أكد رئيس المجلس الأعلى للقضاء المستشار سالم الكواري، أن السلطة القضائية تتقدم باقي السلطات بالاختصاص ولا تعلوها أو تقل عنها، لافتاً إلى أن القاضي يجب أن يكون نقياً من أية شائبة سياسية أو طائفية أو فئوية.
وقال الكواري لدى رعايته حفل انتهاء العام القضائي 2013 ـ 2014، بحضور وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة «ليس كل دارس للقانون صالحاً ليكون قاضياً بل هي ملكة تخلق مع الفرد أو تكتسب».
وأضاف «الثقافة والسلوك عناصر لابد منها، إلى جانب الكرامة للمتقاضين ولأطراف الخصومة»، مردفاً «لا يقبل أي منتسب للسلطة القضائية أن يسيء أحد أبنائه إليها مهنياً أو سلوكياً».
من جانبه اعتبر النائب العام د.علي بن فضل البوعينين، القاضي عصب المنظومة القضائية ومحركها الرئيس، عاداً محاكمة منسوبي الأمن المتجاوزين لحدود وظيفتهم دليلاً على سياسة بحرينية عادلة في مجال حقوق الإنسان.
وعدّ الكواري، السلطة القضائية صمام أمان المجتمع وضمان قيام باقي السلطات، لافتاً إلى أن نقاء العمل القضائي من أي شائبة سياسية أوطائفية أوفئوية يعتبر أهم مخرجات عمل القاضي.
وقال «نجتمع اليوم لا للاحتفاء بنهاية العام القضائي فقط، بل لتجديد العزم والثقة أن يكون العام القضائي المقبل أكثر إنجازاً وأعلى رفعة للسلطة القضائية وأفرادها»، معرباً عن شكره لكل فرد من أفراد السلطة القضائية لجهودهم خلال العام القضائي، وتعاملهم مع كل المستجدات بروح المحب لهذه الأرض وأهلها والمقدر لدور السلطة القضائية.
وأعرب الكواري عن شكره لوزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، لما قدمه إلى السلطة القضائية تأكيداً وتفعيلاً لاستقلالها، وكل منتسبي وزارة العدل لما بذلوه بروح عالية حريصة على أن تأخذ السلطة القضائية مكانتها اللائقة.
وأشار إلى مصطلح السلطة القضائية باعتباره القضاء الجالس، وأعضاء النيابة العامة، وقال إن هذه السلطة بصفة خاصة في البحرين كان لها وجود منذ عام 1783.
وأوضح أن السلطة السياسية في ذاك التاريخ اندمج فيها التشريع والتنفيذ، بينما كان القضاء حاضراً في شخص شيخ الدين ممثلاً للسلطة القضائية سواء في جانب الأحوال الشخصية أو القضايا المتصلة بالديون، لافتاً إلى المفهوم الحديث لعناصر الدولة حيث تعتبر السلطة القضائية فيه صمام الأمان للمجتمع ولضمان قيام باقي السلطات من خلال دورها المحدد دستورياً.
وأضاف «من هذا المنطلق لا يجوز أن تكون السلطة القضائية في مكانة أقل من السلطات الأخرى أو تعلوها، وإنما تتساوى معها وتتقدمها في الاختصاص، فالسلطة التنفيذية تنفذ والسلطة التشريعية تؤدي مهام التشريع، والسلطة القضائية تنفذ وتشرع وتحسم النزاعات، ولا تقوم السلطة وهي كيان معنوي إلا بالعنصر البشري وهو القاضي، باعتباره الجانب البشري لهذه السلطة فهو سيد على منصته والقانون سيد الجميع».
وأكد أن أهم ما تعتز به السلطة القضائية وتمنحها المكانة هو الاختيار السليم للقاضي، موضحاً «ليس كل دارس للقانون صالحاً أن يكون قاضياً، بل هي ملكة تخلق مع الفرد أو تكتسب، فإن لم تتوفر هذه الملكة اهتزت مكانة السلطة القضائية، فالعلم والثقافة والسلوك والكرامة عناصر لابد منها، فإن الكرامة للمتقاضين ولأطراف الخصومة بمقدمة هذه الأمور».
وتساءل «ما قيمة الحق إذا سلبت الكرامة؟ وما قيمة العدالة إذا أهين المتقاضي؟ وما قيمة القاضي إن لم يكن محترماً أمام الآخرين ومطبقاً للقانون على نفسه أولاً ليطبقه مرتاح الضمير على غيره؟».
وأكد الكواري أن نقاء العمل القضائي من أهم مخرجات عمل القاضي، وقال «إن لم يكن نقياً من أية شائبة سياسية أو طائفية أو فئوية كان مشوباً، وعمل القاضي هو رسالة في يد كل متقاض في محيطه الاجتماعي إما سلبياً أو إيجابياً، فإن كان سلباً أسهم القاضي في الإساءة للسلطة القضائية، وإن كان إيجاباً رفع مكانتها في المجتمع ومنحها الاحترام، وكان إعلاناً للاطمئنان واستتباباً للأمن الاجتماعي، ولا يقبل أي منتسب للسلطة القضائية أن يكون من بين أبنائه من يسيء للسلطة القضائية مهنياً أو سلوكياً».
من جانبه استعرض النائب العام نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء د.علي البوعينين، منجزات العام القضائي والمكتسبات المحققة خلال هذا العام، مؤكداً أن القضاء يكتب تاريخه من خلال أحكامه العادلة وأفكاره المستنيرة الثاقبة.
وأعرب عن شكره لما بذله القضاء من جهد مشكور وعطاء موفور، يستحق كل تقدير وثناء، مثنياً على رئيس المحكمة الدستورية الشيخ خليفة بن راشد بن عبد الله آل خليفة، صاحب الفضل في تنظيم الاحتفال السنوي، وأول من دعا له وحرص على استمراريته طوال فترة وجوده نائباً لرئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس محكمة التمييز الأسبق.
وأكد البوعينين أن القاضي هو عصب المنظومة القضائية ومحركها الرئيس، لافتاً إلى أن تطوير منظومة القضاء تبدأ من القاضي نفسه، عبر تذليل كل ما يقابله من عقبات، وجعله متفرغاً لأداء رسالته لا يشغله غيرها.
وقال «عملنا جاهدين على تحقيق ذلك، وكانت بواكير تلك النتائج صدور قانون استقلال السلطة القضائية، وتبعية القضاة وأعضاء النيابة العامة للمجلس الأعلى للقضاء، واستقلالهم عن الجهاز التنفيذي، بما يحقق لهم تميزاً يليق بمقامهم ووضعهم الاجتماعي، وما تلاه من صدور جداول مستقلة للرواتب واستقلال بالميزانية».
وأضاف «هذه القرارات شملت إقرار واعتماد اللائحة المنظمة لشؤون القضاة وأعضاء النيابة العامة، وكان من أول وأبرز نتائجها حركة الترقيات العامة الأكبر في تاريخ القضاء البحريني، ووضع قواعد عامة ومجردة للترقي فيما بعد، بعد أن كانت من قبل غير محكومة بقواعد ثابتة ومواعيد محددة، حتى يعلم كل قاض موعد ترقيته القادمة فتطمئن نفسه، ولا يدور في دائرة الترقب للمجهول، وانتظار ما عسى أن يكون دون أن يعلم له وقت أو زمان، يستوي في تلك القواعد جميع القضاة وأعضاء النيابة العامة». وأكد النائب العام أن ما تحقق كان طفرة مميزة، ونقلة نوعية فارقة، مستدركاً «لكن كل ما تحقق ليس نهاية المسيرة لكل ما يتمناه أعضاء المجلس وما يستحقونه ويتفق ورسالتهم، وما يجب أن يكون عليه القضاء البحريني».
وشدد على أن المجلس مستمر على العهد بلا انقطاع أو تراخٍ، وبكافة السبل المتاحة أمامه على إقرار باقي بنود اللائحة، بما يحقق الخير الوفير في المستقبل القريب.
وحول العمل داخل النيابة العامة، أكد النائب العام أنها تسعى دوماً إلى تطوير أدائها سواء على الجانب الفني أو التقني والإداري، حيث عملت النيابة العامة على عقد وتنظيم العديد من الندوات والمحاضرات لأعضائها واستقدام المميزين من الخبراء الدوليين في المجالات كافة.
ولفت إلى أن النيابة أولت مجال التدريب رعاية خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان، على ضوء البروتوكولات الدولية بهدف زيادة كفاءة أعضائها ومسايرتها لكل ما هو حديث عالمياً في هذا المجال، ونظمت في مستهل العام الجاري دورة تدريبية في القانون الدولي ومتطلبات التحقيق في الجرائم الماسة بحقوق الإنسان والمحاكم الدولية، حاضر فيها مجموعة من أبرز الخبراء العالميين في القانون الدولي والعاملين في المحاكم الدولية.
وأضاف «حرص على المشاركة في الدورة لأهميتها، ممثلين عن وزارات الداخلية والخارجية والعدل، بينما أوفدت النيابة عدداً كبيراً من أعضائها للمشاركة بمؤتمرات وندوات خارجية لتحقيق هذا الغرض، ولم يقتصر ذلك على أعضاء النيابة العامة فقط، ولكنه تعداه إلى معاونيهم من القائمين على العمل الإداري، لما يؤدونه من دور فاعل في معاونة الأعضاء وأداء رسالة النيابة العامة».
وأشاد النائب العام بإنجاز وحدة التحقيق الخاصة المستقلة لعدد كبير من القضايا وإحالتها للمحاكم وصدور أحكام فيها بالإدانة، بحق عدد كبير من منتسبي الأمن ممن تجاوزوا حدود وظيفتهم، ما كان له بالغ الأثر في إضفاء المصداقية على ما تنتهجه البحرين من سياسة عادلة في مجال حقوق الإنسان، لدى المنظمات العاملة في ذلك المجال، والإشادة بتلك التجربة.
وأعرب البوعينين عن أمنياته لأن يكون العام المقبل أفضل، فيما توجه بالشكر والتقدير لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء، وقال «صدقتم الله فيه فيما عاهدتموه عليه فجعلتم ضمائركم الرقيب عليكم، واتخذتم من خشيته وتقواه مبدأ تعملون من أجله، ولإعلاء كلمته في أرضه هدف تسعون إليه، فصدق فيكم وعده، ولعل أعظم الأجر دعوة مظلوم لقاضٍ رفع الظلم عنه ورد إليه حقه».
وتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة القاضي بمحكمة التمييز، ورئيس محكمة الاستئناف العليا الشرعية السنية القاضي الشيخ إبراهيم بن عبداللطيف السعد، والقاضي الشيخ سعيد محسن العريبي بالمحكمة الشرعية الجعفرية، على عطائهم بعد مسيرة حافلة على منصة القضاء قدموا خلالها كامل جهدهم، وخلاصة خبراتهم لتشهد لهم ساحات المحاكم بالفضل والعرفان.
وكرم وزير العدل والكواري والبوعينين في نهاية الحفل، القضاة الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة القاضي بمحكمة التمييز، ورئيس محكمة الاستئناف العليا الشرعية السنية القاضي الشيخ إبراهيم بن عبداللطيف السعد، والقاضي الشيخ سعيد محسن العريبي.