عواصم - (وكالات): طالب شيخ عشائر الدليم، الشيخ علي الحاتم، الكتل السياسية في العراق «بإقالة رئيس الحكومة نوري المالكي فوراً، وتشكيل حكومة انتقالية لإنقاذ ما تبقى من العراق»، مؤكداً أن «المالكي يريد إلباس ثورة السنة ثوب الإرهاب». وقال الحاتم في كلمة مصورة على الإنترنت «ثورتنا قامت منذ اليوم الأول على أساس استرداد الحقوق لا الانتقام، ونحذر كل مندس»، مضيفاً أن «الكل ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»، وضد الميليشيات الحكومية». في سياق متصل، ندد «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» بدعوة المرجعية الشيعية لحمل السلاح، واصفاً ما يحدث بالعراق بأنه «ثورة عارمة للسنة» جاءت «نتيجة لسياسات الظلم والإقصاء لشعب أراد الحرية ورفض الذل». ميدانياً، بدأت القوات العراقية تجاوز صدمة فقدان السيطرة على مناطق واسعة شمال البلاد حيث تمكنت من استعادة 3 نواح في محافظة صلاح الدين ونجحت في صد زحف المسلحين في ديالى المجاورة. وفيما تواصل تدفق آلاف المتطوعين لحمل السلاح تلبية لنداء المرجعية الشيعية، أعلن المالكي أن الحكومة منحته «صلاحيات غير محدودة». ودخلت إيران حليفة المالكي، مجدداً على خط النزاع العراقي، وأكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن طهران لا تستبعد تعاوناً مع الولايات المتحدة - التي تعتبرها الشيطان الأكبر - إذا قررت واشنطن التدخل ضد الجهاديين في العراق. وقال روحاني في مؤتمر صحافي «إذا رأينا أن الولايات المتحدة تتحرك ضد المجموعات الإرهابية، فعندئذ يمكننا التفكير»، مشدداً في الوقت ذاته على أن «تدخل القوات الإيرانية لم يناقش» مع حكومة المالكي.
وجاء ذلك بعدما أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه لن يرسل قوات برية إلى العراق لوقف هجوم «المتطرفين» لكنه سيبحث خيارات مختلفة أخرى «في الأيام المقبلة».
من جانبه، وصف «الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين» ما يحدث بالعراق بأنه «ثورة عارمة للسنة» جاءت «نتيجة لسياسات الظلم والإقصاء لشعب أراد الحرية ورفض عيشة الذل والتحكم في مصيره وقوته ومستقبل أبنائه».
وانتقد الاتحاد، بشدة «الفتاوى الطائفية التي تدعو إلى قتال العراقيين بعضهم البعض» والتي «تدعو إلى النفير العام للإخوة الشيعة في الجنوب وغيره» معتبراً أنها ستقود إلى «حرب طائفية لا تبقي ولا تذر وتؤدي إلى قطع وصال النسيج الاجتماعي والقبلي داخل العراق». ودعا اتحاد العراقيين إلى «حقن الدماء ، وإلى الوحدة والمصالحة الشاملة» وإلى تشكيل «حكومة وحدة وطنية تنهض بالبلد، وتقوم على حل جميع مشاكله».
وألقى الاتحاد بالمسؤولية على حكومة المالكي «التي فشلت في تحقيق أي استقرار أمني أو معيشي عام أو أن تحدث أي حالة وفاق وطني بين أبناء الشعب، بل أساءت استخدام القوة العسكرية حتى وصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن». وشدد على أن «هذه الثورة ليست ضد الشيعة أبداً، وإنما هي لأجل استرداد حقوق السنة المشروعة». وفي وقت لاحق، سارع مكتب السيستاني إلى لجم الانتقاد السياسي والشعبي بعد الدعوة التي أطلقها ممثله للقتال في العراق. وأوضح أن هناك نقاطاً تخص الدفاع الكفائي، مؤكداً أن التطوع للدفاع عن البلد والمقدسات في مواجهة الإرهابيين إنما يكون عبر الآليات الرسمية وبالتنسيق مع السلطات الحكومية. وأضاف أن الدفاع وظيفة القادر على حمل السلاح والمدرب على ذلك.
وفي التفاصيل الميدانية، قال قائد عمليات سامراء شمال بغداد الفريق الركن صباح الفتلاوي إن «القوات العراقية استعادت السيطرة على ناحية الاسحاقي إلى الجنوب من سامراء. وأكد ضابط برتبة عقيد في شرطة صلاح الدين سيطرة القوات العراقية على الناحية، مشيراً إلى أن «القوات العراقية سيطرت أيضاً على الطريق الرئيس بين بغداد وسامراء»، بينما أعلن ضابط برتبة مقدم العثور في الاسحاقي على 12 جثة محترقة تعود لعناصر في الشرطة.
وفي وقت لاحق، أعلنت مصادر أمنية أن القوات العراقية تمكنت من استعادة السيطرة أيضاً على ناحية المعتصم التي تقع في المنطقة الجغرافية ذاتها. وجاءت استعادة السيطرة على هاتين الناحيتين بعد ساعات قليلة من قيام عناصر من الشرطة المحلية بمساعدة السكان بطرد مسلحي «داعش» ومقاتلي العشائر المناهضين للحكومة الذين يسيطرون مع جماعات مسلحة أخرى منذ مساء الاثنين الماضي على مناطق واسعة من شمال البلاد، من ناحية الضلوعية القريبة.
كما أعلن ضابط برتبة عقيد في الجيش في سامراء أن القوات العراقية في المدينة «تستعد للتحرك باتجاه تكريت» شمال بغداد وقضاءي الدور الواقع بين تكريت وسامراء، وبيجي شمال تكريت.
ويسيطر مسلحون مناهضون للمالكي وتنظيمات أخرى إضافة إلى عناصر من حزب البعث المنحل على مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين منذ الأربعاء الماضي، كما يفرضون سيطرتهم على مناطق أخرى في المحافظة الواقعة شمال بغداد.
وقتل أمس 9 من قوات الأمن وأصيب 21 في هجوم على موكب لرئيس هيئة النزاهة علاء جواد قرب سامراء، كما قتل 8 من أفراد حماية نائب رئيس الوقف الشيعي الشيخ سامي المسعودي في هجوم مماثل بمنطقة قريبة. ويحاول المسلحون منذ بدء هجومهم الكبير في العراق والذي تمكنوا خلاله من السيطرة على مناطق واسعة من شمال العراق بينها محافظة نينوى، اقتحام مدينة سامراء التي تسكنها غالبية سنية وتحوي مرقداً شيعياً أدى تفجيره عام 2006 إلى حرب طائفية امتدت لعامين وقتل فيها الآلاف.
وفي محافظة ديالى، قال ضابط برتبة عقيد في الشرطة إن «قوات الجيش العراقي تسيطر بشكل كامل على ناحية المقدادية» شمال شرق بعقوبة شمال شرق بغداد، بعدما تمكنت من صد هجمات المسلحين التي تواصلت ليومين. ولايزال المسلحون يتواجدون في بعض مناطق المحافظة الواقعة شمال شرق بغداد، بينها أحياء في ناحية السعدية المتنازع عليها بين العرب والأكراد وأحياء في جلولاء المجاورة على بعد 150 كلم من بغداد.
في هذا الوقت لاتزال بغداد تشهد توتراً وتعيش حالة من الصدمة جراء الانهيار العسكري المفاجئ في شمال البلاد، وسط مخاوف من إمكان بلوغ المسلحين العاصمة، ما دفع إلى بروز بعض المظاهر المسلحة العلنية في بعض مناطقها. وأعلن المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد العميد سعد معن في مؤتمر صحافي أن «قيادة عمليات بغداد تقوم بعمليات تعرضية استباقية بإسناد من كل قدرات وزارة الداخلية».
في غضون ذلك، أمرت الولايات المتحدة بإرسال حاملة الطائرات «يو اس اس جورج بوش» إلى الخليج بسبب الأزمة في العراق كما أعلنت وزارة الدفاع. وقال الناطق باسم البنتاغون جون كيربي إن الأمر الذي أصدره وزير الدفاع تشاك هيغل «سيعطي القائد الأعلى مرونة أكبر في حال تطلب الأمر شن عملية عسكرية أمريكية لحماية أرواح أمريكيين ومواطنين ومصالحنا في العراق».
وتواكب حاملة الطائرات «يو اس اس جورج بوش» سفينتان حربيان أخريان «يو اس اس فيليبين سي» والمدمرة «يوس اس اس تراكستون». وقال «إن الوجود البحري الأمريكي في الخليج لايزال يدعم التزاماتنا الطويلة الأمد بأمن واستقرار المنطقة».