بغداد - (وكالات): أكد محللون أن الأخطاء التي شابت السياسات الأمنية لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى جانب طائفيته، وسعيه لتهميش السنة، إضافة إلى عوامل داخلية وخارجية أخرى، أبرزها النزاع في سوريا المجاورة، تقف وراء التدهور الأمني الكبير الذي يعيشه العراق منذ أسبوع. وسعى المالكي منذ توليه السلطة في العراق إلى اعتماد سياسة تهميش بحق السنة والسيطرة على الحكم ودفع البلاد نحو نظام ديكتاتوري، بينما يصر رئيس الوزراء الشيعي على أنه يعمل منذ ولايته الأولى عام 2006 على إعادة الأمن لبلاد تمزقها النزاعات منذ عقود. ويضع الهجوم الذي تشنه فصائل عراقية مسلحة بينها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»، إلى جانب تنظيمات أخرى، وعناصر في حزب البعث المنحل، المالكي أمام أحد أكبر تحديات سنوات حكمه الثماني، في وقت يسعى للحصول على ولاية ثالثة. وقال المحللون إن السياسات الأمنية لرئيس الوزراء، القائد الأعلى للقوات المسلحة والذي يتولى أيضاً إدارة وزارتي الداخلية والدفاع، اقترنت بالعديد من الأخطاء على مدار ولايتيه. وأوضح المحلل الأمني الأمريكي والخبير في شؤون العراق كيرك سويل أن المالكي «قام بتعيين كل الضباط رفيعي المستوى الذين يخدمون في الجيش حالياً، ما يجعله يتحمل بشكل ما المسؤولية عن مسائل شائكة مثل الاعتقالات غير القانونية والتعذيب والرشوة».
واعتبر الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أنطوني كوردسمان أن المالكي «أمضى السنوات الأخيرة وهو يعين الموالين له في القيادة» العسكرية. وأضاف أن رئيس الوزراء استعان بهذه القوات «حتى يقمع المعارضة السنية»، في إشارة إلى مهاجمة هذه القوات لمواقع اعتصام معارضة للحكومة، وأبرزها اعتصام قضاء الحويجة غرب كركوك، شمال البلاد في ابريل 2013 في عملية قتل فيها 50 شخصاً. وشنت القوات الأمنية أيضاً عمليات اعتقال واسعة في مناطق تسكنها غالبيات من السنة، حيث أوقفت العشرات من المواطنين علماً بأنها عادة ما تكون تهدف إلى اعتقال عدد معين من الأشخاص. وقال كوردسمان إن «النتيجة النهائية كانت تحويل القوات الأمنية إلى بنية عسكرية غير فعالة وإلى دفعها نحو خسارة جزء كبير من أخلاقياتها».
وبدت القوات الحكومية عند انطلاق هجوم المسلحين في محافظة نينوى قبل أسبوع، ضعيفة تفتقد للكفاءة والانضباط، حيث تراجعت هذه القوات سريعاً أمام زحف مئات المسلحين، تاركة خلفها الأعتدة والأسلحة والآليات، وحتى ملابسها العسكرية وقد رميت على الأرض.
إلا أن هذه القوات التي لا تحظى بقبولية المدن السنية حيث تتهمها باتباع استراتيجية طائفية، والتي يبلغ عديد عناصرها نحو مليون عسكري وشرطي، بدأت في اليومين الأخيرين تستوعب الضربة القوية التي تلقتها في بداية الهجوم الكاسح، وتحاول استعادة زمام المبادرة العسكرية. وتسكن غالبيات سنية معظم المناطق التي يسيطر عليها حالياً المسلحون، وأهمها الموصل شمال بغداد مركز محافظة نينوى، وتكريت شمال بغداد، مركز محافظة صلاح الدين، إضافة إلى مدينة الفلوجة غرب بغداد التي خرجت عن سيطرة الدولة في بداية العام الجاري.
ولعب تهميش السنة على يد الشيعة دوراً أساسياً في ارتفاع معدلات أعمال العنف اليومية في البلاد على مدار الأشهر الـ18 الأخيرة، حيث مهدت الطريق أمام التنظيمات الجهادية لتجنيد المسلحين وحدت من تعاون السنة مع القوات الأمنية.
ورأى المحلل والخبير الأمني في مجموعة «إي كي إيه» الاستشارية الأمنية البريطانية جون دريك أنه كان يتوجب على المالكي أن يدمج قوات الصحوة السنية التي قاتلت في السابق تنظيم القاعدة وحلفائه في القوات الأمنية. وذكر أن الإقدام على هذه الخطوة «كان سيساهم في إيجاد فرص عمل تشجع المجتمع السني على الاعتماد على الدولة العراقية». وأضاف أنه كان يتوجب على المالكي تعزيز الحوار مع الجميع وبينهم زعماء العشائر في المنطقة الوسطى بهدف التوصل إلى تفاهمات مشتركة».