كتبت - عايدة البلوشي:
تجارب غريبة تضمها دفاتر المدمنين على التدخين، بعضها جاء بدافع الرغبة في ممارسة شيء جديد، وبعضها وراءها أسباب أخرى، لكنها جميعاً تحولت إلى عادة تحكمت بصاحبها، بدأت من سن السادسة عشرة وأقل.
يذكر «م. ع» وهو طالب بالمرحلة الثانوية، أنه بدأ بالتدخين في الصف الثالث إعدادي، «في بادئ الأمر كنت أدخن في المدرسة فقط، خوفاً من أن الأسرة تكشف الأمر وبالتالي أدخل في تحقيق أسري مطول،، ليش تدخن؟ مع من تمشي، وتدريجياً بدأت أدخن في الفترة المسائية مع الأصدقاء».
هذه العادة أدخلت «م.ع» في مشاكل كثيرة، «تارة والدي يشك بأنني أدخن وتارة تطلق حملة تفتيش في المدرسة وأتوتر ..أين أخفي السيجارة، حيث أننا في الحقيقة كنا ندخن في الحمام أثناء الفرصة المدرسية، وأيضاً أحياناً أحرم نفسي من أشياء أرغب فيها لأضع نقودي وأجمعها لشراء السيجارة، ولا أخفي عليكم شجار والدي ووالدتي بسببي حيث إنه أحياناً كثيرة تشم الوالدة رائحة السيجارة وتقول لوالدي لماذا لا تنصحه ؟! والوالد في حقيقة الأمر يتنرفز ويعصب لأنه بين أمرين صعبين الأول عدم اعتراف ابنه بأنه يدخن وبين والدتي التي تطالبه بنصحي».
حشر مع الناس
أما «س.م» فأدمن من باب الملل، «بدأت أدخن وأنا بالصف الأول الثانوي، ولا يوجد سبب معين للتدخين، بل هو حشر مع الناس عيد وعن الملل، لذلك أصبحت مدخناً، وفي الحقيقة بعد مرور سنة من سلكي هذا المسلك ندمت كثيراً لأنه طريق للفساد والدمار وقمة الاستهتار علاوة على انه يؤذي صحة الإنسان».
ويذكر أنه ومنذ الأسبوع الأول بدأت التحقيقات في المنزل، «لقد كونت والدتي فريقاً لمراقبتي مكوناً من أمي وأخواتي وأخي الأكبر مني، صاروا جميعاً يشكون فيّ ويسألونني في الطلعة والدخلة وين كنت وين بتروح؟! حتى أصبحت حياتي لا تطاق ودخلت شجار شبه دائم مع أخي لأنه أحياناً يحاول التدخل في خصوصياتي، فهو يدخل غرفتي ويفتش أغراضي، ظناً منه أنني لا أعلم أي أني مغفل، وهو ما جعل علاقتي في أخي متوترة».
والأمر لا يختلف كثيراً عن « خ. ل» الذي يبلغ من العمر 19 ربيعاً، لكنه أدمن بفعل أصدقاء السوء، «بدأت أدخن مع الأصدقاء في الفريج بدافع الملل والتغير وربما يكون السبب الأول والأخير الرغبة في التجربة، خصوصاً وأن آباءنا جميعاً يدخنون، بالتالي رغبنا بالتجربة فقط لا أكثر ولكن هذه التجربة تحولت إلى عادة ولأننا لسنا صغاراَ بل نحن كبار يمكننا نفعل ما نشاء ونعلم تماماً ما نفعل والمضحك في الموضوع أن أمهات كل واحد فينا كن يقلن لا تجالس فلاناً لأنه سيئ لأنه يدخن! ولا نعلم من السيء فينا فجميعنا ندخن»؟!.
غير أن «ف. ا» يؤكد أن التدخين لم يعد أمراً مخجلاً، «حتى البنات يدخن، و«يهال» يدخنون، تعبنا بصراحة من الوعظ والنصح من موضوع التدخين ونعلم جميعنا بأن التدخين خطأ ومضر ولكننا تعودنا على هذا الأمر ومعظم الشباب يدخنون».
ويشير إلى حقيقة أخرى تدفعه شخصياً للتدخين، «أنا عاطل عن العمل وعلبة السيجارة يصل سعرها اليوم إلى دينار ولا أستطيع توفيرها لي بشكل يومي، خصوصاً وأني شاب أحتاج الخروج مع الأصدقاء إلى السينما والمجمعات وغيرها، بالتالي مسألة النقود تشكل عائقاً أمام تدخين الشباب، هذا عدا عن أني أخاف أن يعلم أبي بالأمر، وأبي لا مكان عنده للغلط».
قلق الأمهات
على الطرف الآخر، تبدو الأمهات في وضع صعب، فهن لا يستطعن كبح جماح أولادهن، وتقول أم سلمان: «يبلغ ولدي من العمر 19 سنة ولاحظت به آثار التدخين من رائحة كريهة وبدأت أشك وعندما سألته «نفى» وفي إحدى المرات وجدت في جيبه علبة سيجارة، وعندما واجهته كعادته قال «مال رفيجي»، وفي المرة الثالثة قال « مال رفيجي»، طلبت منه أن لا يجالس أصدقاء السوء ممن يدخنون، لكن رده كان جافاً جداً حيث قال «واه .. بعد حتى ربعي تحدّدونهم ..». كانت تلك المرة الأولى التي تجد فيها أم سلمان، ولدها يتحدث معها بهذه الطريقة، «تحدثت والده عدة مرات لكنه لا يعترف بتدخينه ويتحجج بأنه (مال رفيجي)، إلى الدرجة أنني قلقة جداً على هذا الموضوع ووصل الأمر بنا أنا ووالده بأننا نتشاجر لهذا الموضوع في اليوم عدة مرات، لأننا لا نستطيع فعل أي شيء بالتالي نقف مكتوفي الأيدي جراء تدخين الولد. وما زاد من همي أنني استشرت مختصاً ليؤكد لي أن العلاج يبدأ باعترافه التدخين ولأن تكون إرادته مع تركه».