عواصم - (وكالات): أكدت هيئة علماء المسلمين في العراق أن «ما يجري في العراق ثورة ضد حكم رئيس الوزراء نوري المالكي»، مشيرة إلى أن «تعميم مصطلح الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش»، على المشهد الأمني الذي يشهده العديد من المدن العراقية، عملية يراد منها إجهاض الثورة»، فيما أشارت جهات عراقية إلى «وجود فصائل تقاتل القوات الحكومية بينهم ثوار العشائر، وتنظيم «الطريقة النقشبندية»، وقيادات بعثية من الجيش السابق، إضافة لمسلحين تابعين لـ «داعش»».
في غضون ذلك، اعلن المالكي انطلاق عملية «تطهير» المدن التي يسيطر عليها مقاتلو «داعش» منذ 5 أيام، لافتاً إلى أن «القوات العراقية لا تزال متماسكة، فيما أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه «لن يرسل قوات برية إلى العراق» لوقف هجوم المتشددين، لكنه «سيبحث خيارات مختلفة أخرى في الأيام المقبلة»، مضيفاً أنه «طلب من فريق مستشاريه للأمن القومي إعداد مجموعة من الخيارات لدعم قوات الأمن العراقية».
كما شدد في الوقت نفسه على أنه «بدون جهود سياسية سيكون الفشل مصير أي عمل عسكري»، بينما دعا وزير خارجيته جون كيري القادة العراقيين إلى الوحدة.
وفي وقت لاحق، كشفت مصادر أمريكية أن وزارة الدفاع “البنتاغون” أمرت بنشر حاملة الطائرات “جورج بوش” في مياه الخليج، بالقرب من السواحل الجنوبية للعراق، تحسباً لعمليات عسكرية محتملة الهدف منها مساعدة الحكومة العراقية. كما قالت الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة لا تتباحث مع إيران بشأن الأزمة في العراق. في شأن متصل، دعت المرجعية الشيعية العراقيين لحمل السلاح ومقاتلة المسلحين الجهاديين بهدف وقف زحفهم المتواصل نحو بغداد، حيث أعلنت السلطات «خطة أمنية جديدة تهدف إلى حماية العاصمة من أي هجوم محتمل». في موازاة ذلك، أكد مسؤول رفيع في الحكومة العراقية أن «إيران نشرت بالفعل 3 وحدات عسكرية من قوات الحرس الثوري في عدة مناطق بالعراق»، في الوقت الذي جددت طهران نفي أنباء عن دخول قوات عسكرية إيرانية إلى العراق. وفي طهران، كرر الرئيس الإيراني حسن روحاني دعمه السلطات العراقية في محاربة «الإرهاب» في اتصال هاتفي بحليفه رئيس الوزراء العراقي، مؤكداً أن إيران «لن تسمح لداعمي الإرهاب بزعزعة استقرار العراق ونشر الإرهاب فيه». ونصحت وزارة الخارجية التركية رعاياها بمغادرة مناطق العراق المهددة مباشرة بالمعارك، في وقت اكدت انقرة انها ستفعل ما في وسعها لتحرير القنصل التركي المخطوف في الموصل مع مساعديه.
من جهة ثانية، قال نائب رئيس الوزراء التركي بولند ارينج أن تركيا تلقت تحذيرات من احتمال وقوع هجوم على قنصليتها في الموصل، حيث يحتجز مقاتلون جهاديون 49 من رعاياها رهائن منذ الأربعاء الماضي.
وفي الشأن ذاته، احتجز المقاتلون الجهاديون الذين دخلوا الموصل ثاني مدينة في العراق، 31 سائق شاحنة تركية أيضاً. من جانبها، أكدت هيئة علماء المسلمين في العراق، أن «المتظاهرين العراقيين هم أصل الثورة ومادتها الرئيسية وحاضنتها». ووصفت الهيئة الدعوة التي أطلقها المتحدث باسم «داعش» بالذهاب إلى كربلاء والنجف «بالأمر المرفوض وغير المسؤول». واعتبرت الهيئة في بيانها أن ما تحقق على الأرض «نصر سيغيظ كثيرين داخل العراق وخارجه، من أصحاب المشاريع التي أضرت بالعراق على مدى السنوات الماضية». وأضافت أن «الخطوات اللازم خطوها لإنجاح الثورة تكمن في كسب الحاضنة الشعبية».
من جهته، قال الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجع الشيعي آية الله السيد علي السيستاني في خطبة الجمعة في كربلاء «على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم التطوع والانخراط بالقوات الأمنية لتحقيق هذا الغرض المقدس». ويخوض الجيش العراقي اشتباكات مع المسلحين الذين يحاولون السيطرة على قضاء المقدادية بعدما مروا في ناحيتي السعدية وجلولاء القريبتين، في طريقهم إلى مدينة بعقوبة شمال شرق بغداد مركز محافظة ديالى، وفقاً لمصادر أمنية وعسكرية.
وفي بعقوبة، قال شهود عيان إن القوات الأمنية والعسكرية أجرت عملية انتشار كثيف في أنحاء متفرقة من المدينة التي تسكنها غالبية من السنة تحسباً لاحتمال وصول المسلحين إليها. ولم تؤكد المصادر الأمنية والعسكرية الجهة التي ينتمي إليها المسلحون في ديالى، لكن تنظيم «داعش» أقوى التنظيمات الجهادية المسلحة في العراق وسوريا أعلن على حسابه الخاص بمحافظة ديالى على موقع تويتر عن اشتباكات يخوضها في المقدادية.
وبدخولهم إلى محافظة ديالى الواقعة على الحدود مع إيران والمحاذية لبغداد أيضاً، أضاف المسلحون محوراً ثالثاً في مسار زحفهم نحو العاصمة حيث باتوا يتقدمون من محافظة صلاح الدين شمال بغداد فيما تستمر سيطرتهم على مدينة الفلوجة غرب العاصمة التي شهدت مقتل وإصابة عشرات الجنود في هجمات أمس.
وتسود أجواء من التوتر والترقب بغداد منذ بدء الهجوم المباغت للمسلحين الثلاثاء الماضي، حين نجحوا في السيطرة على محافظة نينوى الشمالية. وفي هذا السياق، وضعت السلطات العراقية خطة أمنية جديدة تهدف إلى حماية بغداد من أي هجوم محتمل، بحسب ما أفاد المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن.
في موازاة ذلك أمرت وزارة الاتصالات العراقية الشركات التي توفر خدمة الإنترنت في البلاد بحجب مواقع وتطبيقات للتواصل الاجتماعي بينها «فيسبوك» و»تويتر» و»واتس اب». وفي محافظة صلاح الدين حيث يسيطر المسلحون على مدينة تكريت شمال بغداد، مركز المحافظة ومعقل الرئيس السابق صدام حسين، قال شهود عيان إن المقاتلين الجهاديين أرسلوا تعزيزات كبيرة إلى محيط مدينة سامراء شمال بغداد. وقام رئيس الوزراء العراقي بزيارة إلى مدينة سامراء، حيث عقد اجتماعات أمنية، قبل أن يعلن في بيان عن انطلاق عملية «تطهير» المدن التي يسيطر عليها المسلحون، مؤكداً أن القوات العراقية لا تزال متماسكة. في موازاة ذلك، قال مسؤول أمني عراقي، إن 3 وحدات من «فيلق القدس»، التابع للحرس الثوري الإيراني، تتمركز في الوقت الراهن في محافظة «ديالى»، مشيراً إلى أن هذه الوحدات تضم نحو 500 مقاتل. إلى ذلك، رأى وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أن تراجع الجيش أمام مجموعات من المسلحين شمال العراق يشبه الانهيار الذي حدث في صفوف القوات العراقية إبان اجتياح العام 2003، بحسب ما جاء في تصريحات صحافية.
وعن الجهات التي ينتمي إليها المسلحون، قال زيباري في المقابلة مع صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية إن تنظيم «الدولة الاسلامية» قام «بالتنسيق مع تنظيم الطريقة النقشبندية وبعض الفصائل المتشددة وقيادات بعثية من الجيش السابق». من جهة أخرى، عبرت رئيسة مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي عن قلقها الكبير من المعلومات التي تتحدث عن إعدامات تعسفية وخارج إطار القضاء في العراق. وقال روبرت كولفيل الناطق باسم بيلاي للصحافيين إن الأمم المتحدة تلقت معلومات تفيد أن «جنوداً عراقيين أعدموا بلا محاكمة خلال الاستيلاء على الموصل وكذلك 17 مدنياً يعملون لدى الشرطة في أحد شوارع المدينة». وقال الناطق باسم بيلاي إنه لا يملك حصيلة دقيقة للضحايا في العراق لكن التقديرات الأخيرة تفيد عن سقوط مئات القتلى وحوالى ألف جريح.
وأعلنت منظمة الهجرة الدولية أن 40 ألف شخص نزحوا من المعارك في تكريت وسامراء متوقعة «أزمة إنسانية مطولة» في العراق، علماً أن نحو 500 ألف شخص نزحوا من الموصل بحسب المصدر نفسه.
من جهتها، دعت الحكومة الألمانية المسؤولين السياسيين في العراق إلى «الإسراع» بتشكيل حكومة وحدة وطنية لمواجهة تقدم الجهاديين المسلحين الذين باتوا يهددون بغداد بعد أن سيطروا على عدة محافظات.
من جهته، حمل رئيس المخابرات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل حكومة المالكي مسؤولية سقوط مساحات واسعة من الأراضي شمال العراق بيد المتشددين، وقال إن بغداد أخفقت في وقف ضم صفوف المتشددين والبعثيين من عهد صدام حسين. اقتصادياً، استبعدت وكالة الطاقة الدولية أن يؤثر تصاعد العنف في العراق حالياً على الإنتاج النفطي للبلاد، وإن كانت المخاوف من ذلك تؤدي إلى ارتفاع أسعار الذهب الأسود مدعومة بالتوقعات ببلوغ الطلب العالمي مستوى قياسياً.