رفض التجمع القومي الديمقراطي، إضفاء صفة الإرهاب على الثورة الشعبية التي تفجرت في بعض محافظات العراق، معرباً التجمع عن إدانته لكافة القوى التكفيرية والإرهابية وأعمالها الإجرامية التي تسعى من خلالها لتحريفها عن أهدافها الوطنية المشروعة، بمن فيها ما يسمى بداعش أو غيرها التي يسعى إعلام حكومة المالكي وأعوانه إلى تضخيم دورها من أجل بث الرعب بين الناس وتخويفهم وإجهاض هذه الثورة الشعبية.
وشدد التجمع القومي في بيان له أمس، على ضرورة بقاء الثورة الشعبية في العراق مشدودة لأهدافها الوطنية المشروعة في القضاء على بقايا الاحتلال والحكم الطائفي الفاسد والمتسلط على رقاب الشعب مع رفض كافة أشكال الاحتراب الطائفي، داعياً كافة القوى المشاركة في الثورة لإعلان حرمة الدم العراقي في كل الظروف والأحوال، ورفض كافة دعوات الاقتتال الطائفي واستثارة النعرات الطائفية، وإعلان تمسكها بوحدة التراب العراقي ورفض التقسيم بكل عناوينه.
وقال التجمع القومي إن الأحداث المتسارعة الجارية في القطر العراقي الشقيق، والثورة الشعبية التي تفجرت في بعض المحافظات خصوصاً نينوى وصلاح الدين والأنبار، لتؤكد على سلامة موقف التجمع القومي مما يجري في هذا البلد العربي والذي أكدنا عليه وتمسكنا به منذ احتلاله العام 2003.
وأضاف أن الحقيقة الأولى والجوهرية التي لم تكن يوماً غائبة عن إيماننا ووعينا وهي أن احتلال العراق العام 2003 من قبل القوات الأمريكية الغازية والإجهاز على الدولة الوطنية العراقية بما تمثله من مشروع وطني وقومي وتقدمي، كان عملية انقضاض استعماري صهيوني على الفكر الوطني والقومي بعمقه الروحي والحضاري باعتباره الإطار الموحد لكل مكونات الأمة الدينية والعرقية والمذهبية، وأن تدميره على يد الغزاة المجرمين قد جعل الأبواب مشرعة أمام كل نزاعات التقسيم والإرهاب والاحتراب الأهلي، وإطلاق العنان لكل الغرائز والأحقاد المدمرة. لقد كان احتلال العراق قراراً صهيونياً بأداة تنفيذ أمريكية وقوى طائفية مدفوعة بشهوات جامحة للثأر والانتقام وتصفية الحسابات، خصوصاً التصفيات الدموية، الأمر الذي حول العراق إلى ساحة من ساحات الإرهاب والقتل على الهوية.
وتابع التجمع القومي الديمقراطي أن الشعب العراقي وعلى اختلاف طوائفه ودياناته وقومياته عانى ومنذ الاحتلال من شتى صنوف القمع والتصفيات الدموية والفقر والتهميش والإقصاء في ظل حكم أحزاب طائفية مقيتة مزدوجة العمالة والارتهان للخارج، عملت كل ما في وسعها على سرقة ثروات وخيرات العراق وتدمير مقدراته، وكرست عبر دستور بريمر المحاصصة الطائفية، وفتحت الباب واسعاً أمام الهيمنة الإيرانية الفعلية على مقدرات العراق بالتنسيق مع الاحتلال الأمريكي، وهو تنسيق يتجدد اليوم بعد التطورات الراهنة. لذلك، فإن الشعب العراقي ومقاومته الباسلة وبعد أن نجحا في فرض الانسحاب الأمريكي العام 2009، واصلا مقاومتهما من أجل إنهاء الحكم الطائفي والمرتهن للخارج والسارق لثروات وخيرات البلد. وإزاء استمرار وتراكم كافة أشكال القمع والإرهاب والفقر والتهميش والفساد التي تمارسها حكومة المالكي وتفشيها بين كافة طوائف وشرائح الشعب، كان لا بد أن تتفجر ثورة شعبية عارمة، حيث انتفض أبناء العشائر متلاحمين مع فصائل المقاومة الوطنية والقومية والإسلامية لمواجهة الظلم والحرمان والتصدي لنزاعات التسلط والاستبداد الذي يتعرض له شعب العراق في كافة المحافظات ورأينا كيف انهارت قوات الجيش أمام غضب ثورة الشعب وهروبها من المواجهة، ليس خوفاً أو جبنا وإنما لأنها قد لا تشعر بوجود قضية وطنية تدافع عنها في هذه المعارك.
وأكد رفضه التام للتدخلات الخارجية بكافة أشكالها خصوصاً التهديدات الأمريكية والإيرانية للتدخل في شؤون العراق الداخلية خصوصاً بعد أن سارع المالكي وأعوانه بالاستنجاد بهما كاشفاً حقيقة عمالته المزدوجة وهشاشة حكمه. كما ندين في الوقت نفسه محاولات تحويل العراق إلى ساحة لصراع القوى الإقليمية وتصفية الحسابات على حساب سفك الدم العراقي وتعميق جراحاته وآلامه وتضحياته.
وعبر التجمع القومي عن يقينه بأن الشعب العراقي الذي قاوم الاحتلال والظلم والظلام لن يخضع يوماً للإرهاب، وأنه لن يساوم على نقاء ووطنية ثورته ومقاومته، وأنه لن يتخلى عن نضاله لانتزاع حقوقه المشروعة التي اغتصبها وانتهكها الاحتلال وحكوماته المتعاقبة وأن مسيرة الثورة لن تتوقف وستستمر وتتواصل الآن وفي المستقبل حتى إعادة العراق إلى وضعه الطبيعي، عراق حر عربي متسامح وموحد يتسع لجميع الأديان والطوائف والقوميات، قائم على حكم الشعب التعددي الديمقراطي الحر المستقل الذي لا مكان فيه للحكم الشمولي والإقصاء والتمييز والتسلط والتفرد، وبما يمكنه من استئناف ممارسة دوره الوطني والقومي والإنساني والحضاري.