كتب - عمر البلوشي:
عرف المنتخب الإيطالي العريق بمدى قوته وصلابته الدفاعية منذ القرن الماضي وذلك لما تميز به من إحكام دقيق ومقلق للمناطق الخلفية وإنجاب إيطاليا لعدد كبير من المدافعين الذين نقشوا أسمائهم بحروف من ذهب في سجلات كرة القدم العالمية، حيث تعتبر المدرسة الإيطالية من أقوى المدارس الدفاعية حول العالم بشهادة الجميع.
وقد عرفت الكرة الإيطالية عدد كبير من المدافعين الصلبين أمثال فرانكو باريسي، ماركو جنتيلي، غيتانو شيريا، باولو مالديني، فابيو كانافارو، أليساندرو نيستا ومؤخراً بروز جورجيو كيليني في الساحة الإيطالية والعالمية.
ودائماً ما تتحدث جماهير كرة القدم العالمية عن المنتخب الإيطالي وطريقة لعبه التي تكون دفاعية بحتة حسب وصفهم، إلا أن هذه الجماهير باتت غير مطلعة على الإطلاق بمدى القوة الهجومية والاندفاع الأمامي الكبير للآتزوري في مختلف المشاركات القارية والعالمية، حيث ضمن إيطاليا منذ ثمانيات القرن الماضي نخبة من المهاجمين العالميين أمثال باولـــــو روســـي، جيانلـوكا فيالـــي، روبيرتـو باجيــــو، كريستيان فيري، أليسانـدرو ديــــل بييـــرو، فيليبـــــو إنزاغــــي حولــــوا المنتخب الإيطالي مـن قــوة دفاعيـة إلــى قوة هجومية ضاربـــة تألقــــت كثيراً.
وقد حول كل من المدربين جيوفاني تراباتوني، مارتشيلو ليبي، شيزاري برانديلي منتخب إيطاليا إلى منتخب هجومي قادر على مقارعة الكبار منذ الدخول في الألفية الجديد، إلا أن تراباتوني لم يكن موفقاً على الإطلاق في قيادة منتخب بلاده في كأس العالم 2002 بكوريا الجنوبية واليابان على الرغم من امتلاكه كتيبة هجومية خارقة ضمت نخبة من المهاجمين الإيطاليين أمثال ديل بييرو، فييري وإنزاغي وذلك نظراً للظلم التحكيمي الذي تعرض له المنتخب في المونديال الآسيوي والذي اعتبر فضيحة كبيرة هزت أركان الكرة العالمية وخاصة في مواجهات الآتزوري أمام كل من كرواتيا في دور المجموعة وكوريا الجنوبية في دور الـ 16.
وبعدها عملت إيطاليا جاهدة من أجل المحافظة على هذه القوة الهجومية لكنها فشلت في تخطي دور المجموعات بكأس الأمم الأوروبية 2004 في سويسرا والنمسا، إلا أن المنتخب تحت قيادة المدرب القدير مارتشيلو ليبي تمكن من العودة للمنافسة وفرض نفسه بقوة دفاعياً وهجومياً ليحرز الفريق كأس العالم 2006 بألمانيا وسط نجاح كبير للطليان.
ولم يواصل ليبي مع المنتخب الإيطالي حتى قاده المدرب شيزاري برانديلي في السنوات الأخيرة خلفاً للمدرب روبيرتو دونادوني الذي فشل مع إيطاليا بعد استلامه المهمة من ليبي.
ونجح برانديلي في قيادة الطليان إلى التألق وسط قوة هجومية وتألق في وسط الملعب مما أظهر المنتخب الإيطالي بصورة مغايرة عما متعارف عليه في تركيزه على الدفاع فقط، حيث قاد المدرب الآتزوري للوصول إلى نهائي يورو 2012 الذي خسره المنتخب في المباراة النهائية أمام أسبانيا.
ومع هذه التحولات التي شهدتها الكرة الإيطالية في السنوات العشرين الأخيرة إلا أن عقدة الدفاع مازالت مرتبطة في المنتخب الأزرق أو كما يحلو للطليان تسميته الآتزوري.
ويستغرب عدد كبير من عشاق كرة القدم الإيطالية مدى التهميش الذي يتعرض له الطليان على مستوى البطولات القارية والعالمية وخاصة أن إيطاليا تعتبر من أبرز المنتخبات التي صنعت تاريخ المجد الكروي مع كل من البرازيل وألمانيا والأرجنتين، لكن يبدو أن العدائية التي تكنها بعض الجهات الكروية لإيطاليا تقف دائماً في وجوه المنتخب صاحب الأربع ألقاب لكأس العالم وأحد من صنع تاريخ الكرة العالمية بإنجابه لمدافعين ولاعبين بروزا على الساحة الكروية.
الجدير بالذكر أن المنتخب الإيطالي يلعب مونديال 2014 في البرازيل وسط توقعات بعدم منافسة الآتزوري على اللقب العالمي وذلك وسط الإمكانات التي يضمها الفريق والأسماء الجديدة التي دعم بها شيزاري برانديلي صفوف أبطال العالم أربع مرات، على الرغم من حديث أندريا بيرلو بأن إيطاليا ستشهد نزعة هجومية في هذا المونديال.