمكن استبعاد مراكز الإصلاح والتأهيل من اعتبارها جزء من البلد التي من المحتمل وقوع حالات انتهاك فيها».
وقدر فرحان، الإشكالية التي قد تقع فيها وزارة الداخلية عند تنفيذ النص المقترح من النواب، والقاضي بفتح المجال لكافة المؤسسات العاملة في مجال حقوق الإنسان بزيارة السجون، مشيرا الى أنه في هذه الحال لن تنتهي الطلبات، إلا أنه عاد ليؤكد أن «حذف المادة يعد تراجعاً حقيقياً، إذ إن المؤسسة هيئة مستقلة، ليست لديها سياسة أو إيديولوجية معينة»، مشيراً إلى أن «السماح للمؤسسة بزيارة مراكز الإصلاح والتأهيل، تدعيم للمشروع الإصلاحي، مع التأكيد على أنها تتم بالتنسيق مع الوزارة المعنية».
وعبر رئيس المجلس علي الصالح، عن خشيته من دخول المؤسسة الوطنية، في نزاعات مع مؤسسات أخرى بسبب النص المقترح، خصوصا في جزئية جواز استعانتها بمؤسسات حقوق الإنسان المسجلة وفقاً لقانون الجمعيات الأهلية، وستأخذ دور الداخلية، مشيراً إلى أن «المرسوم الملكي بإنشاء المؤسسة، نص على تعاون الجهات، ولا أعتقد أن أحداً سيمنعها من الزيارة، وأن الأبواب مفتوحة لها دون نص»
وبعد ناقشات طويلة، وأخذ ورد بين الشوريين، اقترح أحد الأعضاء قفل باب التصويت، وصوت المجلس بالموافقة على الطلب، قبل أن يوافق المجلس على توصية اللجنة بحذف المادة.