كتبت - مروة العسيري:
أقرت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس النواب مشروع قانون بشأن تعديل جدول الدرجات والرواتب، وذلك برفع رواتب الوظائف العمومية والتخصصية والتنفيذية والتعليمية بنسبة 20%، في ظل تحفظ الحكومة على تحميل الميزانية أعباء مالية تقدر بـ95 مليون دينار إضافية، متضمنة حصة اشتراكات الحكومة في التقاعد والتأمين ضد التعطل.
وقالت الحكومة إن القانون يتطلب تكلفة مالية باهظة تستلزم إدخال تعديلات جوهرية على الميزانية العامة للدولة للسنتين الماليتين 2013 و2014، والتي تم اعتمادها بموجب القانون رقم (17) لسنة 2013، مما يستوجب الحصول بشأنها على موافقة الحكومة ابتداء عملاً بنص المادة (109) من الدستور، مشيرة إلى اعتمادها في تفسيرها على ما أوضحته هيئة التشريع والإفتاء القانوني في رأيها القانوني حول مدى جواز إجراء أي تعديل على ميزانية الدولة يتضمن عبئاً مالياً جديداً بدون الاتفاق مع الحكومة، .
وأضافت الحكومة: نظراً لوجود عجز في الميزانية العامة للدولة ولعدم توفير الاعتماد المالي اللازم لتنفيذ أحكام هذا المشروع بقانون المشار إليه، فإن الحكومة يتعذر عليها الموافقة عليه، حيث إن الكلفة المالية اللازمة لمشروع القانون كبيرة وتقدر بنحو 95 مليون دينار متضمنة حصة اشتراكات الحكومة في التقاعد والتأمين ضد التعطل، ولا تشمل هذه التكاليف موظفي الخدمة المدنية بنظام العمل الجزئي والموظفين في الجهات الحكومية المستقلة وكذلك الموظفون المدنيون في الجهات العسكرية.
وأوضحت الحكومة أن تضمين مثل هذه الالتزامات التي لها طابع الاستمرارية بصورة سنوية، سيترتب عليه حتماً زيادة العجز السنوي نتيجة هذه الأعباء المالية، وهو ما سيؤثر سلباً على حجم الاستثمارات، الأمر الذي يتطلب معه والحال كذلك تجنب إضافة أي أعباء مالية على الموازنة العامة للدولة يكون من شأنها المساهمة في اتساع دائرة العجز وما يتبع ذلك من انخفاض في معدلات النمو، واستنفاذ المدخرات المطلوبة للأجيال المقبلة، في ظل ارتفاع الدين الحكومي إلى ما يفوق 40% من الناتج المحلي الإجمالي.
وبينت الحكومة أن الأداة القانونية اللازمة لإصدار جداول الرواتب وتعديلها يكون بقرار من السلطة التنفيذية لجميع موظفي الدولة، ولا شك في أن تغيير هذه الأداة بجعلها بقانون، من شأنه إسباغ صعوبة في تغيير هذه الجداول لمواجهة الظروف الطارئة.
ولفتت الحكومة الى عدم وضوح معايير زيادة الرواتب بنسبة 20% بالمشروع، حيث لم يوضح الأسس والمعايير التي تم الاستناد إليها لتحديد النسبة، والمتعارف عليه أنه يتم القياس حسب المعايير الدولية لقياس التضخم وتكاليف المعيشة.
وأكدت الحكومة تأثير منح الزيادة في الرواتب على المراكز المالية لصناديق الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي المختلفة، لافتة إلى أن تحديد اشتراكات التقاعد وقواعد احتساب المعاش تتم وفق الدراسات الاكتوارية، ومن ثم فإن مجرد الرغبة في تحسين الأوضاع المعيشية للموظفين بتعديل جدول الدرجات والرواتب من دون هذه الدراسة فإنها تأثر على قدرة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي في الوفاء بالتزاماتها المستقبلية ومركزها المالي، حيث خلا اقتراح النواب من الإشارة إلى هذه الدراسة اللازمة.
وأوصت مالية النواب برفع رواتب الوظائف العمومية والتخصصية والتنفيذية والتعليمية بنسبة قدرها 20% من الراتب الأساسي، معترضة على ملاحظات الحكومة بشأن ضرورة الحصول على موافقتها على أي مشروع قانون يترتب عليه أعباء مالية، مشيرة إلى أن ذلك يخالف تماماً إرادة المشرع الدستوري الذي أعطى المجال للسلطة التشريعية أن تعدل قانون الميزانية بعد صدوره دون أن تتقيد بموافقة الحكومة.
وقالت اللجنة إن الحكومة استندت إلى تفسير غريب للمادة (109) من الدستور يعيد القانون إلى المربع الأول قبل العام 2012، مشيرة إلى أن الحكومة أغفلت في مذكرتها أن المادة (109/ب) من الدستور كانت تنص قبل تعديلها العام 2012 على أنه «... يجوز إدخال أي تعديل على الميزانية بالاتفاق مع الحكومة»، وحيث إن الحكومة كانت تتمسك بهذه المادة للقول إن أي مشروع بقانون يتضمن أعباء مالية هو بمثابة تعديل على الميزانية وبالتالي يتطلب موافقة الحكومة، بل أن هذه التعديلات كانت من نتائج حوار التوافق الوطني جاءت لزيادة صلاحيات السلطة التشريعية، وعليه فإن هذا التعديل الدستوري حدد القيد على التعديل واشترط موافقة الحكومة على «مشروع قانون الميزانية» فقط، كذلك فإن المادة (110) من الدستور قد نصت صراحة على أن « كل مصروف غير وارد في الميزانية أو زائد على التقديرات الواردة فيها، يجب أن يكون بقانون.
واستندت اللجنة لموافقتها على ما فسره المشرع الدستوري الذي توقع أن تكون هنالك مصروفات جديدة لا ترد في الميزانية أو زائدة على التقديرات الواردة منها، واشترط أن تصدر هذه المصروفات بقانون ولم يشترط الدستور موافقة الحكومة على هذه المصروفات الجديدة، كما هو الحال مع مشروع قانون الميزانية.
ورفضت اللجنة تفسيرات الحكومة في مذكرتها الإيضاحية بشأن المشروع، مؤكدة أن تفسيراتها لا تتفق مع إرادة المشرع الدستوري للحد من سلطة البرلمان في إصدار التشريع، كما أنه لا يجوز الاحتجاج بأن تنظيم قانون الخدمة المدنية لموضوع جداول الدرجات يغل يد السلطة التشريعية في التدخل كلما أرادت ذلك، بوصفها السلطة التي تملك الحق في تعديل قانون نافذ.
يذكر أن الحكومة أجرت زيادة على رواتب الموظفين اعتباراً من 1 أغسطس 2011، بنسبة تبلغ نحو 15% لجميع الموظفين في الخدمة المدنية والجهات العسكرية، إضافة إلى استحداث علاوة ثابتة وهي «علاوة تحسين المستوى المعيشي» ومنحها في أغسطس 2011، لجميع الموظفين وذلك بواقع (50 - 60) ديناراً شهرياً باستثناء شاغلي الوظائف العليا ومن في مستواهم، حيث وصلت نسبة الزيادة الكلية على الراتب في الخدمة المدنية في حدها الأعلى إلى 36% تقريباً للدرجات الدنيا، في حين وصل المتوسط العام لنسبة الزيادة في الرواتب (الراتب الأساسي والعلاوة الجديدة) إلى 25% في الخدمة المدنية، وبلغت التكلفة الإضافية السنوية لهذه الزيادة نحو 200 مليون دينار.